اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
ياسر العيلة
شهد يوما الخميس والجمعة عرض مسرحيتين ضمن الدورة الثانية من مهرجان «باك ستيج المسرحي» المقام على مسرحي دار المهن الطبية بالجابرية ونادي السالمية، العرض الأول كان لمسرحية «اخوان بالكهربا» التي تحمل رسالة مهمة وواضحة عن تقديس الروابط الأسرية، وقيمة البر، وأهمية العائلة.
واستطاع العرض منذ اللحظة الأولى أن يجذب الأنظار ويأسر الحضور بطاقة أدائية عالية وإيقاع سريع وحيوي، مقدما تجربة مسرحية تكاملية بين الأداء المتميز والرؤية الإخراجية المدروسة.
وشارك في «اخوان بالكهربا» نخبة من النجوم في المجال المسرحي الأكاديمي، من بينهم: عبدالمحسن العمر وعلي العلي، إلى جانب مجموعة من الممثلين الشباب الذين أثبتوا حضورهم القوي وقدرتهم على التفاعل مع الجمهور، وقد جاء هذا العمل من تأليف وإخراج يوسف براك العمر الذي أجاد توظيف الخشبة وتقنيات الإضاءة والصوت، واستطاع خلق بيئة مسرحية متجددة طوال العرض، وكانت المؤثرات الكهربائية الصوتية والبصرية مدخلا ذكيا لعنوان العمل ومضمونه، مما جعل الجمهور يدخل جو العرض دون مقدمات طويلة.
اما بالنسبة لأداء الممثلين فقد جسد الفنان عبدالمحسن العمر دور الأب بأداء جميل وكان مشعا بالطاقة والحيوية والخبرة، فيما قدم يعقوب الجوهري شخصية «البروفيسور»، التي كانت إحدى نقاط قوة العمل، حيث أدى الممثل الدور بثقة لافتة وقدرة مرنة على التحكم بتعابير الوجه ونبرات الصوت، وكان الفنان علي العلي هو نجم العرض بمعنى الكلمة في عودة قوية له بعد غياب طويل.
وكانت المؤثرات الضوئية والصوتية حاضرة بذكاء، ولم تكتف بكونها عناصر تقنية، بل شاركت في صناعة اللحظة المسرحية وإيقاعها، كذلك جاءت الموسيقى مرافقا شعوريا مؤثرا يعزز المشهد ولا يطغى عليه، وفي جانب الملابس، اختار العرض الأزياء التقليدية الكويتية، مما أضاف بعدا ثقافيا واضحا يعكس المجتمع الكويتي وقربه من المتلقي.
أما العرض الثاني فكان لمسرحية «ظل الجليب»، تأليف شاهين النجار، إخراج سلطان محمد، وبطولة: كفاح الرجيب وماجد البلوشي وعلي المهيني ومحمد الحسيني وغيرهم، وأفضل وصف لهذا العرض انه متكامل بين النص وأداء الممثلين، فكان بالفعل غير عادي، وتدور فكرته حول الذاكرة والظلم والبحث عن الحقيقة.
تبدأ حكاية العرض، في اطار رمزي تراثي، حول بئر قديمة (الجليب)، تسقط فيها امرأة تدعى «نورة» ظلما لمجرد انها فقط كانت تتمنى حبا صادقا، ليتحول الجليب إلى رمز للوجع المدفون والذاكرة التي لا تموت، وبعد سنوات يظهر «يوسف»، ابنها الذي نشأ بعيدا، ليعود إلى المكان دون أن يعرف أنه يعود إلى قصة أمه المدفونة ظلما، وتنكشف في النهاية الأسرار، ويصطدم الماضي بالحاضر، فتعود الأصوات التي حاولوا إسكاتها لتطالب بالحق والخلاص.
عبرت المسرحية عن الوجع العربي، والاغتصاب الرمزي للأرض والكرامة، والعودة إلى الأصل، وكان الإخراج من قبل الموهوب سلطان محمد، أكثر من رائع، حيث قدم رؤية غير تقليدية تؤكد اننا امام مخرج كبير بمعنى الكلمة. بينما تفوق الممثلون جميعهم على انفسهم، خاصة مفاجأة العمل الفنان ماجد البلوشي الذي قدم أداء مخيفا غير عادي، وأثبت أنه ممثل له ثقله على المسرح، وكافأه الجمهور على ادائه بأن صفقوا له لمدة 50 ثانية وهذه فترة كبيرة جدا، كما تألقت كفاح الرجيب وعلى المهيني وكانا نجمي العمل كذلك قدم محمد الحسيني ونورة ومحمد الصفار وحمود الصلال أداء متقنا استحقوا عليه الإشادة.


































