اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
توصلت دراسة طبية جديدة إلى أن ما يُعرف بـ'ضباب الدماغ' الذي يعاني منه الملايين من مرضى كوفيد طويل الأمد، يرتبط بتغيرات بيولوجية ملموسة في الدماغ، أبرزها الالتهاب وضعف قدرة الدماغ على التكيف وإعادة تنظيم نفسه بعد الإصابة بالفيروس.
وبحسب ما نقلته وكالة United Press International، فإن الدراسة التي أجراها باحثون في مركز 'كوريويل هيلث' بمدينة غراند رابيدز بولاية ميشيغان، بالتعاون مع جامعة ولاية ميشيغان، رصدت تغيرات في مستويات اثنين من المركبات الكيميائية الأساسية في الدماغ، قد تكون السبب وراء هذه الأعراض.
وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تقدم دليلاً علميًا ملموسًا يُثبت صحة معاناة نحو 12 مليون أمريكي ممن يُعرفون بـ'الناجين على المدى الطويل' من كوفيد، والذين أبلغوا عن أعراض عصبية مزمنة.
اختلالات في بروتينات أساسية للدماغ
ووفقًا للدراسة، فإن المرضى الذين أبلغوا عن أعراض 'ضباب الدماغ' أظهروا مستويات مرتفعة من بروتين مضاد للالتهاب مسؤول عن تنظيم الجهاز المناعي، ومستويات منخفضة من بروتين يُدعى 'عامل نمو الأعصاب' (NGF) – وهو مركب حيوي يلعب دورًا محوريًا في مرونة الدماغ وقدرته على التكيف وإعادة بناء الاتصالات العصبية.
ويشير الباحثون إلى أن انخفاض هذا العامل قد يفسر صعوبة التركيز، بطء التفكير، ضعف الذاكرة، ومشاكل المعالجة الذهنية – وهي الأعراض التي وصفها مركز 'ييل ميديسن' بـ'ضباب الدماغ' الأشد إنهاكًا بين أعراض كوفيد طويل الأمد.
اختبارات نفسية تكشف الخلل
خضع المشاركون في الدراسة، وعددهم 17 شخصًا من المتعافين من كوفيد (بينهم 10 لا تزال تظهر عليهم أعراض بعد ستة أشهر من الإصابة)، لسلسلة من الاختبارات النفسية. وقد جاءت نتائج جميع الاختبارات ضمن الحدود الطبيعية باستثناء اختبار واحد يُعرف باختبار 'الطلاقة اللفظية'.
يوضح الدكتور مايكل لورانس، اختصاصي علم النفس العصبي وأحد المشاركين في إعداد الدراسة، أن اختبار الطلاقة يقيس القدرة التنفيذية لدى الإنسان تحت الضغط الزمني، حيث يُطلب من المشارك أن يذكر أكبر عدد ممكن من الكلمات التي تبدأ بحرف معين أو تنتمي إلى فئة محددة (كالفواكه أو الحيوانات).
ووجد الباحثون أن الإخفاق في هذا النوع من الاختبارات يشير إلى خلل في وظائف تنفيذية مهمة مثل الذاكرة واللغة، وهي أعراض تُلاحظ أيضًا في أمراض كالزهايمر والخرف الوعائي وخرف أجسام ليوي، بحسب ما تؤكده مكتبة الطب الوطنية الأميركية.
دليل مادي لأعراض مجهولة السبب
وقال الدكتور بنغت أرنتز، أحد معدّي الدراسة، إن أحد أبرز التحديات في التعامل مع كوفيد طويل الأمد كان غياب أدلة مادية تدعم شكاوى المرضى، مضيفًا: 'لقد رصدنا تغيّرات بيولوجية حقيقية، وهذا ما يُعد من أبرز نقاط القوة في هذه الدراسة'.
وأضاف: 'رأينا أن عامل نمو الأعصاب – الذي يعكس قدرة الدماغ على توليد خلايا عصبية جديدة – كان منخفضًا لدى المصابين، وهو ما يتماشى مع نتائج اختبار الطلاقة المعرفية'.
أمل جديد للتشخيص والعلاج
ويرى الباحثون أن هذه النتائج تفتح الباب أمام إمكانية تطوير بروتوكولات علاجية متعددة التخصصات، تستند إلى المؤشرات الحيوية المكتشفة لتشخيص المرضى وعلاجهم بشكل أكثر دقة.
ويشدد لورانس على أهمية الربط بين الصحة النفسية والجسدية في هذا السياق، قائلاً: 'كنا في السابق نميل إلى فصل أعراض الصحة النفسية عن الجسدية، لكننا نعلم الآن أن كل شيء مترابط. تحسين الحالة النفسية ينعكس على تخفيف الألم والإرهاق. يجب أن نُعالج الإنسان ككل، ويجب أن نبدأ مبكرًا.'