اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
الرياض - الخليج أونلاين
شهدت الأسابيع الماضية حراكاً نشطاً على صعيد تعزيز التعاون السوري السعودي في مجال الطاقة
شهدت العلاقات الاقتصادية بين سوريا والسعودية تطوراً ملموساً في قطاع الطاقة، من خلال توقيع سلسلة اتفاقيات ومذكرات تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة والنفط والغاز، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وتطوير الكوادر البشرية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود البلدين لتوطيد العلاقات الاقتصادية والاستفادة من الخبرات الفنية السعودية لتطوير القطاع الطاقي السوري.
كما يواجه قطاع الطاقة السوري معضلات كبيرة، فقطاع الكهرباء والطاقة النظيفة يعاني من فجوات كبيرة بين الطلب المتزايد والإنتاج الفعلي، ما يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والنشاط الاقتصادي.
هذه التحديات تجعل من تطوير البنية التحتية الطاقية والاستثمار في الطاقة المتجددة أمراً ملحاً وحيوياً لتحقيق الاستقرار الطاقي وضمان تلبية احتياجات سوريا المستقبلية والسعودية هي الوجهة الأبرز والأقوى أمام الحكومة السورية من بين دول المنطقة.
حراك نشط
وشهدت الأسابيع الماضية حراكاً نشطاً على صعيد تعزيز التعاون السوري السعودي في مجال الطاقة، أبرزها زيارة وزير الطاقة السعودي محمدالبشير إلى السعودية (26 يوليو 2025)، وهي زيارة رسمية غير محددة المدة تهدف إلى 'تعزيز التعاون الثنائي واستعراض الفرص الاستثمارية بين البلدين'، بحسب ما ذكرته وزارة الطاقة السورية.
وخلال الزيارة أبرم البشيرمذكرة التفاهم تشمل تعزيز التعاون الثنائي في قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة، والربط الكهربائي الإقليمي، والنفط والغاز، والبتروكيماويات، وتحولات الطاقة والتقنيات الحديثة، إضافة إلى تطوير الكوادر البشرية وتشجيع الابتكار ونقل التكنولوجيا.
كما ترأس وزير الطاقة السوري ورشة عمل في السعودية لبحث آفاق التعاون الممكنة بين البلدين في مجالات الطاقة والكهرباء والنفط، وفق ما أفادت به 'سانا'.
كما زار الوزير السوري محطة 'سدير' التابعة لشركة 'أكوا باور'، التي تُعد من أكبر منشآت الطاقة الشمسية في المنطقة.
وخلال الزيارة عقد اجتماعاً مع معاون وزير الطاقة السعودي، ورئيس مجلس إدارة 'أكوا باور' محمد عبد الله أبونيان، بحث خلاله فرص التعاون في مجال الطاقة المتجددة، وأبدى اهتمام بلاده بدراسة إنشاء مشروع مماثل.
اتفاقيات كبرى
وفي 28 أغسطس جرت قفزة كبرى على هذا الصعيد، حيث وقع عدد من الشركات السعودية اتفاقية و6 مذكرات تفاهم مع وزارة الطاقة السورية، على هامش مشاركة المملكة في معرض دمشق الدولي، لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة، شملت:
- وقعت شركة 'أكواباور' السعودية اتفاقية لإجراء دراسات تشمل إنشاء محطات للطاقة الشمسية بطاقة تصل إلى 1000 ميغاواط، وأنظمة تخزين، إضافة إلى تطوير محطات لطاقة الرياح بطاقة 1500 ميغاواط.
- تتضمن الاتفاقية تقييم المحطات القائمة، وإعداد العروض اللازمة لإعادة تأهيلها أو تطويرها، وتنفيذ دراسة فنية لتقييم الشبكة الكهربائية وتحديد مزيج الطاقة الأمثل لتوليد الكهرباء في سوريا.
- جرى التوقيع على 6 مذكرات تفاهم بين شركات سعودية ووزارة الطاقة السورية، شملت مجالات الاستكشاف وتطوير حقول الغاز وحفر الآبار، ومعالجة الغاز الطبيعي وتحويله إلى طاقة.
- شملت المذكرات 'تنفيذ المسوح الجيوفيزيائية والجيولوجية، وجمع وتحليل البيانات الزلزالية، والبحث والتطوير في علوم الأرض، إلى جانب بناء القدرات السورية ونقل الخبرات والتقنيات'.
- وقعت شركتا 'طاقة' و'أديس القابضة' مذكرتي تفاهم لتقديم حلول متكاملة لتطوير وإدارة حقول البترول والغاز.
- وقّعت شركة الحفر العربية مذكرة تفاهم لتقديم خدمات الحقول البترولية، وحفر الآبار وصيانتها، والتدريب الفني.
- وقعت الشركة العربية للجيوفيزياء والمساحة مذكرة لإجراء المسوح الجيوفيزيائية والجيولوجية.
- وقعت الشركة السعودية للكهرباء مذكرة تفاهم لتطوير مشروعات توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها، وتقديم الدعم الفني والاستشاري.
- وقعت شركة كهرباء السعودية لتطوير المشاريع مذكرة تفاهم تشمل المجالات الهندسية والاستشارية ومشروعات محطات النقل والتوزيع الكهربائي.
ولمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة عقد اجتماع فني بين المؤسسة العامة للنفط السورية وأربع شركات سعودية (1 سبتمبر 2025)، بحث تطوير الحقول وزيادة إنتاج الغاز.
كما تضمن البرنامج ثلاثة أيام من جلسات العمل المشتركة والجولات الميدانية على المنشآت النفطية والغازية، بهدف دمج الخبرات الفنية السعودية مع القدرات السورية لتحقيق أعلى كفاءة في التشغيل وإدارة الموارد الطاقية.
وقدمت الرياض، في 11 سبتمبر، منحة نفطية لدمشق تشمل مليوناً و650 ألف برميل من النفط الخام، في خطوة تستهدف دعم قطاع الطاقة المتضرر في البلاد.
كما تعمل وزارة الطاقة السورية على تشكيل لجنة مشتركة مع شركة 'أرامكو' السعودية بهدف تأسيس شركة طاقة جديدة مملوكة للصندوق السيادي السوري.
واقع صعب
ويعاني قطاع الطاقة في سوريا من فجوة كبيرة بين الطلب والإنتاج، إذ تبلغ احتياجات البلاد من الكهرباء نحو 6000 ميغاواط يومياً، في حين لا يتجاوز الإنتاج الفعلي حوالي 2100 ميغاواط، ما يؤدي إلى عجز يومي يقدر بنحو 3800 إلى 3900 ميغاواط.
وبحسب وسائل إعلام سورية محلية، فإن هذا النقص انعكس مباشرة على ساعات التغذية الكهربائية في مختلف المحافظات، حيث يعتمد السكان على ساعات محدودة من الكهرباء يومياً، كما أدت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة سنوات الصراع إلى تراجع كفاءة الشبكات وخدمات النقل والتوزيع.
كما تبرز أهمية استثمارات الطاقة المتجددة، إذ تسعى سوريا إلى تطوير إنتاج الطاقة الشمسية بقدرة تصل إلى 2500 ميغاواط بحلول عام 2030، إضافة إلى تطوير طاقة الرياح بقدرة 1500 ميغاواط، كجزء من استراتيجية لتحسين الاستدامة الطاقية وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.
وتشمل هذه المشاريع أيضاً إنشاء محطات للطاقة الشمسية بقدرات تصل إلى 1000 ميغاواط، إضافة إلى تطوير محطات كهرباء تقليدية تعمل بتقنية الدورة المركبة بقدرة إجمالية تبلغ 4000 ميغاواط.
الدور السعودي
وفي ظل هذه الشراكة يمكن القول إن السعودية تؤدي دوراً محورياً ليس فقط كمستثمر ومطور، بل كشريك استراتيجي يسهم في إعادة بناء قطاع الطاقة والاقتصاد السوري ككل وإرساء أسس التنمية المستدامة على المدى الطويل.
كما يجمع حضور المملكةبين التمويل والخبرة الفنية ونقل التكنولوجيا، ويتيح تطوير البنية التحتية الطاقية السورية بما يواكب المعايير العالمية.
ويفتح التعاون السعودي السوري أيضاً آفاقاً واسعة للاستثمار المستقبلي، ويعزز من قدرات الكوادر البشرية السورية في إدارة وتشغيل المنشآت الطاقية، ما يجعل القطاع أكثر كفاءة واستقراراً.
في 28 سبتمبر، وقعت السعودية ممثلةً في الصندوق السعودي للتنمية بالشراكة مع قطر اتفاقاً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقضي بتقديم دعم مالي بقيمة 89 مليون دولار للعاملين في القطاع العام بسوريا لمدة ثلاثة أشهر.
وبحسب صحيفة 'الاقتصادية'، يمثل هذا الاتفاق امتداداً لسلسلة مبادرات سعودية لدعم سوريا في مرحلتها الجديدة بعد انتهاء حكم عائلة الأسد، فقد كانت المملكة في طليعة الدول التي سارعت إلى مساندة السوريين منذ يناير الماضي، عبر جسر جوي شمل مساعدات غذائية وطبية وإيوائية.
كما أرسلت المملكة ست طائرات محملة بالمساعدات إلى جانب فريق من مركز الملك سلمان للإغاثة للإشراف على عمليات التوزيع، كما دعمت المملكة سوريا بشحنات إضافية عبر المنافذ البرية.
أما التحول الأبرز فجاء -بحسب 'الاقتصادية'- خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، في مايو الماضي، حيث أعلن من هناك، وبطلب من ولي العهد السعودي، رفع العقوبات عن سوريا.
واعتُبر القرار حدثاً استثنائياً ودفعة قوية للاقتصاد السوري، إذ فتح الباب أمام عودة التبادل التجاري وتفعيل مشاريع إعادة الإعمار، ولقي القرار صدى واسعاً لدى الشارع السوري.
كما يشبه كثيرون التجربة السعودية مع سوريا بـ'مشروع مارشال' الأمريكي -وفق الصحيفة- الذي أعقب الحرب العالمية الثانية وأسهم في إعادة إعمار أوروبا.
غير أن الفرق الجوهري -تضيف- يكمن في أن السعودية لم تشترط أي امتيازات سياسية أو اقتصادية مقابل دعمها، وهو ما دفع الرئيس السوري أحمد الشرع إلى توجيه شكر خاص للمملكة في خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكداً أن دعمها يشكل ركيزة أساسية في انطلاقة بلاده الجديدة.