اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
بات البرنامج يشكل أحد أبرز أدوات المملكة لتبسيط الخدمات وتخفيف الأعباء عن مئات الآلاف من الحجاج سنوياً
مع اقتراب موسم الحج لعام 2025، تتوسع المملكة العربية السعودية في تنفيذ مبادرة 'طريق مكة' التي أطلقتها قبل 8 أعوام، مستهدفة تيسير إجراءات السفر للحجاج القادمين من الخارج.
المبادرة التي بدأت بشكل محدود، باتت اليوم تشمل ثماني دول، مع انضمام المالديف هذا العام إلى قائمة الدول المستفيدة، في إطار خطة سعودية لتحويل رحلة الحج إلى تجربة رقمية متكاملة وسلسة تبدأ من مطارات الدول المستفيدة وتنتهي في مساكن الحجاج داخل المملكة.
والبرنامج الذي يندرج ضمن رؤية السعودية 2030، بات يشكل أحد أبرز أدوات المملكة لتبسيط الخدمات وتخفيف الأعباء عن مئات الآلاف من الحجاج سنوياً، عبر دمج الإجراءات الإدارية والأمنية في مطارات المغادرة، وتنسيقها مع الأنظمة السعودية قبل الوصول.
توسعة المبادرة في موسم 2025
في موسم 2025، شملت المبادرة ثماني دول هي: إندونيسيا، وباكستان، وماليزيا، والمغرب، وبنغلاديش، وتركيا، وكوت ديفوار، والمالديف، وبدأ تنفيذ البرنامج من خلال 11 مطاراً دولياً موزعاً على هذه الدول، وفق ما أفادت به الجهات الرسمية المعنية بتنفيذ المبادرة في السعودية.
وبحسب وسائل إعلام سعودية، فإن عدد المستفيدين من المبادرة يتوقع أن يصل إلى 700,000 حاج في موسم حج 2025، مقارنة بـ 322,000 حاج في موسم 2024، مما يعكس تضاعفاً في وتيرة التوسعة.
وبلغ إجمالي عدد الحجاج المستفيدين من المبادرة منذ إطلاقها أكثر من 940,000 حتى نهاية 2024، ما يجعلها واحدة من أكبر مبادرات تسهيل الحج التي تنفذها المملكة خارج حدودها.
تركز المبادرة على الحجاج القادمين من الخارج، وخاصة من الدول ذات الكثافة السكانية العالية أو تلك التي تواجه تحديات تنظيمية ولوجستية في ترتيب رحلات الحج، حيث تُعد إندونيسيا وباكستان وماليزيا من الدول التي تشهد نسباً مرتفعة من المستفيدين سنوياً، بالنظر إلى ارتفاع أعداد الحجاج من هذه البلدان ووجود بنية تحتية مؤهلة في مطاراتها لتطبيق الإجراءات التقنية والأمنية المطلوبة.
أطلقت مبادرة 'طريق مكة' عام 2017 ضمن برنامج خدمة ضيوف الرحمن، أحد أبرز برامج رؤية السعودية 2030، وتهدف إلى تسهيل إجراءات الحجاج من بلدانهم الأصلية حتى وصولهم إلى مقار سكنهم في الأراضي المقدسة.
وتعتمد المبادرة على التنسيق بين الجهات الحكومية السعودية ونظيراتها في الدول المستفيدة لتقديم سلسلة خدمات تبدأ من إصدار التأشيرة إلكترونياً، مروراً بإجراءات الجوازات والجمارك، وانتهاءً بترميز الأمتعة ونقلها مباشرة إلى سكن الحاج في المملكة.
وتشمل الخدمات المقدمة في إطار المبادرة إنهاء جميع متطلبات الدخول إلى السعودية في مطار بلد الحاج، بحيث يُعفى عند وصوله من الوقوف في طوابير الجوازات أو الجمارك أو استلام الأمتعة، ما يقلّص زمن التنقل داخل المطارات السعودية ويوفر انسيابية في الحركة.
ويتم ذلك عبر تجهيز مكاتب مخصصة لموظفي الجوازات والجمارك السعودية داخل صالات المغادرة في مطارات الدول المستفيدة.
اختيار الدول
يتم اختيار الدول بناء على مجموعة من المعايير، أبرزها الجاهزية التقنية للمطارات، ووجود شراكات تنظيمية فعالة بين الجهات الحكومية في تلك الدول ونظيراتها السعودية، إضافة إلى توافر بنية تحتية رقمية تتيح الربط الإلكتروني مع الأنظمة السعودية.
وتُحدد الجهات المعنية في السعودية، بالتنسيق مع الجهات الدبلوماسية، الدول المستهدفة سنوياً، مع إدراج دول جديدة وفقًا لتقييمات تقنية وتنظيمية مسبقة.
