اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٤ أيلول ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
- يبلغ حجم سوق إدارة المرافق حالياً نحو 180 مليار ريال سعودي (48 مليار دولار)
- بات القطاع يشكل ركيزة أساسية للتحول العمراني والرقمي
يتحول قطاع إدارة المرافق في المملكة العربية السعودية من نشاط خدمي تقليدي يقتصر على أعمال الصيانة والتنظيف والحراسة، إلى صناعة استراتيجية ترتبط بشكل مباشر بمشاريع التنمية الكبرى ورؤية 2030.
هذا التغير السريع يعكس مساعي المملكة لتبني أنظمة أكثر ذكاءً وفعالية لإدارة الأصول الحكومية والخاصة، بما في ذلك المباني التجارية، والجامعات، والمستشفيات، والمطارات، والمشاريع السياحية.
وبات القطاع يشكل ركيزة أساسية للتحول العمراني والرقمي، حيث لم يعد يُنظر إليه كمجرد خدمات لوجستية، بل كمنظومة متكاملة لإدارة الأصول، تتيح فرصاً استثمارية للشركات المحلية والدولية، وتوفر آلاف الوظائف الجديدة.
48 مليار دولار
شهدت الرياض في الـ24 من أغسطس 2025 المؤتمر والمعرض الدولي للمرافق تحت شعار 'ذكاء المرافق'، بمشاركة مئات الشركات المحلية والعالمية. وقد أكد وزير الشؤون البلدية والإسكان ماجد الحقيل، في كلمته الافتتاحية، أن المملكة تقود مسيرة التحول نحو قطاع مرافق متطور، قادر على مواكبة مشاريعها العملاقة وضمان استدامتها.
وأضاف أن المؤتمر يشكل منصة لعرض أحدث الحلول الذكية في إدارة المباني، بما في ذلك تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وأنظمة المراقبة والتحكم، مؤكداً أن السوق السعودي بات وجهة رئيسية للشركات العالمية الباحثة عن فرص في المنطقة.
ويبلغ حجم سوق إدارة المرافق حالياً نحو 180 مليار ريال سعودي (48 مليار دولار)، وفق بيانات وزارة الشؤون البلدية والإسكان، وسط توقعات رسمية بأن يسجل نمواً سنوياً يتجاوز 7% حتى عام 2030.
ويأتي هذا النمو مدفوعاً بتوسع غير مسبوق في المشاريع الضخمة مثل 'نيوم'، و'مشروع البحر الأحمر'، و'القدية'، إلى جانب مشروعات الطاقة والبنية التحتية.
وخلال فعاليات المؤتمر، جرى توقيع عدة اتفاقيات شراكة بين جهات حكومية وشركات دولية في مجالات الطاقة المتجددة، وإدارة المدن الذكية، وخدمات الصيانة المستدامة، ما يعكس اهتماماً متزايداً بقطاع يُنظر إليه باعتباره أحد محركات الاقتصاد الجديد.
السياق المؤسسي
من أجل تنظيم هذا القطاع سريع النمو، أنشأت الحكومة السعودية البرنامج الوطني لإدارة المرافق، الهادف إلى وضع معايير موحدة وضمان جودة الخدمات، وتسهيل دخول الشركات إلى السوق.
ويركز البرنامج على التحول من النموذج التقليدي القائم على العقود الجزئية إلى نموذج متكامل لإدارة الأصول والمرافق، كما جرى ربط إدارة المرافق برؤية 2030 عبر إدخال معايير الاستدامة وكفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وأصبح مفهوم 'إدارة الأصول' حاضراً بقوة في خطط الوزارات والهيئات الحكومية، من التعليم والصحة إلى النقل والطيران، بما يضمن الاستفادة القصوى من البنية التحتية الحديثة.
وحتى منتصف العقد الماضي، كان قطاع المرافق في المملكة موزعاً بين شركات صغيرة تقدم خدمات متفرقة، ولم يكن هناك إطار تنظيمي موحد أو معايير قياسية للجودة، ما جعل القطاع محدود الأثر.
لكن مع إطلاق رؤية 2030، أعيد النظر في هذا الملف ليصبح جزءاً من استراتيجية التحول الوطني، فقد شهدت السنوات الأخيرة دخول شركات سعودية متخصصة بدأت تنافس إقليمياً، إلى جانب استقطاب شركات عالمية لديها خبرة في إدارة المدن الكبرى والمطارات.
فرصة استثمارية
يشكل القطاع فرصة استثمارية ضخمة من الناحية الاقتصادية، إذ يتوقع أن يتجاوز حجمه 250 مليار ريال سعودي (66.6 مليار دولار) بحلول 2030، فيما يُنتظر أن يساهم بشكل مباشر في الناتج المحلي، خصوصاً مع توجه الحكومة لخصخصة أجزاء من خدمات المرافق وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
كما يتيح القطاع فرصاً لتطوير خدمات التمويل المبتكر، مثل عقود إدارة المرافق طويلة الأجل، التي تضمن استقرار العوائد للمستثمرين، وتفتح المجال أمام صناديق الاستثمار العقاري للدخول في السوق.
على الصعيد التقني، أصبح الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء عنصرين أساسيين في إدارة المرافق، فقد جرى إدخال أنظمة استشعار لمراقبة استهلاك الطاقة والمياه، واستخدام الطائرات بدون طيار لتفقد المباني، إضافة إلى حلول رقمية لإدارة الصيانة الوقائية.
وتسعى المملكة عبر هذه التقنيات إلى خفض استهلاك الطاقة والمياه في المباني بنسبة تصل إلى 30%، بما ينسجم مع أهداف الاستدامة والحياد الصفري بحلول 2060.
ركيزة جديدة للاقتصاد
يقول المحلل الاقتصادي محمد أحمد سلامة، إن قطاع إدارة المرافق في السعودية يمثل إحدى الركائز الجديدة للاقتصاد الوطني، إذ بات يشكل أداة رئيسية لدعم مسيرة التحول العمراني والرقمي.
ويرى سلامة أن المملكة 'أحسنت في تحويل هذا القطاع من خدمات تقليدية إلى صناعة قائمة بذاتها، قادرة على جذب الاستثمارات وخلق وظائف نوعية للمواطنين'.
ويعد قطاع إدارة المرافق أحد أسرع القطاعات نمواً في استيعاب القوى العاملة الجديدة، إذ يوفر آلاف الوظائف في مجالات فنية وهندسية وإدارية، وتشير التقديرات إلى أن نسبة 'السعودة' في هذا القطاع مرشحة للارتفاع مع برامج التدريب المتخصصة التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية.
كما يُنتظر أن يفتح المجال أمام النساء في وظائف جديدة بمجالات التصميم والإدارة التقنية والخدمات الذكية، ما يضيف بعداً اجتماعياً لهذا النمو.










































