اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
محمد الحيدر
أسئلة بريئة للقائمين على الحركة التعليمية في المملكة: ألم تكن الإجازة الحالية التي يعيشها أبناؤنا الطلاب كافية للانتهاء من امتحانات نهاية العام؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا تم ترحيل الامتحانات إلى ما بعد إجازةٍ مطوّلة -لم أرَ لها داعيًا- ومناسبات اجتماعية سيصعب التحصيل الدراسي المنزلي خلالها؟ وهل من المنصف أن يتم اختبار الطلاب مباشرة بعد الإجازة المطوّلة؟
ألم يعلم خبراؤنا في التعليم واستراتيجياته أن كثرة الإجازات تؤثر سلبًا على مستوى الطلاب؟
كل ما أخشاه بعد تلك المقدمة أن ينعكس الأثر السيئ للإجازات على النسبة المئوية لأعداد الناجحين، بل ومستوى الدرجات، ومن ثم يتعرض الطلاب لظلم كبير، كان من الممكن تجنّبه لو تم الامتحان خلال الأيام الماضية، وقبل إجازة عيد الأضحى الطويلة، خاصة لو رغبت بعض الأسر في قضاء فريضة الحج مع أبنائهم، فسيعودون من تلك المناسك العظيمة إلى معتركٍ اختباري مرهق لم يتم الاستعداد له جيدًا.
لا ريب أن القائمين على العملية التعليمية يريدون الصالح العام، وفي مقدمة هذا الصالح مصلحة أبنائنا، وكان عليهم أن يُعلمونا لماذا اتُّخذ القرار بترحيل الامتحانات إلى ما بعد الإجازة الطويلة، وما رأي خبراء التربية في هذا الصدد، وفلسفة هذا القرار.
إننا أمام معضلة حقيقية بالفعل، لأن الامتحانات ونتائجها ستقتحم بدايات العام الهجري الجديد، ومن ثم تتقلص أيام الإجازة الصيفية للطلاب، بعد عناء موسم دراسي طويل وشاق ومرهق لأولياء الأمور قبل الطلاب.
سيخلق ترحيل الامتحانات إلى ما بعد إجازة طويلة، خصوصًا مع مناسبات اجتماعية كبيرة كعيد الأضحى، تحديات جسيمة أمام التحصيل العلمي للطلاب، العملية التعليمية تتطلب زخمًا واستمرارية، والإجازات الطويلة تعمل على كسر هذا الزخم، مما يؤدي إلى تراجع في مستوى التركيز والانخراط الدراسي.
الطلاب، بطبيعتهم، يميلون إلى الاسترخاء والتخلي عن روتين الدراسة خلال الإجازات، وهو أمر صحي ومطلوب للراحة، لكن ليس عندما تكون هناك اختبارات حاسمة تنتظرهم فور العودة.
كما تتطلب المراجعة الفعالة لمادة علمية بيئة هادئة ومنظمة، وهو ما يصعب توفيره في ظل أجواء العيد والزيارات العائلية والسفر، قد يجد كثير من الطلاب صعوبة بالغة في استعادة المعلومات وتنشيط الذاكرة بعد هذه الفترة الطويلة من الانقطاع، مما ينعكس سلبًا على أدائهم في الامتحانات.
قد لا يكون هناك وقت كافٍ للمراجعة الشاملة والتركيز المطلوب، وربما تكون النتائج دون المستوى المتوقع، ليس لضعف في قدرات الطلاب، بل لقرار إداري ألقى بهم في تحدٍّ غير مسبوق.
لا يقتصر أثر هذا القرار على الطلاب وحدهم، بل يمتد ليشمل الأسرة بأكملها. أولياء الأمور يجدون أنفسهم في موقف صعب؛ فبدلًا من الاستمتاع بإجازة العيد والراحة من عناء عام دراسي طويل، يتحول العيد إلى فترة قلق وتوتر، في محاولة للحفاظ على وتيرة المراجعة لأبنائهم وسط زحمة الالتزامات الاجتماعية.
هذا يضيف ضغطًا نفسيًا واجتماعيًا على الأسر، ويحول مناسبة الفرح إلى عبء، خاصة تلك الأسر التي تخطط لأداء فريضة الحج، حيث سيعودون منهكين ليجدوا أبناءهم أمام اختبارات مصيرية.
كما أن هذا الترتيب الزمني للامتحانات يقلص بشكل كبير من الإجازة الصيفية للطلاب، هذا التقليص في فترة الراحة قد يؤثر سلبًا على استعدادهم النفسي والأكاديمي للعودة إلى مقاعد الدراسة، وقد يؤدي إلى شعور بالإرهاق والتعب في بداية العام المقبل، مما ينعكس بدوره على مستوى تحصيلهم المستقبلي.
نأمل أن تكون هناك مراجعة مستمرة لهذه القرارات، وأن تُشرك جميع الأطراف المعنية -من أولياء أمور ومعلمين وخبراء تربويين- في صياغة الأجندة التعليمية، لضمان بيئة تعليمية مستقرة ومحفزة، تدعم التحصيل العلمي، وتراعي الجانب النفسي والاجتماعي لأبنائنا.