اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ٨ كانون الأول ٢٠٢٥
لم تكن حادثة مطالبة مقهى بمدينة تازة بأداء مبلغ يقارب خمسة آلاف درهم، بدعوى بثه أغنية لفيروز، مجرد واقعة معزولة في نظر الرأي العام. في غضون ساعات، تحولت القصة إلى شرارة فجّرت نقاشاً قديماً متجدداً حول طريقة تدبير المكتب المغربي لحقوق المؤلفين للأموال التي يجري تحصيلها من أصحاب المشاريع التجارية، ومدى شفافية المساطر التي يعتمدها في تبرير تلك الجبايات باسم حماية الإبداع.
فالتحقيق الميداني الذي أنجزه عون محلف لدى المقهى، والذي اعتبر تشغيل الأغنية “استغلالاً تجارياً لمصنفات محمية”، أثار موجة استغراب واسعة.
وتصاعد الجدل أكثر، أمس الأحد، عقب صدور بيان وقعه عدد من المبدعين المغاربة، اعتبروا فيه أن المكتب المغربي لحقوق المؤلفين يكتفي بترديد خطاب عام “دون وثائق ولا بيانات مالية قابلة للتحقق”، مؤكدين أن بلاغ المكتب الأخير 'لم يقدم أي دليل مادي يثبت علاقته التعاقدية مع أصحاب حقوق أغاني فيروز'.
وطالب المبدعون المكتبَ بإجراءات واضحة لا تحتمل التأويل: نشر ما يثبت تسجيل الفنانة فيروز ضمن سجلاته، وتقديم نسخ تحويلات مالية تحمل اسمها أو اسم وكيل الحقوق، ثم الكشف عن معايير اقتسام المداخيل المتبعة واحترامها للضوابط الدولية. وأمهل البيانُ المكتبَ ثلاثة أيام لتقديم هذه البيانات، باعتباره مؤسسة عمومية ملزمة قانوناً بتوفير معطيات تخص المال العام.
محضر المعاينة الذي حرره العون المحلف يوم 4 دجنبر الجاري، أكد وجود “مقطوعات فنية محمية” داخل المقهى دون ترخيص. ورغم توقيع صاحب المقهى دون اعتراض، إلا أن مهنيين في القطاع اعتبروا الواقعة 'دليلاً على انتقائية المراقبة'. مشيرين إلى أن آلاف المقاهي في البلاد تبث يومياً أغاني فيروز وغيرها دون أن تُسجل ضدها أي مخالفات، ما يجعل من هذا الملف حالة استثنائية تطرح أكثر مما تجيب.
في المقابل، تشبث المكتب المغربي لحقوق المؤلفين بموقفه، مؤكداً في بيان السبت أن ما يتم استخلاصه ليس 'غرامات' بل “مستحقات لفائدة المؤلفين'، وأنه يمارس حقه القانوني في المراقبة والحجز، مستشهداً بأحكام قضائية سابقة أيدت إجراءاته. لكن هذه التبريرات لم تخفف من حدة الأسئلة المطروحة، إذ يرى المهنيون أن غياب الوثائق المطلوبة يجعل تصريحات المكتب “مجرد كلام غير مسنود بأدلة'.
من جهته، دخل المرصد المغربي لحماية المستهلك على الخط، معبّراً عن استيائه مما وقع، ومعتبراً الواقعة “تعطيلاً غير مبرر لقطاع يواجه أصلاً ضغوطاً اقتصادية كبيرة”، ومشدداً على أن اللجوء إلى المقاربة الزجرية قبل القيام بحملات تواصل وتوعية “يضر بسمعة المبدعين ولا يخدم استقرار المهنيين”.



































