اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
ناقش الاجتماع الثاني بالكويت التعاون في قضايا الطاقة، ومكافحة الإرهاب، والأمن السيبراني، إضافة إلى التطورات في الشرق الأوسط
يأتي انعقاد المنتدى الثاني رفيع المستوى حول الأمن والتعاون الإقليمي بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في الكويت ليشكل محطة بارزة في مسار الحوار بين الجانبين، في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية والدولية وتزايد الحاجة إلى تعزيز الشراكات المتعددة الأطراف.
المنتدى يمثل خطوة لإظهار الاتحاد الأوروبي لاعباً فاعلاً في معادلات الأمن الإقليمي، في حين ينظر إليه الخليجيون كفرصة لتوسيع دائرة التوازن الاستراتيجي خارج الإطار التقليدي مع الولايات المتحدة.
التطور الجديد يأتي بعد أكثر من عام على انعقاد المنتدى الأول في لوكسمبورغ (أبريل 2024)، حيث اتفق الطرفان حينها على إطلاق مسار مؤسسي للحوار الأمني، واليوم يلتقي الوزراء وكبار المسؤولين مجدداً في الكويت لإعادة صياغة الأولويات الأمنية المشتركة، وسط تحديات أبرزها تأمين الممرات البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، والحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية، ومعالجة انعكاسات النزاعات المستمرة في المنطقة.
المنتدى في الكويت
احتضنت الكويت في الـ6 من أكتوبر 2025 المنتدى الثاني بمشاركة وزراء الخارجية وكبار المسؤولين من مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، إلى جانب الأمين العام للمجلس جاسم البديوي.
مثل الجانب الأوروبي الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية كايا كالاس، التي أكدت في كلمتها الافتتاحية التزام الاتحاد بدعم أمن الخليج واعتبار استقرار المنطقة جزءاً من الأمن الأوروبي.
البيانات الافتتاحية شددت على أن الشراكة الخليجية الأوروبية تمثل ركيزة أساسية لمواجهة التحديات الإقليمية، مع التركيز على الأمن البحري وحرية الملاحة باعتبارهما أولوية قصوى.
كما ناقش المشاركون التعاون في قضايا الطاقة، ومكافحة الإرهاب، والأمن السيبراني، إضافة إلى التطورات في الشرق الأوسط بما فيها الحرب في غزة والأزمة اليمنية.
الكلمة الخليجية الرسمية التي ألقاها الأمين العام جاسم البديوي أوضحت أن دول المجلس ترى في الاتحاد الأوروبي شريكاً استراتيجياً لا يقتصر دوره على التجارة والاستثمار، بل يمتد إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين.
ودعا البديوي إلى تنسيق أكبر في مواجهة التهديدات المشتركة، خصوصاً في البحر الأحمر والخليج العربي حيث تتعرض السفن التجارية لهجمات متكررة.
محاور النقاش الرئيسية
ركز المنتدى على أربعة ملفات أساسية:
ناقش الجانبان ضرورة تعزيز آليات المراقبة والتنسيق لحماية الملاحة الدولية، خصوصاً بعد تصاعد التهديدات التي طالت سفناً تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، وتم التأكيد على أهمية تبادل المعلومات بين الأساطيل الأوروبية والقوات البحرية الخليجية لضمان حرية الملاحة.
شدد المشاركون على الترابط الوثيق بين أمن الطاقة وأمن الإمدادات، حيث يمثل الخليج مصدراً رئيسياً للنفط والغاز إلى أوروبا، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى شراكات طويلة الأمد في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، فيما أكد الخليجيون التزامهم بتأمين احتياجات السوق الأوروبية في ظل التقلبات العالمية.
تصدرت الحرب في غزة النقاشات، حيث أكد الطرفان دعمهما للجهود الدبلوماسية الجارية من أجل وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية. كما ناقش المنتدى الأوضاع في اليمن، مع التركيز على أهمية دعم الجهود الأممية لتحقيق تسوية سياسية شاملة، وجرى التطرق إلى الملف الإيراني وأثره على استقرار المنطقة، مع تأكيد الحاجة إلى منع الانتشار النووي.
تم بحث التعاون في مواجهة الهجمات السيبرانية، إلى جانب التعامل مع الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ العابرة للحدود، باعتبارها جزءاً من الأمن الشامل الذي يجب أن تتقاسمه المنطقتان.
