اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
عيسى عبدالسلام -
شهد السوق المالي الكويتي خلال الفترة الماضية حراكا تنظيميا ملحوظا، تمثل في انتهاء شركات استثمار ومؤسسات مالية من المشاركة في سلسلة من الاستبيانات المتخصصة التي أطلقتها منظومة السوق، وذلك في إطار جهود تطوير البنية التشريعية والتنظيمية وتوسيع نطاق الأدوات المالية المتاحة للمستثمرين.
وكشف مصدر استثماري لـ القبس، أن الاستبيانات شملت جوانب متعددة تتعلق باليات التداول والمنتجات الاستثمارية، وكان من أبرزها ما يتصل بتغيير آلية عمل صانع السوق، وهو الملف الذي يحظى باهتمام كبير من مختلف الأطراف ذات الصلة نظرا لكونه أحد المفاتيح الرئيسة لتطوير السيولة وتعزيز كفاءة السوق.
وأوضح المصدر أن أبرز ما تضمنته الاستبيانات مقترح تخفيض نسبة حد التزام صانع السوق في المعاملات اليومية على بعض الأسهم، حيث جرى طرح مقترح يقضي بخفض النسبة المحددة حالياً من %10 من إجمالي أسهم الشركات الكبرى والقيادية التي يقدم لها صانع السوق خدماته، إلى نسبة أقل تبلغ %5 فقط، مشيرة الى أن هذا المقترح يأتي في ظل إدراك الجهات التنظيمية لأهمية التخفيف من الأعباء التشغيلية الملقاة على عاتق صانع السوق بما يعزز من قدرته على مواصلة أداء دوره بكفاءة أكبر دون أن يواجه صعوبات تتعلق بمتطلبات السيولة أو حجم الالتزامات اليومية.
وتابع: إن هذا التوجه يعد خطوة مهمة في سبيل تعزيز مرونة آلية عمل صانع السوق، إذ إن تخفيض النسبة سيمنحه مساحة أوسع لإدارة مراكزه المالية وتخصيص السيولة بشكل أكثر فعالية، ما يقلل من احتمالية تعرضه لمخاطر عالية نتيجة الالتزام بنسب مرتفعة في التداولات اليومية، كما أن خفض نسبة الالتزام سيحفز عدداً أكبر من شركات الاستثمار لتقديم خدمات صانع السوق، إذ ستصبح المعايير أكثر واقعية وقابلة للتطبيق على نطاق أوسع من الشركات، وبالتالي فإن السوق الكويتي قد يشهد دخول مزيد من اللاعبين في هذا المجال، الأمر الذي سينعكس إيجابا على مستويات السيولة والعمق السوقي.
قواعد تنظيمية
وأشار المصدر إلى أن شركات الاستثمار لم يقتصر دورها على المشاركة في استبيانات صانع السوق فقط، بل ساهمت أيضا في إعداد القواعد التنظيمية المتعلقة بتداول صناديق المؤشرات (ETFs)، وكذلك في وضع الأطر الخاصة بإدراج السندات والصكوك التجارية وتداولها عبر لقاءات عمل وتقديم ورق عمل، منوهة الى أن هذه المشاركة تأتي انسجاما مع الرغبة في تنويع المنتجات الاستثمارية المطروحة أمام المستثمرين، وتوسيع قاعدة الأدوات المالية المتاحة بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.
وكذلك شاركت شركات استثمار في استبيان هيئة أسواق المال بخصوص وضع استراتيجيتها خلال السنوات المقبلة، عبر وضع مسودة عن أهم المنتجات التي يحتاجها السوق، بالاضافة الى بعض المنتجات التي بحاجة الى تحديث واجراء تعديلات عليها، علاوة على المعوقات التي تواجه الشركات وسبل حلها.
وبين المصدر أن هذه الاستبيانات والاستطلاعات التي قامت بها منظومة السوق، بما في ذلك بورصة الكويت والشركة الكويتية للمقاصة وهيئة أسواق المال، تمثل دليلا واضحا على سرعة الحاجة إلى إقرار تعديلات شاملة، سواء فيما يتعلق بآلية عمل صانع السوق أو في ما يخص التشريعات والقوانين الخاصة بالتقاص والتسوية لتداول صناديق المؤشرات والسندات والصكوك. فالجهات المعنية أدركت أن السوق الكويتي يقف على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب أدوات أكثر تنوعاً وأنظمة أكثر مرونة لاستيعاب حجم النمو في التداولات واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
تطوير وابتكار
وأوضح أن كل الأطر التنظيمية المتعلقة بهذه التعديلات قد تم بالفعل إعدادها ورفعها إلى هيئة أسواق المال بصيغتها النهائية، وذلك بانتظار إقرارها واعتمادها، وهذا ما يعكس جدية الجهود المبذولة، ويؤكد أن اقرار ماجاء في الاستبيانات بعد انهاء كل الملاحظات عليها يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التطوير والابتكار في سوق المال الكويتي.
ويمثل إقرار هذه التعديلات دفعة قوية للسوق من عدة جوانب، فمن ناحية، سيساعد تعديل التزامات صانع السوق على تحفيز مشاركة عدد أكبر من المؤسسات الاستثمارية في هذه الخدمة الحيوية، ما ينعكس على زيادة العمق والسيولة. ومن ناحية أخرى، فإن إدخال أدوات جديدة مثل صناديق المؤشرات والسندات والصكوك سيؤدي إلى تعزيز جاذبية السوق أمام المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، حيث ستتاح لهم خيارات أكثر تنوعاً لإدارة محافظهم الاستثمارية.
مرحلة نضج جديدة
أكد المصدر أن الاستبيانات التي أنجزتها شركات الاستثمار ما هي إلا انعكاس لمرحلة نضج جديدة في السوق الكويتي، إذ إنها لم تكن مجرد آراء عابرة بل دراسات معمقة شاركت فيها أطراف مؤثرة من شأنها أن تسهم في صياغة مستقبل السوق.
نقلة نوعية في الأداء والسيولة
مع اقتراب موعد إقرار هذه التعديلات من قبل هيئة أسواق المال، فإن التوقعات تتزايد بأن يشهد السوق الكويتي نقلة نوعية على صعيد الأداء والسيولة والتنوع الاستثماري، ليقترب أكثر من أسواق المال الإقليمية والعالمية المتقدمة، خصوصا أنها وضعت على رأس أولوياتها تعزيز مستويات المتداولة في السوق المالي.