اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
د. شهاب البرعي شريك في شركة استراتيجي أند الشرق الأوسط التي تشكل جزءًا من شبكة برايس ووترهاوس كوبرز وجنى يماني المديرة العامة لمبادرة Project1932
تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تحولات كبرى على مختلف الأصعدة، ما يفرض تحديات متزايدة تتطلب قادة مؤهلين وقادرين على التعامل مع هذه المستجدات. وتشير التقديرات إلى أن عدد القوى العاملة المطلوبة في المنطقة سيرتفع إلى 39 مليون شخص بحلول عام 2030، أي بزيادة 22% عن عام 2024. هذا النمو سيترافق مع حاجة ملحّة إلى نحو 700 ألف مدير إضافي في المستويات العليا والوسطى، بزيادة 30% عمّا هو عليه اليوم.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن للدول الخليجية إعداد هذا العدد الكبير من القادة خلال فترة زمنية قصيرة؟
فبالرغم من أهمية إصلاح التعليم وجهود توطين الوظائف، إلا أن هذه المسارات وحدها غير كافية. فبناء القادة يبدأ بإتاحة الفرص العملية أمام الشباب، وتنمية مهاراتهم المهنية والاجتماعية، وتطوير قدرتهم على التعامل مع المواقف المعقدة وتحفيز فرق العمل وتحويل المؤسسات. وهنا تبرز أهمية برامج الإرشاد المهني التي تجمع بين الخبرة والشباب، وتنقل المعارف والمهارات القيادية من أرض الواقع بطريقة منهجية ومدروسة.
وتستند هذه البرامج إلى جذور عميقة في الثقافة العربية والإسلامية، حيث لعب الإرشاد دورًا محوريًا في تقدم المجتمعات، كما حدث في العصر الذهبي الإسلامي مع شخصيات علمية وسياسية بارزة.
وفي هذا السياق، برزت مبادرة Project1932 في السعودية، التي أُطلقت عام 2020 بهدف صقل مهارات ومعارف الجيل القادم من القادة السعوديين عبر ربطهم بمرشدين ذوي خبرة. حتى الآن، نظّمت المبادرة أربع دفعات تدريبية شملت أكثر من 250 مرشدًا وألف متدرّب.
وتؤكد التجربة أن برامج الإرشاد الفعالة ترتكز على خمسة عناصر أساسية:
الغاية المشتركة: توحيد أهداف جميع الأطراف، من المرشدين والمتدربين إلى المؤسسات المشاركة، لضمان التزام مشترك. في حالة Project1932، تتمثل الغاية في إعداد قادة يسهمون في تحقيق رؤية السعودية 2030.
الربط بالمرشدين المناسبين: أشار 75% من متدرّبي Project1932 إلى أهمية التوجيه المناسب. برامج الإرشاد التي تعتمد على مرشدين متعددين توسّع آفاق المتدربين وتتيح لهم الاطلاع على تجارب قيادية متنوعة. ويمكن تحقيق ذلك عبر تبديل المرشدين مؤقتًا خلال البرنامج، فيحدّد المرشد الأول للمتدرّب المهارات والمعارف التي ينبغي تطويرها مع المرشد الجديد.
المنهج المنظم: تعتمد البرامج الناجحة على خطط واضحة، وآليات تنفيذ فعّالة، وأهداف محددة. يوفر Project1932 مسارًا شهريًا يغطي مواضيع مختلفة لضمان استمرارية التقدم.
دعم المرشدين: يواجه المرشدون تحديات مثل ضيق الوقت، ويمكن التغلب عليها من خلال توفير الأدوات والموارد والتدريب اللازم. تسهّل Project1932 هذه المهمة عبر تقديم قوائم وأدلة وأفضل الممارسات.
بناء المجتمع: تتضاعف فوائد الإرشاد مع بناء شبكة علاقات دائمة بين الخريجين والمرشدين والجهات الراعية. لهذا تنظّم المبادرة فعاليات ختامية وورش عمل بعد انتهاء البرامج لتعزيز الروابط والتعلم المستمر.
ختامًا، لا شك أن الاستثمار في برامج الإرشاد اليوم يشكّل خطوة استراتيجية لسد الفجوة المتوقعة في القيادات المستقبلية. من خلال تطوير المعرفة وصقل المهارات وترسيخ عقلية النمو، تسهم هذه البرامج في إعداد قادة قادرين على تنفيذ الاستراتيجيات بفاعلية ومواجهة تحديات التحول. هؤلاء القادة سيقودون مجتمعاتهم نحو مستقبل مستدام ومزدهر.