اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
اليحيا:الاستعدادات جارية بشكل مكثف لعقد القمة الخليجية الـ46 في البحرين يوم 3 ديسمبر المقبل
مع بدء العد التنازلي للقمة الخليجية السادسة والأربعين، المقررة مطلع ديسمبر المقبل في المنامة، تتجه الأنظار إلى البحرين التي تستعد لاستقبال قادة دول مجلس التعاون في ظرف إقليمي بالغ الحساسية، تتقاطع فيه الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية على نحو غير مسبوق منذ تأسيس المجلس عام 1981.
ويأتي انعقاد القمة وسط أزمات إقليمية متشابكة، أبرزها تداعيات الحرب في غزة على المنطقة ككل، واستمرار التوتر في البحر الأحمر، وتباطؤ الجهود الدبلوماسية لاحتواء الخلافات مع إيران، إلى جانب ضغوط اقتصادية عالمية وتحديات التحول في أسواق الطاقة.
هذه المعطيات تضع القمة المقبلة أمام جدول أعمال مزدحم بالملفات الثقيلة التي تمس جوهر الأمن الخليجي ومصالحه الاستراتيجية، حيث يؤكد وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا أن التحضيرات 'تجري بشكل مكثف لضمان نجاح القمة وتعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي'.
التحضيرات مستمرة
في تصريحٍ له قال وزير الخارجية الكويتي إن الاستعدادات جارية بشكل مكثف لعقد القمة الخليجية الـ46 في البحرين يوم 3 ديسمبر المقبل، موضحاً أن 'الاجتماعات التنسيقية بين الدول الأعضاء متواصلة لضمان نجاح أعمال القمة وتعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي'.
كما أشار في تصريحٍ لصحيفة 'الراي' الكويتية (8 نوفمبر)، إلى أن 'الاجتماع الوزاري الخليجي المُقرّر في 30 نوفمبر الجاري، سيشهد تسليم دولة الكويت الرئاسة الدورية لمجلس التعاون إلى مملكة البحرين على المستوى الوزاري'.
وتولّي البحرين رئاسة مجلس التعاون يأتي في مرحلة تتسم بتغيرات سياسية واقتصادية متسارعة في المنطقة، ما يرفع سقف التوقعات بشأن الدور الذي يمكن أن تؤديه المنامة في إدارة الحوار الخليجي خلال العام المقبل.
ويُنتظر أن تعكس التحضيرات الجارية حرص العواصم الخليجية على توحيد المواقف إزاء التطورات الإقليمية، ومواصلة تنفيذ قرارات القمم السابقة، خصوصاً تلك المتعلقة بالسوق الخليجية المشتركة واتحاد الجمارك والمشاريع الصناعية المشتركة.
مخرجات القمة السابقة اقتصادياً
القمة الخليجية الـ45 التي استضافتها الكويت، في ديسمبر 2024، ركزت على دعم مسيرة التكامل الاقتصادي وتطوير العمل المشترك في مجالات الطاقة والأمن الغذائي والمناخ، وشهدت توافقاً على توسيع استخدام الطاقة النظيفة وتعزيز استثمارات الصناديق السيادية الخليجية في قطاعات التكنولوجيا والتحول الأخضر.
كما أقرت القمة السابقة خطة تنفيذية لمبادرات الرؤى الاقتصادية لدول المجلس وربطها بمشاريع النقل والربط الكهربائي والذكاء الاصطناعي، مع تأكيد الالتزام بالاستقرار المالي وتطوير سياسات موحدة لجذب الاستثمار الأجنبي.
ويُنتظر من قمة المنامة مراجعة ما تحقق من هذه القرارات، خصوصاً ما يتعلق بتفعيل السوق الخليجية المشتركة وملفات البنية التحتية العابرة للحدود.
الملفات الإقليمية الثقيلة
على الصعيد الإقليمي لا تغيب الحرب في غزة عن أجندة النقاشات، خصوصاً في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتعثر المساعي الدولية لتنفيذ فعلي لوقف إطلاق النار، ومن المتوقع أن تبحث القمة سبل دعم الجهود الإنسانية، وتنسيق المواقف الخليجية في المحافل الدولية، بما يعكس وحدة الموقف العربي إزاء التصعيد المستمر في الأراضي الفلسطينية.
كما يحضر عادةً الملف الإيراني في خلفية المداولات، في ظل تجدد التوتر في الخليج والبحر العربي وتزايد المخاوف من تأثير الصراع الإسرائيلي–الإيراني غير المباشر على استقرار المنطقة.
