اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ١٥ أيار ٢٠٢٥
بعد قضاء 38 عامًا خلف القضبان عن جريمة لم يرتكبها، ألغت محكمة الاستئناف في لندن إدانة بيتر سوليفان، البالغ من العمر 68 عامًا، في واحدة من أطول قضايا الخطأ القضائي في تاريخ المملكة المتحدة، وسط تحذيرات من أن حصوله على تعويض قد يستغرق ما يصل إلى عامين ونصف، وربما لا يحصل عليه على الإطلاق.
سوليفان أُدين في عام 1987 بقتل ديان سيندال، نادلة تبلغ من العمر 21 عامًا، في منطقة بيبينغتون بمقاطعة ميرسيسايد. وأُفرج عنه هذا الأسبوع بعد أن كشفت أدلة الحمض النووي الجديدة عدم وجود أي أثر له في العينات المحفوظة من مسرح الجريمة.
رغم التبرئة، لا يُعد سوليفان مؤهلًا تلقائيًا للحصول على تعويض، إذ يتوجب عليه إقناع وزيرة العدل شبانا محمود بأنه بريء 'بما لا يدع مجالًا للشك'، وهو شرط وصفته منظمات حقوقية بأنه 'انعكاس عبثي لمبدأ البراءة حتى تثبت الإدانة'، ويُعد حاجزًا لا يمكن تجاوزه بالنسبة لمعظم الضحايا، وفقًا لما ذكرته مؤسسة Future Justice Project.
نظام تعويض 'غير صالح'
المحامي توبي ويلتون، الذي يمثل السجين السابق أندرو مالكينسون، حذّر من أن النظام الحالي للتعويض عن الإدانة الخاطئة 'غير صالح على الإطلاق'، مؤكدًا أن على سوليفان، كي يكون مؤهلًا للتعويض، أن يُثبت براءته المطلقة، وهو ما يقلب موازين العدالة.
وتشير الأرقام الحكومية إلى أن من أصل 591 طلب تعويض قُدِّم بين أبريل 2016 ومارس 2024، تم قبول 39 طلبًا فقط. كما يُقدَّر متوسط مدة معالجة الطلبات بـ127 أسبوعًا – ما يعادل عامين ونصف تقريبًا.
وبحسب التقديرات، يمكن أن يحصل سوليفان على تعويض أقصاه مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 26,315 جنيهًا عن كل سنة قضاها بالسجن، رغم أن هذا الحد الأقصى لم يُعدّل منذ عام 2008، ما يعني أنه فقد نصف قيمته بفعل التضخم.
وفي حالات سابقة مثل مالكينسون، ظل الضحايا في أوضاع مالية صعبة بعد الإفراج عنهم، دون مساعدة فورية من الدولة، ما يثير تساؤلات حول مدى عدالة هذا النظام تجاه من أُثبتت براءتهم بعد سنوات من المعاناة.
خلفية الجريمة والأدلة المشكوك فيها
وقعت الجريمة في أغسطس 1986 حين عُثر على جثة ديان سيندال في أحد الأزقة بميرسيسايد، وقد تعرضت للاغتصاب والقتل بطريقة وحشية. وقتها، بُنيت القضية ضد سوليفان على أدلة ظرفية وتحليلات طب شرعي مشكوك فيها، مثل تطابق 'علامات العضّ' التي اعترف أحد الخبراء في البداية بعدم توافقها.
كما ارتكزت الإدانة على اعترافات غير مسجلة، قال سوليفان لاحقًا إنها انتُزعت تحت الإكراه وسوء المعاملة، إلى جانب شهادة جيران وأشخاص لم يتمكنوا من التعرف عليه لاحقًا في طوابير الشرطة.
تطورات التحقيق
تم رفض أول طعن لسوليفان في 2008، واستُؤنف دون جدوى في 2019. وفي 2021 أعادت لجنة مراجعة القضايا الجنائية (CCRC) فتح الملف، بعد اكتشاف عدم تطابق الحمض النووي المحفوظ من موقع الجريمة مع سوليفان.
وخلال جلسة الاستئناف، لم تُبد النيابة أي اعتراض على قبول الطعن، وأكدت أن النتائج الجديدة 'كافية لإثارة الشكوك حول سلامة الإدانة'. وقال القضاة الثلاثة إن إلغاء الحكم 'ضروري من أجل تحقيق العدالة'.
التحقيق مستمر للعثور على القاتل الحقيقي
وأكدت شرطة ميرسيسايد أنها أعادت فتح التحقيق في 2023، وأن فريقًا متخصصًا يعمل على فحص جميع الأدلة، بمساعدة وكالة الجريمة الوطنية. وحتى الآن، لم تُحدَّد هوية الجاني، رغم فحص أكثر من 260 شخصًا ممن يُحتمل ارتباطهم بالحمض النووي المجهول الذي عُثر عليه في مسرح الجريمة.
وقالت قائدة التحقيق كارن جوندرِل إن أفراد عائلة الضحية وخطيبها آنذاك تم استبعادهم بالكامل من التحقيق، وإنهم يواصلون مناشدة أي شهود محتملين بالتقدم للإدلاء بشهاداتهم.
ومن جهتها، أعربت وزارة العدل عن 'بالغ الأسف لهذا الخطأ القضائي'، وأكدت أنها ستراجع الحكم وملابساته لضمان العدالة لكل من سوليفان وعائلة ديان سيندال.