اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الوطن
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
عندما قررت «أوبك+» زيادة الإنتاج بأكثر من 0.5 مليون برميل يوميًا، مقارنة بالكمية المتوقعة البالغة 0.4 مليون برميل يوميًا، وبقرارها تعديل تخفيضاتها الطوعية قبل الموعد المتوقع، تُثبت السعودية أنها لا تزال الدولة الوحيدة القادرة على توجيه توازن السوق العالمية كما تشاء.
يرتكز هذا الوضع الفريد، الذي ترسخت جذوره على مدى عقود، على 3 ركائز لا يضاهيها أي منتج آخر.
منتج ضخم بتكاليف خاضعة للرقابة googletag.cmd.push(function() { googletag.display(div-gpt-ad-1705566205785-0); });
السعودية ليست مجرد منتج رئيسي، بل هي المنتج الأكثر متانة هيكليًا في نظام النفط العالمي. بكميات إنتاج تتراوح بين 10 و11 مليون برميل يوميًا، وطاقة إنتاجية قابلة للاستخدام تصل إلى 12.5 مليون برميل، فهي تُضاهي الولايات المتحدة من حيث التدفقات. لكن المقارنة تتوقف عند هذا الحد: فمتوسط تكلفة استخراجها يتراوح بين 3 و6 دولارات للبرميل، مقارنةً بمتوسط تكلفة استخراج النفط الصخري الأمريكي الذي يتراوح بين 50 و60 دولارًا.
هذا الفارق ليس تفصيلاً، بل يجعل السعودية من الدول القليلة القادرة على الصمود في وجه أي حرب أسعار. عندما أرادت الرياض استعادة السيطرة على السوق في عامي 2014 و2020، استطاعت إغراق العالم بالنفط الخام مع الحفاظ على ربحيتها؛ بينما انهارت شركات أخرى.
هذه الميزة ليست دورية، بل تستند إلى الجودة الاستثنائية للحقول (الغوار، السفانية)، وكثافة شبكة التجميع، وسلسلة القيمة المتكاملة التي تشرف عليها أرامكو السعودية.
هذا النموذج الصناعي، الذي أُتقن منذ سبعينيات القرن الماضي، مكّن المملكة من الحفاظ على موقع دفاعي دون إضعاف هوامش ربحها. إنها ليست مجرد طاقة خام، بل طاقة مستقرة.
القدرة على التكيف
وفقا للمحللين فإن الورقة الرابحة الثانية للرياض هي قدرتها على التكيف، فالسعودية هي الدولة الوحيدة القادرة على تغيير إنتاجها من مليون إلى مليوني برميل يوميًا في غضون أسابيع، دون أي صدمات لوجستية أو إشارات سياسية فوضوية.
هذه المرونة، المعروفة باسم «الطاقة الإنتاجية المتأرجحة»، هي عصب نظام «أوبك+»، فهي تسمح للرياض بتغطية أي نقص في الإنتاج (مثل الناتج عن العقوبات المفروضة على إيران أو روسيا)، ولكنها تسمح أيضًا بتقييد العرض فجأةً لرفع الأسعار. لا يمكن لأي دولة أخرى - ولا حتى الولايات المتحدة بإنتاجها الخاص - أن تنافس.
ويقول مانويل مالكي وهو باحث اقتصادي في مجموعة «إدموند دي روتشيلد»، إن السبب وراء ذلك يعود لأن الإدارة السعودية مبنية على مبدأ الانتظام.
وأضاف «تُستغل حقول النفط بمرونة، دون إجهاد جيولوجي مفرط. والهدف واضح وهو الحفاظ على إنتاجية الحقول مع الحفاظ على القدرة على التسارع في أي لحظة. هذه السيطرة هي التي تُمكّن الرياض من أن تكون لها الكلمة الفصل في جميع مفاوضات أوبك+. حتى لو تردد الأعضاء الآخرون، فإن السعودية هي من تُعدّل وتُعوّض».
سياسة تخزين استثنائية
البعد الثالث للقوة السعودية، الذي غالبًا ما يتم التقليل من شأنه، هو تعقيد سياسة التخزين الخاصة بها. تمتلك المملكة شبكة من الخزانات الاستراتيجية - في رأس تنورة وبقيق وينبع - والتي يمكنها تخزين نحو 80 مليون برميل يوميًا وقادرة على استيعاب أو إطلاق عشرات الملايين من البراميل في غضون أيام قليلة.
منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تقوم شركة أرامكو، ببناء شبكة تخزين بحرية في مراكز رئيسية: روتردام وسيدي كرير وأوكيناوا، وأحيانًا حتى الصين. والأفضل من ذلك، أن المملكة تستخدم أيضًا التخزين العائم، مما يؤدي إلى تثبيت ناقلات النفط العملاقة المحملة مؤقتًا، جاهزة لإعادة توجيهها إلى الأسواق الأكثر ربحية. ويقال إن هذا النظام يمثل نحو 100 مليون برميل ويسمح للرياض بالحفاظ على إنتاجها دون زيادة الصادرات بشكل مصطنع، من خلال إعادة توجيه الكميات مؤقتًا إلى مخزوناتها الخاصة.
بخفض الصادرات مع الحفاظ على الإنتاج، تتمكن الرياض من رفع الأسعار دون المساس بقدرتها الإنتاجية. إنها لا تغلق أبواب الفيضان، بل تُحوّل مساره. إذا كانت هناك حاجة للنفط، فهو موجود بالفعل، في البحر أو في المخازن.
هذه السياسة تُمكّنها أيضًا من الاستجابة بشكل أسرع من أي جهة أخرى: فعندما يحتاج عميل في آسيا شحنة، لا تضطر أرامكو للانتظار 20 يومًا. فالبراميل على بُعد ثلاثة أيام إبحار. إنها لوجستيات عسكرية، لكنها في خدمة السوق.
عوامل تميز السعودية في أسواق النفط
- الهيكل الاستراتيجي الشامل الذي تعتمده.
- سعر تكلفة لا يُضاهى وإمكانية مرونة فورية.
- نظام تخزين يضمن استمرارية هذه المرونة.
- لا يجمع أي منتج آخر ولا حتى الولايات المتحدة أو روسيا هذه الأبعاد الثلاثة.