أما الملف اليمني فلا يزال من أبرز القضايا التي تحظى بمتابعة خليجية دقيقة، مع استمرار الهدنة الهشة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، وعودة الهجمات المتقطعة في البحر الأحمر، ومن المنتظر أن تؤكد القمة دعم الجهود الأممية والإقليمية للوصول إلى تسوية شاملة تضمن أمن الممرات البحرية واستقرار اليمن.
وفي الوقت ذاته تتابع دول الخليج عن قرب التطورات المرتبطة بأمن البحر الأحمر، خاصة بعد تصاعد عمليات القرصنة والاستهدافات المتبادلة في الممرات الحيوية، وهو ما يهدد حركة التجارة العالمية ويمس المصالح الاقتصادية المباشرة لدول المنطقة.
التعاون الاقتصادي والطاقة
اقتصادياً من المرجح أن تعلن القمة إعطاء دفع جديد لاستراتيجيات الطاقة والتحول نحو الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، في ظل التحول العالمي نحو صافي-صفر وغياب احتياطي فحم واسع في المنطقة.
يتوقع أن تطلب الدول الأعضاء تسريع تنفيذ مشاريع الربط الكهربائي وتقنيات الشبكات الذكية لتعزيز كفاءة الطاقة وتوفيرات التكلفة، استناداً إلى توجهات التحول الصناعي في الخليج.
كما من المتوقع أن تضم القمة برنامجاً لتعزيز التحول الرقمي والتكنولوجيا ضمن التعاون الاقتصادي الخليجي، نظراً لنمو سوق التحول الرقمي في دول المجلس بمعدّل نمو 25.7% حتى 2030.
وستُطرح مبادرات مشتركة لتعزيز الأمن الغذائي والمائي في دول الخليج، مع تركيز على زيادة الإنتاج المحلي والزراعة المشتركة، استجابة لتغير المناخ وضغوط سلاسل الإمداد، وفق ما ذكرت وسائل إعلام خليجية.
تثبيت التوازن
ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي علاء عبد اللطيف، إن القمة الخليجية الـ46 'قد تشكل نقطة إعادة تموضع لمجلس التعاون بعد عامين من التحولات الإقليمية العميقة'، مشيراً إلى أن التوقع العام هو صدور بيان سياسي موحد يؤكد على وحدة الموقف وضرورة الانتقال من إدارة الأزمات إلى بناء سياسات استباقية.
وأضاف في حديثه لـ'الخليج أونلاين' أن القادة الخليجيين 'سيحاولون في قمة المنامة تثبيت التوازن بين التحديات الأمنية والاقتصادية'، موضحاً أن الأولوية ستكون لتأمين استقرار أسواق الطاقة والخطوط البحرية، بالتوازي مع استمرار الاستثمار في مشاريع التحول نحو الطاقة النظيفة.
وأكد أن 'الرسالة التي تريدها دول الخليج الآن هي أن المنطقة مستعدة لما بعد مرحلة الصراع، لا لإدارتها فقط'.
ويشير إلى أن من المتوقع أن تُطلق القمة آلية متابعة للتكامل الاقتصادي تشمل مراجعة تنفيذ قرارات السوق الخليجية المشتركة وربطها بالمشاريع الصناعية العابرة للحدود، لافتاً إلى أن 'الدول الست باتت تدرك أن وحدة السوق الداخلية ضرورة أمنية واقتصادية، وليست مجرد بند إنمائي'.
وأوضح أن ملف إعادة الإعمار في غزة قد يحضر في البيان الختامي ضمن مقاربة إنسانية واقتصادية، إلى جانب تأكيد دعم الاستقرار في اليمن وتثبيت الهدنة القائمة، مشيراً إلى أن القمة 'لن تكون منصة لبيانات سياسية، بل محطة لترسيخ أدوات عملية للتعاون العربي–الخليجي الأوسع'.
وأكمل: 'قمة البحرين، رغم ثقل ملفاتها، يُنتظر أن تكرس مسار الواقعية السياسية الخليجية، القائم على توحيد الرؤية تجاه التحولات الإقليمية والاقتصادية'، مضيفاً أن نجاحها 'سيقاس بقدرتها على تحويل التنسيق السياسي إلى برامج اقتصادية وتنموية قابلة للتنفيذ، تعيد رسم أولويات مجلس التعاون في مرحلة ما بعد الأزمات'.










































