هل ينجح صندوق الثروة السيادي في تقليل اعتماد السعودية على النفط؟

كمال صالح - الخليج أونلاين

ما الدور الذي يلعبه صندوق الاستثمارات العامة السعودي في خطة التحول نحو الاقتصاد غير النفطي؟

تعتمد استراتيجية الأمير محمد بن سلمان للتحول نحو الاقتصاد غير النفطي على صندوق الاستثمارات العامة بدرجة رئيسية، لقيادة قطار الاستثمار داخلياً وخارجياً؛ لتوفير موارد جديدة للمملكة.

كم تبلغ قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي في العام 2024؟

في أحدث تقاريره أشار صندوق الاستثمارات العامة إلى أنه يدير أصولاً قيمتها 3.47 تريليونات دولار، أي قرابة 925 مليار دولار.

كانت الأشهر الماضية منذ بداية العام 2024، حافلة بالاستثمارات والصفقات والاتفاقيات التي أبرمها صندوق الاستثمارات العامة السعودي للاستحواذ أو شراء أسهم في شركات محلية ودولية، في نشاط يعكس سعي المملكة الدؤوب للمضي قدماً نحو تنويع الاقتصاد.

صندوق الثروة السعودي، الخامس على مستوى العالم، والثاني عربياً، لا يألو جهداً لتحقيق طموحات ولي العهد التي تضمنتها رؤية المملكة 2030، للوصول إلى هدف تقليل الاعتماد على الاقتصاد النفطي، رغم بعض المخاطر والتحديات.

مؤخراً رصد تقرير لموقع 'بيزنس إنسايدر' نشاط صندوق الاستثمارات العامة السعودي، والخطوات التي قطعها ليكون بذلك رافعة لتحقيق جزء من أهداف رؤية 2030، فهل تنجح ذراع المملكة الاستثمارية في تحقيق هذا الهدف؟

قوة استثمارية هائلة

وفقاً لتقرير 'بيزنس إنسايدر' المختص بالتحليلات الاقتصادية، فإنه منذ أن أصبح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 2015، رئيساً لصندوق الثروة السيادي، بات يملك مفتاحاً حيوياً لقيادة مستقبل المملكة.

وأضاف التقرير أن صندوق الاستثمارات العامة بات مستعداً ليصبح قوة استثمارية هائلة ذات حضور عالمي، لافتاً إلى أن الصندوق كثف الاستثمار في الأصول البارزة على مستوى العالم في السنوات الأخيرة، من أجل تحقيق هدف 'تقليل اعتماد السعودية على النفط'.

ولفت إلى أن الصندوق السعودي استثمر رأس مال في النصف الأول من العام الجاري (2024)، أكثر من جميع المستثمرين الآخرين المملوكين للدولة، الذين استثمروا مجتمعين قرابة 100 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.

وارتفعت ملكية الصندوق في السوق الأمريكية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، إلى 20.7 مليار دولار، علماً أن لدى الصندوق استثمارات في 42 شركة أمريكية، وفق إفصاح نشره منتصف أغسطس الجاري.

ومؤخراً كشفت وكالة 'بلومبيرغ' عن اعتزام الصندوق شراء طائرات من طرازي 'بوينغ' و'إيرباص' لتأسيس شركة شحن جوي، كخطوة جديدة للاستثمار في مجال نقل البضائع عبر شركة الطيران الوطنية السعودية وشركة طيران الرياض، والهدف تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي.

وتعد هذه الخطوة جزءاً من جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على مبيعات النفط، مع التركيز على السياحة والطيران والخدمات اللوجستية.

مخاطر

ويرى تقرير 'بيزنس إنسايدر'، أنه مع التوسع الكبير لصندوق الاستثمارات العامة، أصبح من غير الواضح بشكل متزايد، مدى نجاحه خارج منطقة الخليج، لافتاً إلى أن الصندوق يواجه بعض المخاطر.