سياقات المنتدى
ويمثل انعقاد المنتدى الثاني في الكويت استمراراً لمسار مؤسسي بدأ مع المنتدى الأول في لوكسمبورغ في أبريل 2024، حين أطلق الجانبان حواراً رفيع المستوى حول الأمن والتعاون الإقليمي.
في ذلك المنتدى، أكد الاتحاد الأوروبي رغبته في أن يكون شريكاً أمنياً وليس مجرد لاعب اقتصادي، فيما شدد الخليجيون على أهمية توسيع دائرة الشركاء الدوليين لتشمل أوروبا.
وخلال العام المنصرم، عقدت اجتماعات فنية ولجان مشتركة لمتابعة ما تم الاتفاق عليه، لكن التقدم ظل بطيئاً بسبب اختلاف أولويات الأطراف، الاتحاد الأوروبي ركز على قضايا حقوق الإنسان وعدم الانتشار النووي، بينما فضلت بعض الدول الخليجية التركيز على التعاون الأمني البحري المباشر وحماية الممرات التجارية.
تعزيز العلاقات
في مقال له بصحيفة 'الجريدة' الكويتية، يرى الكاتب الكويتي محمد الدويهيس، أن القمة الخليجية - الأوروبية توفر الأرضية المناسبة لتعزيز العلاقات بين منظومة دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي 'والمضي بها قدماً إلى آفاق أرحب ومستويات تخدم المصالح المشتركة للجانبين'.
ويؤكد أن القمة تخدم 'مجالات التجارة والاستثمار والتعاون الأكاديمي وتفعيل التعاون في قطاعي الصحة والطاقة المتجددة وسبل تحرير تأشيرة الشنغن عن المواطن الخليجي، وأهمية الشراكة الاستراتيجية في قضية المناخ وفي مجال الطاقة المتجددة والارتقاء بمستوى التعاون والشراكة الاستراتيجية بين الجانبين الخليجي والأوروبي'.
كما رأى أن القمة الخليجية الأوروبية 'فرصة لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي للمساهمة في إرساء الأمن والسلام العالميين وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة للمنطقتين'.
وأضاف: 'كما أنها تمثل شراكة استراتيجية يجب العمل على تطويرها وتعزيزها والاستفادة منها في كل المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية'.
مفاوضات الشراكة الاستراتيجية
والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي مع توقيع اتفاقية التعاون في 1988، لكن التعاون ظل محصوراً في المجال الاقتصادي والتجاري.
لكن تبدو أوروبا والخليج على أعتاب مرحلة جديدة من العلاقات السياسية والاقتصادية، مع اقتراب انطلاق مفاوضات الشراكة الاستراتيجية التي يترقبها الجانبان عن كثب، فبعد عقود من التعاون القائم على الطاقة والتجارة، تسعى هذه المباحثات إلى صياغة إطار أوسع يفتح الباب أمام شراكات في مجالات مفصلية لاقتصاد المنطقتين.
الاتحاد يستهدف عبر هذه المفاوضات أيضاً تقليل اعتماده على الولايات المتحدة، كرد فعل على السياسات التجارية غير المواتية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب
أما بالنسبة لدول الخليج، فستشمل أُطر المفاوضات مجموعة واسعة من الموضوعات، من بينها السياسة الخارجية والأمن، والعدالة وإنفاذ القانون، والتجارة والاستثمار، والطاقة والمناخ، والتحول الرقمي، والبيئة، والترابط، التعليم، والبحث والابتكار، والثقافة، وتعزيز التواصل بين الشعوب.
تعد دول الخليج أحد أهم مراكز مصادر الطاقة من النفط والغاز في العالم، وهو أمر مهم للجانب الأوروبي، فيما تمثل دول الاتحاد شريكاً استراتيجياً للخليج، إذ تستورد منها أنواعاً مختلفة من الصناعات بما فيها العسكرية والتكنولوجية، في وقت تسعى فيه الدول الخليجية لتوطين كثير من تلك الصناعات لديها، ما يؤهل الجانبين لعلاقة شراكات تكاملية.
وفي عام 2024، بلغ إجمالي تجارة السلع بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج نحو 161.7 مليار يورو، وسجلت واردات الاتحاد نحو 62.3 مليار يورو، وتصدرتها منتجات الوقود والتعدين والمعادن الأساسية وفق بيانات المفوضية الأوروبية.
وبلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول الخليج 99.4 مليار يورو وتصدرها قطاع الآلات والمعدات وقطاع الكيماويات ومعدات النقل والمواد الغذائية.










































