اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
د. عبدالله بن محمد العمري
ما بعد الحقيقة (post-truth) هذا المصطلح الذي اختاره قاموس أكسفورد ليكون كلمة عام 2016؛ يجعلنا نتوقف عنده ونحن نشاهد مدى صعوبة وربما استحالة التفريق بين المشاهد المعدة بالذكاء الاصطناعي أو المعدلة بالذكاء نفسه وبين المشاهد الحقيقية إلا بالرجوع إلى خبير أو برامج تساعد في الكشف عن الحقيقي وغير الحقيقي.
التقنية تتطور ومع تطورها تتغير الكثير من المفاهيم، فالسرعة والزمان والمكان تغيرت دلالاتها، ولأن الحقيقة من عدمها دخلت في دائرة المتغير بفعل التقنية بعد أن كانت موضوعاً محورياً من مواضيع الفلسفة مثلها مثل الزمان والمكان؛ فقد أصبحنا بحاجة إلى أن نعيد نظرنا في مواقفنا المسبقة المبنية على أن ما نشاهده هو الحقيقة ما لم يثبت العكس، فنجعل كل ما نشاهده تحت دائرة الشك إلى أن يثبت العكس، وهذا يأخذنا أيضاً إلى منظور أكثر دقة وفهماً لما طرحه الفيلسوف الألماني (ديكارت)، فالشك العلمي من أجل اليقين العلمي أداة تعيد فرض نفسها ونحن نشاهد الكم الهائل من المقاطع المرئية والمسموعة تملأ منصات التواصل الاجتماعي وتنتشر من خلال الوسائط المتعددة.
حالة من التطور التقني تعيدنا إلى أهمية الفلسفة وتصوراتها الناضجة الاستشرافية، وقواعدها التي تدعو إلى عدم التوقف عن طرح الأسئلة، والتدبر والتفكر بمعناه الواسع، وهو ما أكد عليه قرآننا العظيم، فالحراك الإنساني والعقل البشري لا يتوقفان عن اكتشاف الجديد، واختراع ما لم يكن متوقعاً، ومع كل ابتكار أو اكتشاف؛ تظهر جوانب الخير وجوانب تحمل الضرر وتأخذ المجتمعات إلى مناطق أخرى ليس بالضرورة أن تكون شراً ولكنها بعيدة عن الحقيقة، وهو صلب فكرة مصطلح (ما بعد الحقيقة) والذي يحتاج إلى مزيد من الوقت ليكشف لنا عن جوانب متعددة تحملها التقنية والذكاء الصناعي أو الاصطناعي مع كل تطور في هذا الجانب، ومع كل تطور نحن بحاجة إلى أن يرتفع مستوى وعينا وإدراكنا، وأن لا نقف ضد الجديد ونتوجس منه خيفة، بل نستوعبه ونستثمر جوانبه المتعددة لنكون مواكبين لكل جديد بما يضمن لنا الاستفادة القصوى والقدرة على التعامل مع كل تطور لاحق بما يضع أجيالنا الواعدة في المراتب الأولى في التعامل مع كل هذه التقنيات، وهذا ما نلاحظه فعلياً من خلال ما يطرح من دورات وبرامج وورش عمل مجانية تقدم من قبل عدة جهات ذات ارتباط حكومي بشكل من الأشكال؛ لمختلف شرائح المجتمع وفئاته، وهي جديرة أن توليها الأسرة اهتماماً حقيقياً، وتحث أبناءها على الالتحاق بها وتدعمهم للاستفادة منها.










































