اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٧ نيسان ٢٠٢٥
أظهرت دراسة جديدة أن موميتين قديمتين يعود تاريخهما إلى 7,000 عام تعودان إلى سلالة بشرية غير معروفة ظلت معزولة في شمال أفريقيا لآلاف السنين.
تعود الموميتان إلى نساء عشن في 'الصحراء الخضراء'، المعروفة أيضًا بفترة الرطوبة الإفريقية، حيث كانت الصحراء الكبرى بين 14,500 و5,000 سنة مضت منطقة رطبة وغنية بالأعشاب، موطنًا للبشر الذين كانوا يصطادون ويربون الحيوانات بجانب البحيرات والأنهار.
كشفت تحاليل الحمض النووي للموميتين عن سلالة شمال أفريقية لم يُسبق اكتشافها، وكانت متميزة ومعزولة عن المجموعات السكانية التي كانت تعيش في جنوب الصحراء الإفريقية في نفس الفترة.
وتشير النتائج، التي نُشرت في 2 أبريل في مجلة Nature، إلى أن هناك قليلًا من التبادل الوراثي بين هذه المجموعات خلال تلك الفترة، رغم أن بعض الممارسات الثقافية قد انتشرت عبر المنطقة.
بين عامي 2003 و2006، اكتشف علماء الآثار بقايا 15 فردًا في مأوى الصخور تكركوري، الواقع في وسط الصحراء الكبرى، في ما يُعرف الآن بجنوب غرب ليبيا.
شمل الموقع دلائل على وجود البشر وممارسات الرعي تعود إلى أكثر من 8,000 عام. ومن بين هؤلاء الـ15، كانت موميتان قد تحنطتا بشكل طبيعي، مما ساعد في الحفاظ على حمضهما النووي.
وقالت الباحثة المشاركة في الدراسة ندى سالم، عالمة الوراثة القديمة بمعهد ماكس بلانك لأبحاث الأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا، لمجلة ساينس: 'كنا محظوظين للغاية بالحصول على عينات محفوظة بهذا المستوى'، مشيرةً إلى أن درجات الحرارة المرتفعة في المنطقة يمكن أن تُحطم الحمض النووي بسرعة، مما يجعل الحصول على عينات من الحمض النووي القديم أمرًا نادرًا.
وفي دراسة أُجريت عام 2019، تم فحص الحمض النووي الميتوكوندري من نفس البقايا. لكن الحمض النووي الميتوكوندري، الذي يُورث من الأم فقط، لا يوفر نفس القدر من المعلومات حول ديناميكيات السكان كما يفعل الحمض النووي من الكروموسومات، الذي يُورث من كلا الوالدين.
وللحصول على بيانات جينومية شاملة، استخرج الباحثون الحمض النووي المحفوظ من المومياوات وقارنوه مع حمض نووي من حوالي 800 فرد معاصر من أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب أوروبا، بالإضافة إلى 117 جينومًا قديمًا من نفس المناطق.
توصل الفريق إلى أن الأفراد من تكركوري يمتلكون علامات وراثية مميزة عن تلك الموجودة في سكان جنوب الصحراء، مما يشير إلى أنهم ينحدرون من سلالة غير معروفة ومعزولة نسبيًا انفصلت عن سكان جنوب الصحراء قبل حوالي 50,000 عام.
لكن الأفراد كانوا يمتلكون أيضًا أسلافًا من منطقة الشام، وهي منطقة تمتد على طول البحر الأبيض المتوسط الشرقي. كما أظهر الحمض النووي من تكركوري آثارًا من أسلاف إنسان نياندرتال التي لم تكن لتحدث إلا خارج أفريقيا، حيث كان إنسان نياندرتال يعيش في أوراسيا.
ومع ذلك، كانت جينات المومياوات تحتوي على حمض نووي من إنسان نياندرتال أقل بعشر مرات مقارنة بأولئك الذين يعيشون خارج أفريقيا اليوم.
تشير النتائج إلى أن الصحراء الخضراء لم تكن بمثابة ممر هجرة بين شمال وجنوب أفريقيا، ولكن الأدلة الأثرية تشير إلى حدوث تبادل ثقافي بين المنطقتين.
وفي هذا السياق، أضاف الباحث المشارك في الدراسة سافينو دي ليرنيا، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة سابينزا بروما، في تصريح لشبكة سي إن إن: 'نعلم الآن أنهم كانوا معزولين من الناحية الجينية، ولكن ليس من الناحية الثقافية. هناك الكثير من الشبكات التي نعرفها من عدة مناطق في القارة، مثل الفخار الذي يأتي من جنوب الصحراء ومن وادي النيل'.
كما يعتقد الباحثون أن ظهور الرعي في الصحراء الكبرى قد نشأ نتيجة التفاعلات مع مجموعات أخرى كانت تربى الحيوانات المدجنة في تلك الفترة، بدلاً من أن يكون ناتجًا عن هجرات واسعة النطاق.
وأشار الباحثون إلى أن هذه السلالة المعزولة لم تعد موجودة اليوم بالشكل الأصلي، ولكن في مرحلة ما اختلط أفراد هذه السلالة مع الغرباء، وهو ما يفسر وجود بعض القطع من هذا الإرث الجيني في الأشخاص الذين يعيشون في شمال أفريقيا اليوم.
وقال دي ليرنيا في تصريح صحفي: 'من خلال تسليط الضوء على الماضي العميق للصحراء، نهدف إلى زيادة معرفتنا حول الهجرات البشرية، والتكيفات، والتطورات الثقافية في هذه المنطقة الحاسمة'.