اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
عادل الحربي
لا توجد دولة على وجه الأرض تخلو من أقليات؛ فالتعددية جزء أصيل من التكوين البشري، والاختلاف لا يعني الانفصال، بل هو ما يصنع هوية الوطن الجامعة، والشواهد التاريخية تثبت أن الأقليات، مهما بدت صغيرة، لا يمكن تهميشها بسهولة؛ بل إنها كلما شعرت بالخطر، تداعت نحو مركزها، وتمسّكت بهويتها، وملأت الدنيا ضجيجًا من منطلق شعورها الغريزي بالتهديد… مهما كانت ظروف القمع والقتل.
وفي أحداث السويداء الأخيرة، شاهدنا كيف يحاول الكيان الإسرائيلي توظيف “الأزمة” كأداة للتفكيك والفوضى.. وهو سلوك متوقّع من كيان لم يعرف يومًا حدودًا طبيعية، إلا من خلال معادلات القوة والعنف.. فإسرائيل، منذ نشأتها، لم تُبنَ على مشروع سلام، بل على سياسة “فرض الأمر الواقع بالقوة”، ولذلك لا تجد وسيلة للبقاء سوى بتصدير أزماتها، وتأجيج الانقسامات في محيطها، كجزء من استراتيجيتها للبقاء..
وما تفعله حكومة نتنياهو ليس جديدًا، لكنه نهج جديد يقوم على استغلال ورقة “الأقليات” من باب الاستثمار السياسي في الانقسام، والعبث باستقرار الدول، وجرّها إلى الصدام الداخلي.. وكلنا نعلم أن إسرائيل لا تهتم بالدروز، ولا بأي أقلية أخرى؛ وإنما تهتم فقط باستخدامهم كأدوات لتنفيذ مآربها، وتبرير عربدتها تحت أنظار المجتمع الدولي، وهذا ليس مستغرَبًا من كيان هو أحد أكثر مشاريع الإقصاء والتمييز والعدوان دموية في العصر الحديث، لا يعيش إلا في ظل الاحتلال والعدوان، ويُجمّل جرائمه بأكذوبة “الدفاع عن النفس”.
لا مفاجأة إذًا… فلا سلام يُرجى من حكومة تمارس العربدة كسياسة رسمية، وتدّعي حماية الأقليات وهي تسحقهم في الداخل؛ لكن الرهان الحقيقي يبقى على وعي الحكومة السورية بهذا الفخ الإسرائيلي، وقطع الطريق أمامه، وعدم منحه أي فرصة للعبث بوحدة الدولة، لأن هذا الملف ليس إلا واحدًا من ملفات كثيرة وكبيرة ستواصل إسرائيل ابتزاز دمشق فيها لسنوات.