والمبادرة لا تفرض أي رسوم مالية على الحجاج، حيث تتحمل الجهات السعودية المعنية التكاليف التشغيلية والفنية، وتُقدم الخدمات مجاناً ضمن جهود المملكة في تحسين جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.
وتُنفذ المبادرة بتنسيق مشترك بين وزارة الداخلية السعودية، ووزارة الحج والعمرة، وهيئة الجوازات، ووزارة الخارجية، والهيئة العامة للطيران المدني، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، إلى جانب شركات الطيران الوطنية.
آلية العمل والخدمات
الخط الزمني الذي يبدأ من تسجيل الحاج في بلده مروراً بإجراءات 'طريق مكة' وصولاً إلى السعودية يكون منظماً ومترابطاً، حيث تُجمع بيانات الحاج إلكترونياً وتُرسل إلى الجهات السعودية المعنية قبل وصوله، ما يتيح تجهيز ملفه مبكراً وإنهاء المعاملات دون أي تأخير، وتُستخدم تقنيات رقمية حديثة، منها الترميز البيومتري والبصمات، لتسريع إجراءات المطابقة.
وتشير تقارير الجهات المشغلة إلى أن المبادرة ساهمت في تقليص زمن المعالجة في المطارات السعودية بنسبة تتجاوز 70%، ما انعكس إيجابياً على انسيابية حركة الحجاج داخل المطارات وعلى جودة الاستقبال والخدمات الأرضية.
كما ساعدت في تخفيف الضغط على موظفي الجوازات والجمارك، الذين يركزون حالياً على استقبال الفئات غير المشمولة بالمبادرة.
البُعد الاستراتيجي للمبادرة
من الناحية الاستراتيجية تُعتبر مبادرة 'طريق مكة' جزءاً من مساعي السعودية لتوسيع نطاق الخدمات الذكية في قطاع الحج والعمرة، وتعزيز التكامل بين الجهات الحكومية لتقديم نموذج خدمة موحد وفعال.
كما تندرج ضمن الخطط بعيدة المدى لتحويل تجربة الحج إلى تجربة رقمية بالكامل، تتيح للحاج التركيز على أداء المناسك دون معوقات إدارية أو تنظيمية.
ويُعد إدراج المالديف في موسم 2025 دلالة على التوسع التدريجي للمبادرة لتشمل دولاً إسلامية إضافية، بما في ذلك تلك التي لا تُصنف ضمن الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة، ما يعكس توجهاً نحو شمولية أوسع في تقديم الخدمة.
ويتوقع أن تُدرج دول أخرى في المواسم المقبلة مثل نيجيريا والهند ومصر، التي تُعد من الدول ذات الحضور الكبير في موسم الحج.
وتتوافق المبادرة مع أهداف السعودية لرفع عدد الحجاج والمعتمرين سنوياً، وتحقيق مستهدفات الرؤية التي تهدف إلى استضافة 30 مليون معتمر و6 ملايين حاج بحلول 2030، كما تعكس المبادرة رغبة المملكة في تقديم نموذج إداري يُحتذى به في إدارة الحشود الدينية الدولية، من خلال تسخير الحلول التقنية والخبرة التراكمية في تنظيم الحج.
تقييمات دورية
تُجري الجهات المختصة في السعودية تقييمات دورية لأداء المبادرة، وتعدل الإجراءات والآليات بناء على الملاحظات الواردة من الجهات الميدانية والمطارات المشاركة.
كما تُنفذ فرق ميدانية زيارات استباقية للمطارات في الدول المحتملة للانضمام، من أجل التأكد من توافر المتطلبات التقنية واللوجستية.
ومع ازدياد الطلب على المشاركة في المبادرة من قبل دول أخرى، تعمل السعودية على توسيع القدرات التقنية وتدريب الكوادر البشرية، إضافة إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية في مطاراتها المحلية لضمان الاستجابة لمتطلبات الأعداد المتزايدة.
ويُنتظر أن تستمر السعودية في توسيع المبادرة تدريجياً في الأعوام المقبلة، ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى جعل رحلة الحج تجربة ميسرة، ورقمية، وآمنة من لحظة الانطلاق إلى لحظة العودة.
وفي موسم 2025، أظهرت المؤشرات التشغيلية الأولية أن أكثر من 80% من الحجاج في بعض الدول المشاركة وصلوا إلى المدينة المنورة أو جدة دون الحاجة لأي إجراءات إضافية عند الوصول، ما خفض زمن الانتقال بين المطار والسكن بشكل كبير، كما نقلت أمتعتهم مباشرة إلى الفنادق أو مساكن البعثات، في إطار عملية لوجستية متكاملة، وفق ما ذكره إعلام سعودي.