وأضاف التقرير: 'كان على الصندوق أن يتعلم من الواقع الصعب المتمثل في التوسع الكبير، حيث عانى عدد من استثماراته البارزة في الخارج من صعوبات مالية'، مستدلاً بقيامه بتغطية فجوة التمويل لشركة لوسيد من خلال ضخ 1.5 مليار دولار.

وتصدرت المملكة الدول في الاستثمار الجريء، الذي يتمثل في توفير أموال للشركات الناشئة في المراحل الأولى من نموها، في مقابل حقوق الملكية أو حصة الملكية، وهذا ينطوي في بعض الأحيان على بعض المخاطر.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشفت وكالة 'بلومبيرغ' أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي ضخ قرابة 750 مليون دولار في شركة 'ماجيك ليب' للواقع المعزز منذ 2023، رغم أن الشركة لا تزال تبحث عن نموذج أعمال قابل للتطبيق.

ويبدو أن لدى الصندوق السعودي توجهاً جديداً، وهذا ما أشارت إليه صحيفة 'فايننشيال تايمز' البريطانية، التي قالت إنه يعتزم توجيه أمواله بطريقة جديدة تتناسب مع الاحتياجات المحلية، مشيرةً إلى أن 'عصر السعودية الذي ينظر إليه على أنه مصدر سهل للمال يقترب من النهاية'.

حجم الأصول

في أحدث تقاريره، كشف صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن إجمالي الأصول التي يديرها حالياً، والتي تصل قيمتها إلى قرابة 3.47 تريليونات ريال (925 مليار دولار).

الصندوق أشار إلى أن القيمة الإجمالية للأصول التي يديرها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، خلال العام 2023، بلغت 2.87 تريليون ريال (765.6 مليار دولار)، بمعدل نمو سنوي بلغ 29% مقارنة بنهاية العام 2022.

كما أظهر التقرير 'نمو حجم أصول محفظة الاستثمارات فـي المشاريع العقارية ومشاريع تطوير البنية التحتية السعودية بنسبة 15%، قياساً بنهاية 2022، ليصل إلى 233 مليار ريال (62 مليار دولار)'.

وبلغ إجمالي حجم الأصول في محفظة الاستثمارات الدولية لدى الصندوق قرابة 586 مليار ريال (156 مليار دولار)، بنهاية العام 2023، بنمو تجاوز 14% عن العام 2022.

وفي مطلع يوليو الماضي أكد صندوق الاستثمارات العامة تسجيل أرباح بلغت 36.81 مليار دولار خلال العام 2023، في حين قالت وكالة 'بلومبيرغ' إنَّ تحوُّل الصندوق إلى الربح في 2023 ساعده في ترسيخ مكانته باعتباره واحداً من أكبر المستثمرين في المنطقة.

كيف ينوع اقتصاد المملكة؟

ويرى المحلل الاقتصادي، أحمد أبو قمر، أن'صندوق الاستثمارات العامة السعودي يسعى إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط، وتلعب الاستثمارات الخارجية التي يقوم بها الصندوق دوراً حيوياً في تحقيق هذا الهدف'.

ويقول أبو قمر في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'يحاول الصندوق تحقيق مساعيه من خلال شراء الشركات، خاصةً تلك الرائدة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى إبرام شراكات استراتيجية مع شركات عالمية وتطوير مشاريع مشتركة'.

ويضيف أن 'الصندوق يستمر في قطاعات واسعة،، ما يوفر فرص نمو عالية ويسهم في تعزيز نفوذ المملكة الاقتصادي'.

واعتبر المحلل الاقتصادي، أن الاستثمارات الخارجية تسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي بين المملكة والدول الأخرى، وبناء علاقات تجارية واستثمارية قوية، كما أنها تعمل على تشجيع رجال الأعمال الأجانب على الاستثمار في المملكة.

وأشار إلى أنالاستثمارات الخارجية التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة تلعب دوراً حيوياً في تنويع الاقتصاد السعودي، وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال جذب التقنيات والمعرفة، وتنويع مصادر الدخل، وبناء علاقات اقتصادية قوية، وتطوير الأصول السيادية.