اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٣٠ أب ٢٠٢٤
محمود جبار - الخليج أونلاين
الراوي عبد الرحمن الدعيلج:
القصة حدثت قبل 30 عاماً.
حدثت مشادة بين الرجل السعودي والوافد الهندي فقتل الهندي الرجل ثم هرب، وألقت الشرطة القبض عليه وسُجن لمدة 5 سنوات.
عفا أبناء القتبل عن الهندي وأعطوه مبلغ 170 ألف ريال عوضاً عن السنوات العشر العجاف التي مر بها.
الهندي لم يكن مسلماً في ذلك الوقت، وحين رأى هذا الموقف وعلم بأن هذا ما يدعو إليه الدين الإسلامي قرر الدخول في الإسلام وسافر إلى الهند.
منذ نحو أسبوعين يواصل الفيلم الهندي 'حياة الماعز' إثارة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي العربية، لا سيما الخليجية وتحديداً السعودية، بسبب تصويره السلبي للكفيل السعودي.
الفيلم يتناول قضية استغلال العمالة الوافدة بشكل لا إنساني، مع تركيز خاص على العلاقة بين الكفيل والعمال الأجانب في السعودية.
وعلى الرغم من أن المجتمع السعودي والخليجي عموماً، لا ينكر وجود هذا الاستغلال، ويؤكد أنها حالات فردية، فإن القائمين على الفيلم تمادوا كثيراً في تفاصيل معينة أعطت انطباعاً بأن الحالة الفردية عامة داخل المجتمع السعودي.
محتوى الفيلم عدّه الجمهور السعودي مهيناً، حيث شعروا بأنه يقدم صورة نمطية سلبية ومبالغاً فيها عن مجتمعهم؛ وهو ما أدى إلى استياء سعودي واسع بدا على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
يستند الفيلمإلى الرواية التي تحمل الاسم ذاته 'حياة الماعز'، صدرت عام 2008.
يتحدث الفيلم عن قصة حياة نجيبالعامل الهندي الذي جاء للعمل بالسعودية مطلع تسعينيات القرن الماضي.
يتعرضنجيب للخطف ويجبر علىالعمل في رعاية الماشية وسط الصحراء، ويتعرض لمعاملة قاسية.
يتمكن من الهرب برفقة صاحبه حكيم وشخص منأصول أفريقية يُدعى إبراهيم.
يصادفون مواقف صعبةفيموت حكيم وينجح نجيب في الوصولإلى المدينة.
تأخذالسلطات نجيب، وبعد قضاء ثلاثة أشهر في السجن، يرحّلإلى الهند.
الردود العديدة التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، بينت المنفعة الكبيرة التي جناها الوافدون في دول الخليج لا سيما السعودية، التي تضم ملايين الهنود الذين يعملون في مجالات مختلفة.
أبرز الأسباب التي أسهمت في أن يحوز الفيلم هذا الاهتمام الكبير كان قوة عناصره، المتمثلة بالقصة والسيناريو والإخراج والتمثيل والتصوير والموسيقى التصويرية.
تلك المقومات نجحت في شدّ الجمهور مع أحداث الفيلم الطويل دون شعور بالملل، وهي الغاية التي يعمل عليها من يريد إنجاح العمل الفني وإيصال الرسائل من خلاله.
ويبدو أن الرسائل قد وصلت، حسبما يشير الكاتب حسن الشمراني في مقال بصحيفة 'منبر نيوز' حمل عنوان 'ماعز الإعلام الموجه'.
يقول الشمراني إن فيلم 'حياة الماعز' يأتي ضمن 'سلسلة من الحملات الإعلامية التي تُمارَس ضد المملكة من قبل بعض الدول والقنوات الإعلامية الموجهة'.
الهدف من هذه الحملات هو 'خلق صور ذهنية مشوهة للمجتمع السعودي وإبرازه كمجتمع همجي وظالم ومستبد'.
