اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٣ حزيران ٢٠٢٥
وليد منصور -
أشار تقرير حديث صادر عن S&P Global Market Intelligence أنه بعد عقد من النمو السريع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول الخليج وشمال أفريقيا، تتجه هذه التدفقات نحو التباطؤ في عام 2025، وسط حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين نتيجة تغير السياسات التجارية الأمريكية، وتراجع أسعار النفط، وتطور مشاريع التنويع الاقتصادي في الخليج بوتيرة أبطأ.
وتوقع التقرير أن تواصل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا اعتبار التنافس الإستراتيجي العالمي بين الولايات المتحدة والصين - وجهود كل منهما لتعزيز وجوده الاستثماري في المنطقة - فرصة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، إذ ان الصفقات التي أُعلن عنها خلال زيارة الرئيس ترامب الأخيرة إلى السعودية والإمارات وقطر، لن تغيّر على الأرجح من هذا النهج المتعدد المسارات.
وأوضح التقرير أن ضعف الدولار من شأنه أن يخفض تكلفة الاستثمار الأجنبي المباشر للمستثمرين الدوليين من خارج منطقة الدولار - مثل أوروبا، والصين، والهند - مما يخفف من حدة التباطؤ في التدفقات الاستثمارية. وبشكل خاص، فإن انخفاض الدولار يدعم القدرة التنافسية الخارجية لدول مجلس التعاون التي تربط عملاتها بالدولار. في المقابل، فإن عملات مثل الدرهم المغربي والدينار التونسي - غير المرتبطة بالدولار - شهدت ارتفاعاً مؤخراً (مدفوعة جزئياً بارتفاع اليورو)، ما أضعف القدرة التنافسية لتلك الدول كمواقع للاستثمار.
تعزيز الاستثمارات
وأفاد التقرير بأن التركيبة القطاعية للاستثمار الأجنبي في المنطقة قد تحوّلت بالفعل من التركيز على قطاع الطاقة إلى قطاعات مثل البنية التحتية، الطاقة المتجددة، الخدمات اللوجستية، السياحة، والبناء، ومن المرجَّح أن يستمر هذا الاتجاه، مع تعزيز استثمارات في قطاعات مثل السيارات في المغرب. ومع ذلك، ستظل التدفقات الإجمالية متركزة في دول الخليج.
وأضاف «لدى دول الخليج فرصة للاستفادة من التعديلات في سلاسل التوريد العالمية، مستفيدة من القوى العاملة المؤهلة وبيئات الاستثمار الجاذبة بشكل متزايد، ما يعزز من قدرتها على استقطاب استثمارات في المجالات التقنية».
وأكد أن دول الخليج قد التزمت بضخ استثمارات أجنبية كبيرة في الاقتصاد الأمريكي، وإن كان ذلك على مدى زمني ممتد. ومن المرجَّح أن تؤدي هذه التدفقات الخارجة إلى تقليص حجم رأس المال المتاح للاستثمار في بقية دول المنطقة، رغم استمرار جاذبية هذه الدول كمواقع لمشاريع الطاقة المتجددة والسياحة. وفي المقابل، يُتوقع أن تزيد الصين من التزاماتها الاستثمارية في المنطقة، ولكن على أساس كل مشروع على حدة.
زيادة الاقتراض
ورجَّح التقرير أن تتجه دول الخليج نحو زيادة الاقتراض لمواصلة برامج التنويع الاقتصادي، بدلاً من تقليص وتيرة التطوير أو تقليص فرص الاستثمار. وعلى المدى القصير، تتوقع S&P Global Market Intelligence أن يكون الأثر الصافي على الاستثمار الأجنبي العالمي سلبياً، نتيجة التداعيات غير المباشرة للرسوم الجمركية الأمريكية، بما في ذلك توقعات بانخفاض أسعار النفط وتراجع ثقة المستثمرين على مستوى العالم.
وذكر التقرير أن انخفاض أسعار النفط - في ظل توقعات بضعف الطلب وزيادة المعروض من أوبك - سيحد من قدرة كبار مصدّري النفط في المنطقة على توليد إيرادات من النقد الأجنبي، ما يضعف قدرتهم على الاستثمار في دول أخرى داخل المنطقة. في وقت، تظل تدفقات الاستثمار إلى المنطقة عرضة للتطورات السلبية المرتبطة بالنزاعات والصراعات الإقليمية.
الذهب يتجاوز اليورو
ارتفعت عمليات شراء الذهب لمستويات قياسية فيما شهدت أسعاره قفزات حادة، ما أدى إلى تجاوزه لليورو ليصبح ثاني أكبر أصل احتياطي في محافظ البنوك المركزية عالمياً.
وفقاً لتقييم سنوي صادر عن البنك المركزي الأوروبي بشأن المكانة العالمية لليورو، فقد بلغت حصة الذهب في الاحتياطيات الأجنبية العالمية، بحسب الأسعار السوقية، نحو %20 بنهاية عام 2024، متجاوزاً اليورو الذي تراجعت حصته إلى %16. في المقابل، واصل الدولار الأمريكي تراجعه التدريجي ليبلغ %46 من إجمالي الاحتياطيات العالمية.
جاء الارتفاع اللافت في قيمة الذهب، التي تضاعفت منذ أواخر عام 2022، مدفوعاً جزئياً بعمليات الشراء المكثفة من قبل البنوك المركزية. فقد تجاوز حجم مشتريات المؤسسات السيادية 1000 طن سنوياً على مدى السنوات الثلاث الماضية، أي ضعف متوسط وتيرة الشراء قبل عام 2022. وعليه، عادت حيازاتها من الذهب إلى مستويات لم تسجل منذ أواخر سبعينات القرن الماضي.
وذكر تقرير البنك المركزي الأوروبي أن «الطلب على الذهب لاحتياطات البنوك المركزية شهد قفزة كبيرة عقب الحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا عام 2022، ولا يزال مرتفعاً حتى الآن».
ودفعت الخطوة الغربية بتجميد احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية المُحتفظ بها بعملات مجموعة السبع، بعد حربها على أوكرانيا، العديد من البنوك المركزية إلى تقليص انكشافها على النظام المالي الغربي، وهو ما عززته أيضاً مخاوف التضخم والتكهنات حول احتمال تراجع الولايات المتحدة عن معاملة الدائنين الأجانب على قدم المساواة.
تاريخياً، ترتبط أسعار الذهب سلباً بالعوائد الحقيقية، حيث تغري العوائد المرتفعة المستثمرين بالابتعاد عن الذهب الذي لا يدر فائدة. إلا أن هذا الارتباط انهار في عام 2022، بحسب ما ورد في تقرير البنك المركزي الأوروبي؛ حيث اتجهت البنوك المركزية لشراء المعدن الأصفر كوسيلة للتحوط ضد مخاطر العقوبات، رغم ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً.
وكتب خبراء البنك المركزي الأوروبي: «شهدت الدول المتقاربة جيوسياسياً مع الصين وروسيا زيادات أكثر وضوحاً في حصة الذهب ضمن احتياطياتها الأجنبية الرسمية منذ الربع الأخير من عام 2021».