كيف عززت مسارات السوق المشتركة الاقتصاد الخليجي؟

طه العاني - الخليج أونلاين

الإسراع بتنفيذ مسارات السوق الخليجية المشتركة.

أكثر من 10 مجالات تشمل الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها.

تسهيلات في الإقامة والاستثمار والتعاملات التجارية وغيرها.

يعدّ قرار تشكيل السوق الخليجية المشتركة أحد أبرز المحطات في مسيرة العمل الاقتصادي المشترك في دول مجلس التعاون، وله الأثر الإيجابي الواضح على كافة الأصعدة.

وتهدف السوق المشتركة التي أعلنت في مؤتمر الدوحة عام 2007، إلى معاملة مواطني دول مجلس التعاون في أي دولة من الدول الأعضاء معاملة المواطنين دون تفريق أو تمييز في جميع المجالات الاقتصادية.

تنفيذ مسارات السوق

وتواصل الجهات الخليجية المختصة جهودها الرامية إلى زيادة فاعلية السوق المشتركة، حيث اتخذت لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون الخليجي عدة قوانين وقرارات تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي في المنطقة الخليجية وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية عام 2025.

جاء جاء ذلك خلال الاجتماع الـ120 للجنة، الذي عقد في 5 أكتوبر 2023، في العاصمة العُمانية مسقط، برئاسة وزير المالية العُماني سلطان الحبسي.

وأوضح بيان صادر عن مجلس التعاون أنه تم التوصل إلى توصيات مهمة؛ أبرزها اعتماد الجدول الزمني لاستكمال الاتحاد الجمركي قبل نهاية عام 2024، ووضع الخطة التنفيذية لذلك، والموافقة على الخطوات المتبقية لاستكمال مسارات السوق الخليجية المشترك وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية عام 2025.

وقبل ذلك عقدت لجنة السوق الخليجية المشتركة اجتماعها الـ 37 في الرياض، بحضور جميع ممثلي دول مجلس التعاون، وممثلي المراكز الإحصائية الوطنية في دول المجلس، وممثلين من الغرف التجارية الوطنية للدول الأعضاء.

وأشارت وكالة الأنباء السعودية إلى أن الاجتماع الذي جرى، في 8 فبراير 2023، تناول متابعة عدة موضوعات، وعلى رأسها قرارات المجلس الأعلى لدول الخليج في دورته الـ 43، في ديسمبر الماضي، بشأن تنفيذ مسارات السوق الخليجية المشتركة، وقرارات لجنة التعاون المالي والاقتصادي في اجتماعاتهم الأخيرة حول موضوعات السوق الخليجية المشتركة.

وبحث الاجتماع استراتيجية التحول الرقمي في السوق الخليجية المشتركة، التي تهدف إلى وضع إطار استراتيجي خليجي موحَّد للتحول الرقمي في السوق الخليجية المشتركة، والترويج الإعلامي لإبراز مكتسبات المواطنة الخليجية التي تحمل في طياتها عديداً من الأهداف؛ مثل التعريف بالسوق الخليجية المشتركة.

واستعرض المركز الإحصائي لدول الخليج خلال الاجتماع 'المرحلة الثالثة' من المسح الإحصائي لتقييم تنفيذ مسارات السوق الخليجية المشتركة على أرض الواقع، كما قدّمت المراكز الإحصائية الوطنية في الدول الأعضاء شرح موقف التنفيذ لقواعد البيانات الإحصائية المتعلقة بالسوق الخليجية المشتركة.

مسارات جديدة

وقررت لجنة التعاون المالي والاقتصادي في الأمانة العامة لمجلس التعاون تدشين مسارات جديدة في السوق الخليجية المشتركة لتضاف إلى المسارات العشرة المطبقة والمعمول بها حالياً.

ونقلت صحيفة 'الاقتصادية' السعودية، في 3 سبتمبر 2022، عن الأمانة العامة لمجلس التعاون، أن العمل جارٍ على تطبيق وتفعيل المسارات الجديدة وإضافتها إلى خطة عمل لجنة السوق الخليجية المشتركة للفترة 2022 - 2024.

وأكدت الأمانة العامة أن هناك جهوداً تبذل لتفعيل السوق الخليجية المشتركة بالتعاون مع القطاع الخاص الخليجي، ممثلاً في اتحاد الغرف الخليجية، وذلك من خلال العمل بشكل متكامل، حيث تعقد لقاءات دورية بمشاركة ممثلين من جميع القطاعات ذات العلاقة بالدول الأعضاء.