الكاتب عبد الله بن بخيت اختصر في مقال بصحيفة 'عكاظ' حمل عنوان 'فيلم الماعز.. حياة الخرفان البشرية'، أن الفيلم يمثل ما عُرف عن مواصفات الفيلم الهندي المبالغ في أحداثه.
يقول بن بخيت: 'نحن أمام فيلم سينمائي هندي بكل المعايير التي نعرفها عن المنتجات الهندية. عندما نشاهد في حياتنا تصرفاً غير معقول ولا يمت للواقع بصلة نقول هذا فيلم هندي. كلمة فيلم هندي تعني خزعبلات وخارج المعقول'.
في ذات الشأن يقول الكاتب منصور الضبعان في مقال بصحيفة 'الوطن' حمل عنوان 'حياة الماعز والكفيل السعودي'، إن 'المبالغة ركن في الدراما، ولكن ليس على نحو من الظلم، والتجني، والميكافيلية، والمادية!، لا سيما أن حياة الماعز جاء متأخراً جداً في معالجة ملف (الكفيل) أغلقته صرامة القانون السعودي منذ عقدين'.
الكثيرون تساءلوا عن غايات ونوايا إنتاج مثل هذا الفيلم الذي يحمل إساءة لدولة مثل السعودية، التي باتت لها أهمية على مستوى العالم، في حين أن العلاقات بين المملكة والهند وثيقة.
تحت عنوان 'وفاة الماعز.. والفيلم الهندي'، يتطرق الكاتب أحمد الجميعة إلى النوايا من وراء الفلم، مستدلاً بما جاء في عبارته الافتتاحية 'هذا الفيلم لا يحمل إساءة لأي دولة، أو شعب، أو مجتمع، أو عرق'.
ويقول إن هذه العبارة 'كافية لفحص النوايا، والحكم عليها في محاولة التشويه لصورة المجتمع العربي قبل الخليجي أو السعودي'.
الجميعة أبرز الإقبال الكبير للهنود للعمل على السعودية، واستدل به على أن ذلك يؤكد المعاملة الجيدة التي يتلقاها الوافدون في المملكة، مبيناً 'أكثر من تسعة ملايين وافد يعملون في المملكة، من بينهم حوالي مليونا عامل هندي'.
ويضيف: 'تضاعف عدد العمالة الهندية من 600 ألف من لحظة هروب العامل الهندي من الصحراء كما يرويها الفيلم في العام 1991 إلى أكثر من 300%'.
في إطار الغايات والنوايا أيضاً، تقول الكاتب سوسن الشاعر في مقال بصحيفة 'الوطن' البحرينية، حمل عنوان 'الحملات الإعلامية ما عادت شرسة': 'أصبح معلوماً للجميع أن تلك الحملات أداة ضغط سياسي تخرج (الأسرار) من مكامنها'.
وتضيف: 'فكلما أرادوا موافقة دولة ما على أمر ما، فإن رفضت تلك الدولة أن تنصاع أو وضعت شروطاً وفقاً لمصالحها أخرجوا ما يظنونه سراً أو فبركوا أو ضخموا ما في جعبتهم، وسلطوه على تلك الدولة كي ترضخ لهم'.
على الرغم من الإمكانيات الكبيرة التي تملكها السعودية ودول الخليج، للردّ بأعمال فنية إبداعية؛ تكون قوة ردع للأعمال المسيئة بحق المجتمع السعودي والخليجي بشكل عام، لكن دول الخليج لا تتخذ مثل هذه الخطوات.
ذلك ما أشار إليه كثيرون، ومن بينهم د.طارق محمد الأحمدي، الذي أشار في مقال بعنوان 'حياة الماعز' بصحيفة 'صدى الإلكترونية' السعودية إلى أن 'هذه الأعمال وغيرها تلفت نظر من يهمه الأمر الى أهمية ما يسمى القوة الناعمة والتي من أهم ادواتها الأعمال السينمائية ونحوه'.
