اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة سبق الإلكترونية
نشر بتاريخ: ١٨ أيار ٢٠٢٥
مرتبطة بإسرائيل وزار وفد منها تل أبيب للتنسيق
في خطوة تعكس تصاعد الجهود المحافظة لمواجهة الدعم المتزايد للقضية الفلسطينية، أطلقت مؤسسة التراث البحثية في واشنطن مخططًا يحمل اسم 'مشروع إستر'، يهدف إلى تفكيك الحركة المؤيدة للفلسطينيين داخل الولايات المتحدة، مستهدفًا حضورها في الجامعات، والمنظمات غير الربحية، وحتى أروقة الكونغرس، وقد تضمنت التحركات المبكرة لهذا المشروع زيارة قام بها فريق من المؤسسة إلى إسرائيل في أواخر إبريل الماضي للقاء مسؤولين رفيعي المستوى، بهدف التشاور حول سبل تنفيذ هذه الأجندة، التي تسعى لتصنيف منتقدي إسرائيل كـ 'شبكة دعم إرهابي' بهدف عزلهم وقمعهم.
ومؤسسة التراث، المعروفة بكونها مركزًا فكريًا مؤثرًا في الأوساط المحافظة بواشنطن، ليست غريبة عن صياغة المخططات واسعة النطاق للتأثير على السياسة الأمريكية، فقد اشتهرت أخيرًا بقيادتها لـ 'مشروع 2025'، وهو رؤية تفصيلية مقترحة لما قد تبدو عليه الفترة الثانية لحكم الرئيس دونالد ترامب، وتتضمن دعوات إلى إعادة هيكلة جذرية للحكومة الفيدرالية وتوسيع غير مسبوق لسلطات الرئيس، وفقًا لصحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية.مخطط تفكيك
والتقى وفد المؤسسة في زيارته إلى إسرائيل في أواخر إبريل الماضي، مسؤولين إسرائيليين كبارًا مثل وزيري الخارجية والدفاع، إضافة إلى السفير الأمريكي مايك هاكابي، لتشدد على الأهمية التي توليها المؤسسة للملفات المرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط وكيفية التعامل مع تداعياته داخل الولايات المتحدة، ولم تكن هذه الزيارة مجرد جولة دبلوماسية، بل كانت منصة لمناقشة تفاصيل ورقة سياسات جديدة مثيرة للجدل، هي 'مشروع إستر' تحديدًا.
و'مشروع إستر' في جوهره اقتراح لتفكيك سريع ومنهجي للحركة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة، ولا يستهدف المشروع فقط النشاطات في الجامعات والمدارس، بل يمتد ليشمل المنظمات التقدمية وحتى الأصوات المتعاطفة في الكونغرس، وتبلورت فكرة المشروع عقب الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في خريف 2023، والاحتجاجات الواسعة، التي أعقبته ضد الحرب في قطاع غزة.إجراءات عقابية
وتكمن الفكرة المحورية خلف 'مشروع إستر' في إعادة تعريف مفهوم 'مكافحة معاداة السامية' ليشمل نطاقًا واسعًا من منتقدي السياسات الإسرائيلية، وتصنيفهم جميعًا كـ 'شبكة دعم إرهابي فعّالة'، ويسمح هذا التصنيف، وفقًا للمخطط، بفتح الباب أمام سلسلة من الإجراءات العقابية الصارمة ضدهم، وتتضمن هذه الإجراءات الترحيل، وسحب التمويل، والمقاضاة، والطرد من العمل، والفصل من المؤسسات التعليمية، والنبذ الاجتماعي، والاستبعاد من مجالات 'المجتمع المفتوح' كما تعرفه المؤسسة.
وتصور مهندسو 'مشروع إستر' مجموعة من النتائج التي ربما بدت في وقت صياغة المشروع بعيدة الاحتمال، لكنها تعكس مدى راديكالية المقترح، ويسعى المخطط إلى إزالة المناهج الدراسية في المدارس والجامعات التي تُعد متعاطفة مع رواية 'دعم حماس'، وإبعاد أعضاء هيئة التدريس الذين يُنظر إليهم على أنهم 'داعمون' لهذه الروايات.أهداف المشروع
ولا يتوقف الطموح عند هذا الحد؛ فالمشروع يدعو أيضًا إلى تطهير وسائل التواصل الاجتماعي من المحتوى الذي يُعد معاديًا للسامية، وحرمان المؤسسات التي يُعتقد أنها تدعم الحركة الفلسطينية من التمويل العام، والأهم من ذلك، يقترح المشروع إلغاء تأشيرات الطلاب الأجانب الذين ينشطون في مجال حقوق الفلسطينيين، أو حتى ترحيلهم من البلاد، وهذه الإجراءات مجتمعة تشكل محاولة شاملة لشل حركة الدعم الفلسطيني في أمريكا بسائر أشكالها.
وتُشرف على 'مشروع إستر' فيكتوريا كوتس، التي شغلت سابقًا منصب نائبة مستشار الأمن القومي، وهي حاليًا نائبة الرئيس في مؤسسة التراث، ووجود شخصية بهذا الثقل يشير إلى الجدية التي تتعامل بها المؤسسة مع هذا المخطط ونيتها المضي قدمًا في تنفيذه، مما يجعل 'مشروع إستر' ليس مجرد ورقة سياسات نظرية، بل خريطة طريق محتملة لمواجهة منظمة للدعم الفلسطيني في قلب الولايات المتحدة، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الحريات الأكاديمية وحرية التعبير في الولايات المتحدة، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط.