اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الرياض - الثقافي
صدر عن الكاتب والمفكر عبدالعزيز إسماعيل داغستاني كتابه الجديد «من عفو الخاطر»، في نحو 130 صفحة من القطع المتوسط، وهو عمل أدبي وفكري يجمع بين العفوية في التعبير وعمق التأمل في المعاني الإنسانية، بطباعةٍ خاصة غير مخصصة للبيع.
الكتاب الذي قدّم له الدكتور عثمان ياسين الروَّاف، يأتي امتدادًا لتجربة الكاتب في تقديم نصوص قصيرة ذات بعد إنساني وفكري، تعالج قضايا الحياة اليومية، والأخلاق، والاقتصاد، والعلاقات الاجتماعية، بلغةٍ رصينة تجمع بين دفء الشعور ودقة الفكرة.
ويؤكد داغستاني في مقدمة كتابه أن «من عفو الخاطر» هو تجسيد لفكرة الكتابة العفوية التي لا تخضع لتخطيط أو إعداد مسبق، إذ كتب خواطره لحظة معايشتها، وتركها تعبّر عن أفكاره ومشاعره وتجاربه دون تنقيح أو تهذيب، لتصل إلى القارئ بصدقها الأول كما وُلدت من الخاطر. ويضيف أن الكتابة عنده ليست تمرينًا لغويًا بقدر ما هي تجلٍّ وجداني وفكري ينبع من لحظة صدقٍ مع الذات، تهدف إلى حفظ أثر الكلمة وبقاء المعنى في الذاكرة الإنسانية.
وفي تقديمه للكتاب، وصف الدكتور عثمان الرواف مؤلف «من عفو الخاطر» بأنه أحد الأصوات الأدبية المتميزة التي تمزج بين الثقافة الاقتصادية والفكر الإنساني واللغة الأدبية، مشبّهًا قراءة الكتاب بـ»الاستماع إلى موسيقى خفيفة تريح النفس بعد يومٍ طويل من عناء الحياة». وأشار إلى أن داغستاني يقدّم نموذجًا للكتابة التي تجمع بين الفكر والروح، والعمق والبساطة، والصدق والتلقائية، لتصنع من الخاطرة مساحة فكرية وتأملية تستحق الوقوف عندها.
ويتنقّل الكتاب بين مجموعة واسعة من الخواطر التي تلامس قضايا إنسانية متعددة؛ منها الأخلاق كركيزة للعلاقات البشرية، وفلسفة السعادة، ومراقبة النفس، وإصلاح الذات، ومعاني الكرامة، وأهمية الحضور الوجداني في الحياة، إضافة إلى تأملات في قضايا اقتصادية واجتماعية يقدّمها الكاتب من منظور إنساني متزن، يربط بين الاقتصاد والسلوك، والعلم والقيم.
كما يعرض داغستاني في بعض نصوصه رؤيته حول التوازن بين الوقت والمال بوصفهما عنصرين متكاملين في حياة الإنسان، ويطرح خواطر عن التواصل الإنساني في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، محذرًا من انحسار العلاقات المباشرة وفقدان الدفء الإنساني في ظل هيمنة العالم الرقمي، داعيًا إلى العودة إلى «الماضي الجميل» حيث كان التواصل وجهاً لوجه يحمل معنى الألفة والصدق.
ويتضمّن الكتاب أيضًا إشارات فكرية تقترب من فلسفة الحياة اليومية، إذ يربط الكاتب بين إصلاح الذات ومحاسبة النفس ومراقبة السلوك باعتبارها خطوات نحو الطمأنينة، ويرى أن الخاطرة يمكن أن تكون وسيلة لإعادة ترتيب الفوضى الداخلية، وتحويل التجربة الشخصية إلى معنى إنساني مشترك.
ويتميز أسلوب داغستاني بلغةٍ أدبيةٍ أنيقةٍ مشحونة بالصدق، تجمع بين النثر التأملي واللمسة الشعرية، حيث تتحرك عباراته بخفة ورصانة في آنٍ واحد، لتلامس القارئ فكريًا ووجدانيًا. وتظهر في كتابه قدرة لافتة على تحويل التجربة الخاصة إلى فكرة عامة، وعلى جعل التفاصيل الصغيرة مدخلًا لاكتشاف المعاني الكبرى في الحياة.
ويُعد هذا الكتاب إضافة جديدة إلى سلسلة من الكتب الصغيرة التي أصدرها الكاتب خلال مسيرته، والتي عُرفت بعمقها الإنساني وسهولة قراءتها، حتى أصبحت، كما وصفها الدكتور الرواف، «نموذجًا للقراءة الخفيفة الممتعة والمريحة».
بهذا الإصدار، يواصل عبدالعزيز داغستاني مشروعه الأدبي والفكري القائم على تجديد فن الخاطرة العربية وإعادتها إلى دائرة الضوء، بوصفها مساحة حرة للتعبير الإنساني والتأمل العقلي، ولغة تجمع بين البساطة والعمق، والعقل والقلب، في آنٍ واحد، لتجعل من «من عفو الخاطر» كتابًا يقرؤه القارئ بعينه ويشعر به بقلبه.










































