اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الوطن
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
عندما أعلنت السعودية شركتها الجديدة للذكاء الاصطناعي المدعومة حكوميًا، «هيومين»، فعلت ذلك بطموحٍ يتماشى مع خططها الأوسع للتنمية الاقتصادية. وبدعمٍ من صندوق الاستثمارات العامة، الذي تبلغ قيمته 940 مليار دولار، ورأس مالٍ استثماريٍّ بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة، كانت الرسالة واضحة: المملكة تريد أن تصبح رائدةً عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي.
بناء الثقة والقدرات التقنية
مع ضخامة حجم الطموح، يبقى بناء الثقة والقدرات التقنية مع مرور الوقت أمرًا بالغ الأهمية. googletag.cmd.push(function() { googletag.display(div-gpt-ad-1705566205785-0); });
ويرى محللون أن ترسيخ ريادة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي تقوده عوامل مهمة، تتضمن الموهبة، وحوكمة البيانات، والتوافق الجيوسياسي، وهي من ستحدد من يقود ومن يتبع.
مشروع ضخم
يبدو حجم المشروع السعودي ضخمًا، إذ تخطط المملكة لبناء 6.6 جيجاواط من قدرات الحوسبة القائمة على الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2034، وهو التزام رئيسي من شأنه أن يجعلها لاعبًا إقليميًا فاعلًا. وقد بدأت المملكة في بناء مراكز بيانات كجزء من مبادرتها «رؤية 2030»، لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، ووقعت اتفاقيات مع شركات تقنية أمريكية، منها AMD وAmazon Web Services، وتستثمر ملياري دولار مع شركة «كوالكوم»، لافتتاح مركز لتصميم الشرائح في الرياض.
كما تخطط المملكة أيضًا لافتتاح مركز بيانات للذكاء الاصطناعي بقدرة 50 ميجاوات بحلول عام 2026، ومجهز بـ18 ألف شريحة من شركة «إنفيديا»، وهي الأجهزة المتخصصة المستخدمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة وتشغيلها عمليًا، وهي العملية المعروفة باسم «الاستدلال».
استقطاب المواهب
تُطوّر المملكة نماذج باللغة العربية، مثل «سعودي بيرت» و«ألام»، بالاعتماد على أطر عمل مفتوحة المصدر قائمة، مثل «لاما» من «ميتا»، وهي بنية نموذجية متاحة للعامة، ويمكن استخدامها وتعديلها وتكييفها بحرية. يعكس هذا النهج سعيًا لمعالجة حالات الاستخدام المحلية والإقليمية، بدلًا من المنافسة عالميًا على مستوى النماذج، وهذا منطقي تمامًا.
هذه الإستراتيجية عمليةٌ أيضًا بالنظر إلى الواقع الهيكلي على أرض الواقع، بينما لا يزال استقطاب المواهب يُمثل عائقًا، كما هي الحال بالنسبة لأي دولة أخرى. ففي سوق عالمية يحظى فيها كبار باحثي الذكاء الاصطناعي بحوافز ضخمة، بما في ذلك مكافآت انضمام بقيمة 100 مليون دولار تدفعها شركة «ميتا»، سيتطلب بناء فرق تنافسية وقتًا وتنسيقًا واستثمارًا مستدامًا.
ومن العناصر الأقل تداولا في إستراتيجية الذكاء الاصطناعي للمملكة ترسيخ مكانتها كشريك في البنية التحتية للبيانات. وقد اقترحت المملكة إنشاء «مركز عالمي للذكاء الاصطناعي»، يتيح إنشاء «سفارات بيانات»، وهي مراكز بيانات على الأراضي السعودية تعمل بموجب ولاية قضائية أجنبية.
المعايير الرقمية العالمية
يقول الخبراء إنه لا تزال أطر حوكمة البيانات في السعودية قيد التطوير. وقد طُرحت سياسة وطنية للبيانات قبل سنوات عدة، وقد يُسهم السعي إلى زيادة عدد المديرين المحليين في إطار رؤية 2030 في تنامي الوعي بالمعايير الرقمية العالمية داخل الحكومة والقطاع الصناعي.
وبالتوازي مع ذلك، درس العديد من السعوديين في الخارج من خلال مبادرات الابتعاث. وقد يعود البعض منهم بخبرة تقنية وتجارية ذات صلة، وهو ما قد يدعم تدريجيا نمو قدرات الذكاء الاصطناعي المحلية.
وفي السنوات الأخيرة، اتجهت السعودية نحو فتح قطاعات من اقتصادها، وجذب استثمارات أوسع نطاقًا، وتفعيل عناصر إستراتيجية رؤيتها 2030. ويبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه التطورات على مكانة المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي العالمي. وقد أبدت منطقة الخليج ككل اهتمامًا كبيرًا بتطوير الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة. إلا أن القيادة الطويلة الأمد قد تعتمد على الحوكمة والشفافية والحرية الأكاديمية بقدر اعتمادها على تخصيص رأس المال.
وقد تستحوذ المملكة على ما يصل إلى 7% من التدريب والاستدلال في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا بحلول عام 2030، بما يتماشى مع الهدف المعلن لـ«هيومين»، التي ستكون قد بنت قاعدة بنية تحتية قوية، ووسّعت حضورها الرقمي، واكتسبت أهمية في تدفقات البيانات الإقليمية.
فمن الواضح أن المملكة أصبحت الآن شريكًا في بناء البنية التحتية العالمية للذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت البيانات، مثلها مثل العمالة أو رأس المال، عاملًا من عوامل الإنتاج، ولا تبرز البنية التحتية في الفولاذ والأسمنت، بل في السيليكون وأجهزة الاستشعار.