اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- ما القدرة الإجمالية لمشروع الربط الكهربائي بين السعودية ومصر؟
تبلغ القدرة نحو 3000 ميغاواط.
- متى يُتوقع تشغيل المشروع بمرحلتيه الأولى والثانية؟
في أبريل 2026.
تقترب السعودية ومصر من تحقيق أحد أضخم مشاريع الطاقة في الشرق الأوسط، عبر استكمال مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، في خطوة تعكس تنامياً في التعاون الإقليمي بمجال الطاقة وتعزيزاً لأمن الإمدادات الكهربائية في المنطقة.
ويُتوقع أن يفتح هذا المشروع الباب أمام تبادل الطاقة بين قارتي آسيا وأفريقيا، مما يمنح البلدين موقعاً محورياً في خريطة الربط العابر للحدود.
مشروع استراتيجي
وفي مرحلة متقدمة من التنفيذ، أنهت مصر نحو 95% من أعمال مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، متضمنة إنشاء 862 برجاً ومدّ الكابلات والخطوط داخل الأراضي المصرية، وفق ما كشفه مسؤول حكومي تحدث لـ'الشرق' الاقتصادية شريطة عدم ذكر اسمه.
ونقلت الشرق في تقريرها، 12 أكتوبر 2025، عن المسؤول المصري، أن إجمالي أطوال الكابلات والخطوط الكهربائية داخل مصر بلغ نحو 330 كيلومتراً بجهد فائق، وقد جرى الانتهاء منها بالكامل، بينما تقترب الشركات المنفذة من استكمال اختبارات المهمات الفنية تمهيداً للتشغيل التجريبي.
ويُعد المشروع، الذي تعود فكرته الأولى إلى عام 2012، الأكبر من نوعه في المنطقة، بتكلفة تقدَّر بنحو 1.6 مليار دولار.
وقد جرى توقيع اتفاقيات التنفيذ في أكتوبر 2021 مع تحالف يضم ثلاث شركات عالمية، بعد طرح مناقصات من قبل الجهات المسؤولة عن الكهرباء في البلدين.
ويرجح وزير الكهرباء والطاقة المصري محمود عصمت أن يدخل المشروع حيز التشغيل الفعلي قبل نهاية عام 2025 أو مطلع 2026.
ويمثل الربط الكهربائي نقلة استراتيجية في قطاع الطاقة الإقليمي، إذ يسهم في تعزيز فرص تصدير الكهرباء من السعودية ومصر إلى قارتي آسيا وأوروبا، ويتيح الاستفادة من فائض الإنتاج الكهربائي في أوقات الذروة والعجز، فضلاً عن دعم الاستقرار في منظومات الأحمال وتخفيض تكاليف التشغيل عبر تنويع مصادر الإمداد.
كما يتكامل المشروع مع رؤية مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، حيث تعمل القاهرة على مشروعات موازية للربط مع اليونان وقبرص لنقل الكهرباء المنتجة من المصادر المتجددة إلى أوروبا.
إضافةً إلى استمرارها في تصدير الكهرباء إلى العراق وسوريا ولبنان عبر كابل بحري جديد مع الأردن بقدرة أولية تبلغ 2000 ميغاواط، فضلاً عن تعزيز خطوط الربط القائمة مع ليبيا والسودان والأردن.
مكاسب وانعكاسات
ويؤكد الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي الأهمية الإقليمية القصوى لمشروع الربط الكهربائي بين السعودية ومصر.
ويوضح لـ'الخليج أونلاين' أن المكاسب الاقتصادية والفنية لهذا المشروع تتمثل في إتاحة تبادل الكهرباء بين البلدين، مما يحقق الاستفادة القصوى من فائض الإنتاج في أوقات الذروة ويقلل من كلفة بناء محطات احتياطية جديدة.
ويشير الشوبكي إلى أن المشروع سيحول البلدين إلى مركزين إقليميين لتجارة الكهرباء ويرفع من كفاءة الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة.
ويضيف أن هذا الربط هو الأول من نوعه بهذه القدرة، مما يعزز مرونة الشبكات واستقرارها ويقلل احتمالية الانقطاعات ويدخل تقنيات متقدمة في التشغيل والتحكم.
ويبين الشوبكي أن المشروع هو الأكبر من نوعه في المنطقة، مما يجعله نموذجاً عربياً يحتذى به ويؤهل الطرفين لقيادة التكامل الكهربائي الإقليمي المنشود.
ويرى أن هذا الربط يمثل نواة لشبكة عربية مشتركة يمكن أن تمتد لاحقاً لتشمل الأردن ودول الخليج وشمال أفريقيا، مما يؤسس لسوق عربية موحدة للطاقة.
كما أن تأسيس سوق عربية موحدة للطاقة يسمح بتبادل الطاقة وتخفيض الكلف وتعزيز الاعتماد المتبادل اقتصادياً وسياسياً. ويردف الشوبكي أن مثل هذه المشاريع تزرع الثقة بين الدول وتفتح الباب أمام شراكات أوسع في مجالات الاستثمار والصناعة والطاقة المتجددة وحتى تبادل العمالة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن الربط الكهربائي يمثل دعماً قوياً للتحول نحو الطاقة المتجددة، إذ يمكن من دمج الطاقة الشمسية والرياح في الشبكات بسهولة أكبر.