يضيف الأحمدي: 'نحن اليوم ندفع ثمن عدم الأهتمام بالسينما' داعياً الجهات ذات الصلة بالعمل الأعلامي لـ'دعم الكتّاب لطرح قصص النجاح وبكل اللغات'.
في ذات الإطار تحدث الكاتب القطري عبدالله العمادي، في مقال حمل عنوان 'ما المزعج في حياة الماعز!؟'، نشرته صحيفة 'الشرق' القطرية، يقول فيه 'بما أن الفيلم يريد إظهار مسالة الظلم، يجب النظر إلى ما تعانيه دولة الهند'.
ويضيف: 'لو دققنا النظر في الواقع نحو ما يجري في الهند نفسها من اعتداءات الهندوس الممنهجة والمستمرة على المسلمين، فربما احتجنا مئات الأفلام وآلاف الروايات للحديث عنها'.
ويتساءل العمادي: 'أين الإنتاج الفني الإعلامي العربي المسلم الذي يكشف الحقائق دون مبالغات أو إساءات (...) لماذا لا تنشط المؤسسات الفنية والإعلامية في إنتاج دراما فنية هادفة تخدم قضايا الأمة'.
لكن الكاتب العُماني مسعود الحمداني، يذهب إلى مكان آخر للحديث عن الفيلم عبر مقال بصحيفة 'عُمان' حمل عنوان 'حياة الماعز وضجيج الرغاء'، حيث يقول 'لا أعتقد أن شخصية العمالة الوافدة بشكل عام في الخليج هي بتلك الصورة المسالمة البريئة التي أظهرها العمل'.
ويزيد قائلاً: 'هناك أيضاً حكايات سمعناها، وقرأنا عنها، وقعت في دول الخليج لجرائم تقشعر منها الأبدان أبطالها وافدون'.
عند العودة إلى القصة التي تناولها الفيلم نجد أنها لم تكن قريبة من الواقع بشكل تام، وتناولت فقط الجانب السلبي، دون التطرق إلى جانبها الإيجابي، خاصةً أن هذه القصة مشهورة بين السعوديين منذ سنوات.
خلال مداخلة مع برنامج 'ديوان الملا'، أكد الراوي عبد الرحمن الدعيلج، أن قصة الرجل الهندي الحقيقية معروفة، لكن قصة الفيلم الهندي 'حياة الماعز' محرفة.
يقول الدعيلج إن هذه القصة رواها في برنامج الأجاويد قبل 3 سنوات، لافتاًإلى أن فيلم حياة الماعز يطابق القصة الحقيقية بنسبة 30 أو 40%.
القصة -بحسب الدعيلج- معروفة في حفر الباطن وحدثت قبل 30 عاماً، حين أخذ الرجل الوافدَ الهندي وذهب به إلى الصحراء عنوة وجلس الوافد 5 سنوات، ورفض إعطاء الوافد راتبه أو العودة لبلاده.
نتيجة ذلك حدثت مشادة بينهما، فقتل الهندي الرجل ثم هرب، وألقت الشرطة القبض عليه وسجن لمدة 5 سنوات.
وبحسب الدعيلج، حكم على الهندي بالقصاص، ومحافظ وأعيان البلد ورجال الدين جمعوا 170 ألف ريال في ذلك الوقت، وذهبوا لأبناء القتيل وقالوا لهم إن والدهم أخطأ في حق الهندي، وطلبوا منهم العفو وقبول الدية، فعفا الأبناء عن الهندي، وأعطوه مبلغ 170 ألف ريال عوضاً عن السنوات العشر العجاف التي مر بها.
وأكد الدعيلج أن الهندي لم يكن مسلماً في ذلك الوقت، وحين رأى هذا الموقف وعلم بأن هذا ما يدعو إليه الدين الإسلامي قرر الدخول في الإسلام وسافر إلى الهند.