اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
تتحول مرتفعات منطقة عسير كل صيف إلى لوحة طبيعية مدهشة، حين تتفتح أزهارها النادرة، مطلقة عبيرها في الأودية والجبال، إيذانًا ببدء موسم جني العسل الذي يُعد من الأجود في المملكة. هذا التنوع النباتي الفريد جعل من عسير مركزًا رئيسيًا لإنتاج العسل، حيث تسهم وحدها بـ20% من إجمالي إنتاج المملكة، ويعمل بها أكثر من 5 آلاف نحال، بحسب وزارة البيئة والمياه والزراعة.
وتُعد العلاقة بين الزهرة والموسم والنكهة جوهر صناعة العسل في عسير، وهو ما وثّقه الباحث الدكتور إبراهيم العريفي في كتابه 'أطلس العسل'، حيث يُشير إلى أن لكل نوع من العسل حكاية ترتبط بالتربة والارتفاع والتكيّف مع المناخ. فعسل 'المجرة' المستخرج من نبتة 'الجعدة' في أواخر الصيف يُعد من أندر الأنواع، ويتميّز بلونه الأبيض وسرعة تبلوره ونكهته المركزة، فيما يُنتج 'عسل الكتاد' من زهور الأكاسيا الشائكة في الأودية خلال شهري يونيو وأغسطس، ويُعرف بلونه الذهبي وكثافته المعتدلة وخصائصه المناعية.
ومع مطلع الخريف، يظهر 'عسل السلم' الأحمر الداكن، الناتج من شجرة الأكاسيا 'إيرنبرجيانا' في المناطق الصخرية القاحلة، بينما يُحصد 'عسل السدر' الشهير بين أغسطس وأكتوبر، من أشجار السدر في تهامة ورجال ألمع وسراة عبيدة، ويُعد من أغلى أنواع العسل في السوق السعودي لقيمته الغذائية العالية وشحه النسبي.
ويمتد موسم العسل حتى الشتاء، حيث تُزهر بعض الأشجار مثل 'السمر' في المناطق الدافئة، ما يُتيح إنتاج نوع غني بالنكهة ولونه أحمر داكن. كما تُنتج أشجار 'السيّال' المزدهرة على ضفاف الأودية عسلاً خريفيًا عطريًّا بلمسة توابل مميزة.
ومع تزايد الإقبال على العسل العضوي والنادر، تُواصل عسير ترسيخ مكانتها كمركز مستدام لصناعة العسل، مستندةً إلى تنوّعها النباتي، وخبرة مربي النحل، والدعم الحكومي الذي تجاوز 54 مليون ريال، لتتحول الزهرة إلى فرصة اقتصادية تُنعش العائلات والمزارعين والسياحة البيئية في آنٍ واحد.