ونجحت الدول الأعضاء بتذليل العقبات والتحديات التي تواجه عمل السوق، ما أسهم في تحقيق كثير من الإنجازات الملموسة لمواطني الخليج.

ويذكر أن المسارات العشرة تشمل التنقل والإقامة، والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد، وممارسة المهن والحرف، ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملّك العقار، وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.

مكتسبات عديدة

وتؤكد الأمانة العامة لدول مجلس التعاون تحقيق أعضائها مراحل متقدمة في مسيرة التكامل الاقتصادي، منذ قيام منطقة التجارة الحرة عام 1983، مروراً بانطلاق الاتحاد الجمركي بداية 2003، ومن ثم بدء تدشين السوق الخليجية المشتركة، في يناير 2008، بهدف تقوية أواصر التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء.

وبحسب الموقع الرسمي للأمانة العامة، فإن السوق الخليجية المشتركة لها أهداف سياسية واقتصادية، حيث تضمن انسياب السلع بين دول الخليج، بما يؤدي إلى زيادة التنافس بين المؤسسات الخليجية لصالح المستهلك، فضلاً عن الإسهام في تحقيق الاستقرار السياسي بالمنطقة، ودفع عجلة التعاون العسكري والسياسي بين دول المجلس أسوة بالتعاون الاقتصادي.

ومن أبرز المكتسبات التي تحققت للمواطن الخليجي إتاحة التنقل بالبطاقة الذكية بين دول المجلس، والإقامة في أي منها دون قيود، وتملك العقار لأغراض السكن والاستثمار، ومزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والخدمية والمهن والحرف، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات المساهمة.

ويسمح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في أي من دول المجلس الأخرى، ويعامل فرع الشركة معاملة الشركات الوطنية، ويحصل المواطن الخليجي على تسهيلات في التعاملات المالية والاستثمارية والتجارية، كما يسمح لهم أيضاً بالعمل في دول المجلس، والتمتع بمظلة الحماية التأمينية والتقاعد داخل دول المجلس، ومراجعة أي مستشفى أو مستوصف أو مركز طبي حكومي في أي دولة من دول المجلس، ويعامل في ذلك معاملة مواطن الدولة، والالتحاق بالمدارس والمعاهد الحكومية في أي دولة من دول المجلس.

وأطلقت دول الخليج النافذة الإلكترونية 'تكامل' التي يستطيع من خلالها أن يقدم مواطنوها شكاواهم ومقترحاتهم واستفساراتهم، أو أي ملاحظات أخرى فيما يتعلق بالسوق الخليجية المشتركة، ليتخذ الإجراء بشأنها والرد عليه خلال فترة وجيزة.

عصر التحالفات

ويلفت الخبير الاقتصادي عبد الرحيم الهور إلى أنه لا شك بأن العصر الاقتصادي القائم والقادم هو عصر التحالفات، سواء كانت إقليمية أو دولية.

ويبين في حديثه مع 'الخليج أونلاين' أنه 'في الوقت الذي تتميز فيه منطقة الخليج بمقومات اقتصادية تكاملية استثنائية، تتيح لها إقامة تحالفات اقتصادية شبه سياسية تدعم النهضة الاقتصادية المحلية، وتعزز المكانة التفاوضية الدولية، فإنها كذلك تواجه مجموعة من التحديات متعلقة بالتحالفات البينية والإقليمية على أسس مصالح تاريخية أو اتفاقات سابقة'.

ويتابع الهور بأن 'وجود تلك المعضلات هو نفسه السبب الذي يدفع بقوة إلى نشوء تحالف اقتصادي وتكوين سوق خليجية مشتركة في الوقت الراهن، على الرغم من كونه مطلباً معقداً حالياً'.

ويستدرك: 'ولكن فكرة التحول الاستراتيجي المخطط والقابل للتقويم والتصحيح هي فكرة قائمة الآن، ويمكن الانطلاق بها فوراً، خصوصاً مع وجود مؤسسات خليجية مشتركة قائمة'.

ويشير الهور إلى 'إمكانية التوسع في السوق المشتركة لإدخال لاعبين نوعيين متميزين على القطاع التجاري، مثل الأردن والعراق ومصر، بما يقوي انطلاقة الفكرة ويحول المنطقة إلى منافس عالمي حقيقي، سواء على مستوى الاستيراد كسوق موحدة، أو التصدير كذلك، بجانب أبعاده السياسية'.