اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٢ أب ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
تأتي الزيارة وسط حرب مدمرة في غزة ترافقت مع محاولات إسرائيلية لإعادة احتلال القطاع وضغوط دولية لفرض مسار تفاوضي جديد
في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تصعيداً غير مسبوق بسبب الحرب الدائرة في غزة والتوترات المتصاعدة في البحر الأحمر واليمن ولبنان، زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مدينة نيوم السعودية، حيث اجتمع بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وتأتي الزيارة وسط حرب مدمرة في غزة ترافقت مع محاولات إسرائيلية لإعادة احتلال القطاع وضغوط دولية لفرض مسار تفاوضي جديد، بينما تعمل الرياض والقاهرة على تنسيق مواقفهما في ظل ما تصفه مصادر دبلوماسية بأنه 'أوضاع ملتهبة' في المنطقة.
المسؤولون في الجانبين شددوا على أن التعاون بين أكبر دولتين عربيتين من حيث الثقل السياسي والاقتصادي يشكل ضرورة لإعادة التوازن أمام التدخلات الإقليمية والدولية.
أهمية التوقيت
اللقاء الذي جرى يوم الخميس 21 أغسطس 2025، أعاد إلى الواجهة الحديث عن مستقبل المحور المصري السعودي ودوره في إدارة الأزمات الإقليمية.
واختيار هذا التوقيت يعكس إدراكاً سياسياً مشتركاً بأن استمرار الحرب في غزة قد يعيد رسم الخريطة السياسية للمنطقة.
مصر التي تتولى أدواراً محورية في التهدئة عبر معبر رفح، والسعودية التي تقود مبادرات دولية لإحياء حل الدولتين، تواجهان معاً تحديات مرتبطة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وخلال العامين الأخيرين، كثفت مصر والسعودية تحركاتهما المشتركة، التي شكلت محوراً أساسياً للجهود الدبلوماسية.
ودفعت القاهرة والرياض بمبادرات متوازية لوقف إطلاق النار وضمان تدفق المساعدات، مع تأكيدهما المتكرر لرفض التهجير القسري للفلسطينيين وضرورة إحياء مسار حل الدولتين بدعم من أطراف دولية بينها فرنسا وقطر.
كما تبرز المخاوف من اتساع نطاق الحرب إلى لبنان والبحر الأحمر فاليمن يشكل ساحة إضافية للصراع، في حين لا تخفي القاهرة والرياض قلقهما من تنامي نفوذ إيران ووكلائها في ظل عجز القوى الدولية عن فرض وقف دائم لإطلاق النار.
أجندة اللقاء
وفي الزيارة التي استمرت لساعات في مدينة نيوم السعودية بطلب من الأمير محمد بن سلمان، بحث السيسي مع ولي العهد السعودي ملفات تتصدر أولويات القاهرة والرياض، من بينها غزة والضفة الغربية، وتطورات اليمن، وأمن البحر الأحمر الذي تضرر بشدة من الهجمات على السفن التجارية.
كما جرت مناقشات موسعة حول التعاون الاقتصادي والاستثمارات المشتركة، من ذلك مشاريع البنية التحتية والطاقة والسياحة، وفق وسائل إعلام سعودية ومصرية.
وتنقل عن مصادر مطلعة أن الجانبين اتفقا على تفعيل آلية للحوار الاستراتيجي الدائم، بما يضمن تجاوز الخلافات الثنائية بسرعة ومعالجة أي تباينات قبل أن تتحول إلى أزمات علنية.
وتناولت المباحثات كذلك الجهود السعودية لتوسيع دائرة الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية، بالتوازي مع الدور المصري في إدارة المعابر وإعادة تفعيل المؤسسات الفلسطينية في غزة.
الإمساك بزمام الأمور
الباحث في العلاقات الدولية عماد كمال يرى أن توقيت زيارة الرئيس المصري إلى السعودية 'ليس عابراً، بل يعكس إدراكاً مشتركاً لحجم التحديات التي تواجه المنطقة، خصوصاً مع تصاعد الحرب في غزة واهتزاز التوازنات الإقليمية'، مؤكداً أن التحرك المشترك هنا 'رسالة بأن القاهرة والرياض تعيدان الإمساك بزمام المبادرة'.
المحور المصري السعودي
لطالما أدى المحور المصري السعودي أدواراً بارزة في النظام العربي منذ السبعينيات، فقد نسق الرئيس أنور السادات والملك فيصل المواقف في حرب أكتوبر 1973، وتعاونت القاهرة والرياض لاحقاً في ملفات لبنان واليمن والخليج.
غير أن السنوات الأخيرة شهدت تباينات في بعض الملفات، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، حيث برزت شكاوى متبادلة من بطء تنفيذ المشاريع واتساع الفجوة في الأولويات.
ورغم ذلك ظلت الدولتان بمنزلة الركيزة الأساسية للقرار العربي، سواء في دعم السلطة الفلسطينية أو في قيادة المواقف الجماعية داخل الجامعة العربية والأمم المتحدة والقضايا العربية.
ومن أبرز تلك التطورات، مواصلة العاصمتين تنسيق مواقفهما بشأن أمن البحر الأحمر بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفت السفن التجارية وأثرت مباشرة على الملاحة الدولية وإيرادات قناة السويس، حيث عملت السعودية على تثبيت الهدنة عبر اتصالات مع الحوثيين، فيما دعمت القاهرة هذه الجهود انطلاقاً من مصالحها الاقتصادية والأمنية المرتبطة بالممرات المائية.
أما في السودان، فقد أطلق البلدان اتصالات متكررة مع أطراف النزاع لتثبيت وقف إطلاق النار، وكان أبرزها الاجتماع الثلاثي الذي جمع مسؤولين مصريين وسعوديين مع وفود أفريقية في جدة، منتصف 2024، بهدف تسهيل وصول المساعدات وتشجيع حوار سياسي بين المكونات المتصارعة.
ويُنظر إلى اجتماعات السيسي وبن سلمان على أنها تعيد إحياء هذا الدور في لحظة تحتاج فيها المنطقة إلى مظلة عربية مشتركة.