اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٤ حزيران ٢٠٢٥
بعد قرن من الاعتقاد السائد بأن تحطيم تماثيل الملكة الفرعونية حتشبسوت كان عملًا انتقاميًا دبره خليفتها تحتمس الثالث لمحو أثرها من الذاكرة التاريخية، تكشف دراسة حديثة أن هذا التفسير قد يكون مجانبًا للصواب.
فبحسب بحث نشر في مجلة Antiquity يوم الثلاثاء (24 يونيو)، فإن تحطيم العديد من تماثيل حتشبسوت لم يكن بدافع كراهيتها أو بسبب توليها الحكم كامرأة، بل تم ضمن طقوس متعارف عليها في مصر القديمة تُعرف بـ'إبطال مفعول التماثيل'، نظرًا لما كانت تُنسب إليها من قوى روحانية خارقة.
التدمير الطقسي لا السياسي
وتشير الدراسة، التي أعدّها 'جون يي وونغ'، باحث دكتوراه في علم المصريات بجامعة تورنتو، إلى أن التماثيل التي وُجدت محطمة في معبد حتشبسوت بالدير البحري خلال حفريات عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، لم تُشوَّه وجوهها أو تُمحى نقوشها، كما كان يُعتقد سابقًا. بل تم تكسيرها عند مناطق محددة كالعنق والخصر والقدمين، وهي مناطق اعتُبرت نقاط ضعف رمزية تستخدم ضمن طقوس إبطال مفعول التماثيل الملكية بعد وفاة أصحابها.
وصرّح وونغ لموقع Live Science قائلًا: 'كان المصريون القدماء ينظرون إلى التماثيل الملكية باعتبارها كيانات حيّة أو ذات قوة خارقة، لذا كان لا بد من تعطيلها طقسيًا بعد وفاة الملك لضمان عدم استمرار تأثيرها'.
بين الإلغاء والاضطهاد
ورغم أن حتشبسوت (1473–1458 ق.م.)، التي اشتهرت برحلة تجارية ناجحة إلى 'بونت' وببناء معبد فخم في الدير البحري، كانت بالفعل هدفًا لحملة تشويه لاحقة شملت محو اسمها وصورتها من آثار متعددة في أنحاء البلاد، فإن وونغ يرى أن ما حدث لتماثيلها في الدير البحري لا يدخل ضمن تلك الحملة.
وأضاف: 'الحملة ضد حتشبسوت التي قادها تحتمس الثالث لاحقًا لم تكن بالضرورة مدفوعة بعداء شخصي، بل ربما جاءت استجابة لضغوط سياسية من أنصار حكمه، الذين رأوا في توليها السلطة تهديدًا لشرعيته'.
وتظهر أدلة مماثلة في مواقع أخرى، مثل 'خبيئة الكرنك' الشهيرة، حيث عُثر على مئات التماثيل لملوك مصر وقد تم تعطيلها طقسيًا بنفس الطريقة.
إعادة تقييم الإرث
وتعيد هذه الدراسة تسليط الضوء على التمييز بين الممارسات الطقسية السياسية والاضطهاد الشخصي في العصور الفرعونية، وتدعو إلى مراجعة السرديات القديمة التي ربطت تدمير آثار حتشبسوت بنوع من الانتقام الذكوري.
وختم وونغ بقوله: 'افترض أوائل علماء المصريات أن تحتمس الثالث كان يضمر كراهية شديدة لحتشبسوت، لكن هذا التفسير لم يعد مقنعًا. الأدلة تشير إلى أن الأمر كان أكثر تعقيدًا، وأن الدوافع كانت في الغالب طقسية وسياسية'.