ويوضح أن هذا يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري في ساعات الذروة، ويسمح بتصدير الكهرباء النظيفة مستقبلاً إلى دول أخرى، مما يرفع من جدوى الاستثمار في الطاقة المتجددة.
ويشير الشوبكي إلى أن الربط هو أداة مساعدة لابد أن تصاحبها سياسات التحول نفسها في كل بلد، وليس بديلاً عن مشاريع التخزين والشبكات الذكية.
ويلفت إلى أن هناك عوامل قد تؤثر على التشغيل، مثل التأخير المحتمل في التمويل أو الجوانب الفنية والتنظيمية، إضافة إلى أي توترات سياسية في المنطقة.
ويرى أن التوسع نحو أوروبا أو آسيا مستقبلاً سيتطلب استثمارات ضخمة وتنسيقاً عابراً للقارات وأسواقاً قادرة على استيعاب الكهرباء العربية. كما أن تغير الطلب المحلي وأسعار الطاقة العالمية قد يعيد حسابات الجدوى الاقتصادية للمشروع في بعض مراحله.
ويختتم الشوبكي بتأكيد أن الربط الكهربائي بين السعودية ومصر هو استثمار ذكي ومتعدد الأبعاد، إذ يخلق قيمة جديدة من بنية قائمة.
ويؤكد أنه يحول الكهرباء إلى سلعة استراتيجية للتبادل الإقليمي، ويرفع كفاءة التشغيل، ويعزز النفوذ السياسي للبلدين في خريطة الطاقة الإقليمية والعالمية. ويرى أن نجاحه الكامل يتطلب إطاراً تشغيلياً وسوقاً عربية واضحة للكهرباء.
تأجيل وتشغيل مزدوج
وشهد مشروع الربط الكهربائي بين السعودية ومصر تعديلاً في جدول التنفيذ، إذ تقرر تشغيل المشروع بمرحلتيه الأولى والثانية معاً في أبريل 2026، بعد أن كان من المخطط تشغيله نهاية عام 2025.
وأشارت منصة الطاقة المتخصصة، في 14 أكتوبر 2025، إلى أن هذا القرار يأتي في إطار مساعٍ حكومية لتسريع وتيرة العمل وتفادي أي تأخير إضافي في أحد أهم مشاريع الطاقة الإقليمية.
ووجّه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الجهات المنفذة إلى الإسراع في استكمال المرحلة الثانية، بما يضمن جهوزية المشروع بالكامل بحلول الموعد الجديد، مؤكداً أن الربط الكهربائي مع السعودية يمثل نموذجاً عملياً للتكامل العربي في مجال الطاقة.
وجاءت تصريحات مدبولي خلال جولة ميدانية في محطة الربط العملاقة بمدينة بدر، في 14 أكتوبر 2025، وهي المحطة التي تُعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط من حيث التقنيات المستخدمة وحجم الطاقة المنقولة، بجهد 500 كيلو فولت تيار مستمر.
وشهدت الزيارة متابعة مراحل الاختبار والتشغيل التجريبي لجميع المعدات والمكونات قبل الدمج الكامل في الشبكة الموحدة.
من جانبه أوضح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري محمود عصمت أن المشروع يستهدف خلق جسر كهربائي متكامل بين مصر والسعودية، بما يمهّد لإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء.
وأشار إلى أن الرؤية الاستراتيجية للمشروع تقوم على رفع كفاءة منظومة الطاقة، وإيجاد حلول مستدامة لاستقرار الشبكة القومية، وخفض استهلاك الوقود عبر تشغيل اقتصادي مرن يعتمد على تباين أوقات ذروة الأحمال بين البلدين.
ويُقدّر الربط الكهربائي بقدرة 3000 ميغاواط، من خلال ثلاث محطات محولات رئيسية: في شرق المدينة المنورة وتبوك بالمملكة، ومدينة بدر في مصر، تربطها شبكة هوائية بطول 1350 كيلومتراً، وكابلات بحرية تمتد عبر البحر الأحمر.
وقد جرى إنجاز محطة بدر ومحطة سكاكين طابا 2 والخط الهوائي بينهما بطول 320 كيلومتراً، إلى جانب تنفيذ الكابلات الأرضية والبحرية والأعمال الكهربائية المساندة تمهيداً للربط النهائي.
ويرى مختصون في قطاع الطاقة أن تشغيل المشروع بمرحلتيه معاً سيمنح البلدين مرونة أكبر في إدارة الأحمال وتبادل الطاقة، ويمهد لربطٍ عابر للقارات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، بما يعزز موقع السعودية ومصر كمحورين رئيسيين في شبكات الطاقة الإقليمية والدولية.










































