اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
عيسى عبدالسلام -
في الوقت الذي تتركز فيه أنظار المستثمرين على الأرباح التشغيلية وحركة الأسهم المدرجة في بورصة الكويت، هناك مكون مالي آخر داخل ميزانيات الشركات المدرجة لا يحظى بالقدر نفسه من الاهتمام، رغم تأثيره الواضح على القوائم المالية وعلى قيمة الشركات، هذا المكون يتمثل في الأسهم غير المسعرة، وهي حصص تمتلكها الشركات في كيانات غير مدرجة، تسجل في الدفاتر المحاسبية دون تسعير فعلي أو تقييم سوقي دوري، ما يجعلها أصولا «صامتة» من حيث القيمة السوقية، لكنها مؤثرة من حيث التقييم الكلي للشركة، كونها استثمارات تتملكها الشركات المدرجة في شركات أو مشاريع غير مدرجة في السوق المالي، ويتم إدراجها في البيانات المالية بالقيمة التاريخية أو بالقيمة الدفترية، وليس بالقيمة السوقية أو العادلة.
وقالت مصادر استثمارية لـ القبس ان هذه الأسهم أو الأصول غير قابلة للتداول أو التقييم اليومي، وتظل في القوائم المالية بنفس القيمة التي تم الشراء بها، إلا في حال تحقق حدث مالي كبير مثل بيع الحصة أو تصفية الشركة المستثمر بها، ومن أبرز أمثلة هذه الملكيات التي قد تتواجد داخل أو خارج السوق المحلي:
- حصص في شركات عائلية أو خاصة لم تدرج بعد
- مساهمات في مشاريع مشتركة أو شركات زميلة غير مدرجة
- استثمارات تأسيسية في شركات ناشئة أو قيد التطوير
وأضافت المصادر أن الشركات المدرجة تسعى إلى تنويع محافظها الاستثمارية عبر الدخول في شركات غير مدرجة لأسباب استراتيجية عديدة، منها:
1- التحكم في سلسلة القيمة عبر الاستثمار في شركاء أو موردين استراتيجيين.
2- اغتنام فرص نمو مبكرة في قطاعات غير ممثلة بعد في السوق المالي.
3- توسيع قاعدة الأصول الطويلة الأجل كتحوط ضد تقلبات السوق المدرجة.
4- تحقيق مكاسب مستقبلية في حال إدراج تلك الشركات أو بيعها بقيمة أعلى.
وذكرت المصادر أن الأسهم غير المسعرة لا يجري عادة إعادة تقييمها سنويا، لأن المعايير المحاسبية الدولية لا تفرض تسعير الأصول إلا إذا توفرت سوق نشطة أو تقييم مستقل موثوق وبالتالي لا يظهر أي أثر لهذه الاستثمارات في الأرباح أو الخسائر إلا عند تحقق عملية بيع فعلية أو إعادة هيكلة استثمارية.
وبين أن هذه الأسهم أو الأصول غير المسعرة تدرج من الناحية المحاسبية في القوائم المالية تحت بنود مثل الاستثمارات المحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق، والاستثمارات بالقيمة الدفترية، بالاضافة الى استثمارات في شركات زميلة غير مدرجة بنظام حقوق الملكية أو من خلال تناولها كأسهم غير مسعرة فقط في بعض الميزانيات للشركات المدرجة.
الأثر المالي
رغم كون هذه الأسهم غير مسعرة إلا أنها قد تؤثر جذريا في الصورة المالية للشركات المدرجة من خلال عدة نماذج أبرزها:
- في الميزانية العامة: ترفع إجمالي الأصول المسجلة ما قد يحسن نسب الرافعة المالية أو قوة المركز المالي.
- في الأرباح: تظل أرباحها كامنة حتى يتم بيعها ما يعني أن الشركة قد تمتلك ثروة غير ظاهرة في بيانات الربحية الدورية.
- في التوزيعات: لا يمكن الاعتماد عليها كمصدر نقدي للتوزيعات، ما يجعل أثرها دفتريا أكثر من كونه سائلة.
- في التقييم السوقي للسهم: الشركات التي تمتلك حصصا نوعية في كيانات ناجحة رغم عدم تسعيرها قد تقيم من قبل المستثمرين بقيمة أعلى من بياناتها المحاسبية، أي أن هناك قيمة ضمنية غير معترف بها محاسبيا.
غياب التسعير
وأوضحت المصادر أن من أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين في قدرتهم على تحديد هذه الأصول وأثرها على البيانات المالية غياب التسعير الدوري مما يحد من شفافية القيمة الحقيقية للأصول، تفاوت منهجيات التقييم في حال تم اللجوء إلى تقديرات داخلية أو خارجية، ضعف الإفصاح في بعض الحالات عن تفاصيل الشركات المستثمر بها أو أدائها المالي، فضلا عن خطر تأكل القيمة بمرور الوقت في حال تراجع أداء الشركات غير المدرجة دون تحديث محاسبي.
وفي المقابل تحرص الجهات الرقابية على ضرورة الإفصاح عن طبيعة هذه الاستثمارات وقيمتها الدفترية ونسبة الملكية وأي تغييرات مادية تطرأ عليها خلال السنة المالية.
وقالت المصادر ان المستثمريتعامل مع الأسهم غير المسعرة بحذر عند تقييم الشركات المدرجة، إذ تعد عاملا غير مرئي في الأداء الفعلي، فالشركة التي تمتلك أصولا كبيرة غير مسعرة قد تكون أقوى ماليا مما تبدو عليه بياناتها، بينما شركة أخرى قد تظهر مركزا ماليا جيدا رغم أن تلك الأصول فقدت قيمتها فعليا، وبذلك تصبح الحاجة إلى التحليل النوعي أكبر من مجرد قراءة رقمية للميزانية.
مزيد من الشفافية
يتجه السوق الكويتي تدريجيا نحو رفع مستوى الإفصاح المحاسبي بما يتيح للمستثمرين رؤية أوضح عن مكونات الأصول غير المسعرة، فالمطلوب ليس فقط عرض القيمة الدفترية، بل أيضا توضيح ما إذا كانت هناك نية لبيع هذه الحصص أو تطويرها، ومدى مساهمتها المستقبلية في الأرباح.
كما أن وجود هذه الأصول يطرح تساؤلا أوسع حول مدى عدالة تقييم الأسهم المدرجة في السوق، إذ قد تكون بعض الشركات أقل تقييما من قيمتها الحقيقية بسبب تجاهل السوق لتلك الأصول الصامتة.


































