اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
يشهد الاقتصاد الكويتي اليوم مرحلة جديدة من الانفتاح والتطور، مع إعلان عدد من كبريات الشركات الاستثمارية العالمية، مثل غوغل (Google) وبلاك روك (BlackRock) وغولدمان ساكس (Goldman Sachs)، عن نيتها افتتاح مكاتب لها في دولة الكويت.
ويُعد هذا التطور محطة مفصلية في مسار الكويت الاقتصادي، لما يحمله من دلالات عميقة على ثقة المؤسسات الدولية بالبيئة الاستثمارية الكويتية، وقدرتها على أن تكون مركزًا إقليميًا فاعلًا في إدارة الأعمال ورؤوس الأموال.
رؤية حكومية تتحقق بخطوات ثابتة
يأتي هذا التوجه ثمرةً لعمل مؤسسي منظم ورؤية إستراتيجية واضحة تبنتها الحكومة الحالية، والتي ركزت على تحسين بيئة الاستثمار، وتبسيط الإجراءات، ورفع مستوى الشفافية، وتكامل البنية التشريعية والرقمية.
وتجسد هذه التطورات التزام الدولة بوعودها في خلق بيئة تنافسية جاذبة لرؤوس الأموال والشراكات النوعية، التي لا تأتي بدعوة، بل تُستقطب عندما تتوافر الرؤية والاستقرار والثقة.
من الحضور إلى القيمة المضافة
إن الأهمية الحقيقية لوجود هذه الشركات لا تكمن فقط في التواجد الجغرافي، بل في القدرة على تحويل هذا الحضور إلى قيمة اقتصادية مضافة، تنعكس على المجتمع الكويتي والاقتصاد الوطني.
ويتحقق ذلك من خلال عدد من المسارات، من أبرزها:
• عقد شراكات استراتيجية لنقل الخبرة والمعرفة إلى الكوادر الوطنية.
• إنشاء مراكز تدريب وابتكار مشتركة لتأهيل الشباب الكويتي في مجالات التكنولوجيا والتمويل والطاقة.
• تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من المشاركة في سلاسل القيمة العالمية.
• تطوير مناطق اقتصادية متخصصة تمنح حوافز مرنة وتشجّع على الاستثمارات النوعية.
• تبنّي مبادرات في مجال الاستثمار المستدام والتمويل الأخضر، بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية الحديثة.
شراكات تحمل بُعداً إستراتيجياً
إن وجود «غوغل» في الكويت يمثّل نقلة نوعية في تطوير البنية الرقمية، وتعزيز التحول التكنولوجي.
أما «بلاك روك»، فدخولها إلى السوق المحلي يعكس اهتمام المؤسسات المالية الكبرى بالاستثمار المستدام الطويل الأمد.
في حين يُعد «غولدمان ساكس» إضافة مهمة، تربط الكويت مباشرة بالشبكات المالية العالمية، وتوسع نطاق الفرص أمام المستثمرين الكويتيين والإقليميين.
الاستثمار في الإنسان أولاً
يبقى العنصر البشري الكويتي الركيزة الأساسية في هذه المنظومة.
فنجاح هذه الشراكات لن يتحقق إلا من خلال تمكين الكفاءات الوطنية وتزويدها بالمهارات اللازمة للمنافسة في الأسواق العالمية.
وتشكل هذه المرحلة فرصة ثمينة للشباب الكويتي لاكتساب الخبرات العملية والمهنية من مؤسسات تمتلك تاريخًا عالميًا في الابتكار والإدارة.
نحو اقتصاد المستقبل
الكويت اليوم لا تكتفي بجذب الاستثمارات، بل تعمل على تأسيس بيئة استثمارية متكاملة بروح عالمية وهوية وطنية، قوامها التعاون والابتكار والاستدامة.
إنها خطوة مهمة نحو تحقيق تنويع حقيقي في مصادر الدخل، وبناء اقتصاد قائم على المعرفة والتقنية، يعزز من مكانة الكويت كمحور اقتصادي رئيسي في المنطقة.
ختاماً
تمضي الكويت بثقة نحو اقتصاد المستقبل، حيث يلتقي رأس المال العالمي بالعقل الكويتي المبدع، حيث تتجسّد رؤية الدولة في بناء تنمية مستدامة تُحقق الازدهار للأجيال القادمة.
مالك عيسى العجيل - مستشار اقتصادي