اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٤ أيار ٢٠٢٥
مدار الساعة - كتب: د. أحمد فايز العجارمة - واحدة من اهم محطات نشوء الدول وتطورها هي قدرتها على تحقيق استقلالها السياسي، ذلك أن الاستقلال شرط أساسي في وصول الدولة للنهضة والتقدم في شتى المجالات. وقد حاز مفهوم الاستقلال على اهتمام الفلاسفة السياسيين الذين أسسو لمفاهيم الدولة الحديثة، وفي هذا المقال الذي ينشر احتفالاً بالذكرى الـ 79 لاستقلال الممكلة الأردنية الهاشة، سنلقي الضوء على عدد من النماذج المختارة لمجموعة من المقاربات الفلسفية التي تناولت هذا المفهوم في الفلسفة السياسية الحديثة والمعاصرة.ونبدأ مع جون لوك باعتباره الأب المؤسس لمفاهيم الدولة الحديثة والذي يعدّ من أبرز فلاسفة التنوير الذين أسّسوا لمفهوم الدولة الحديثة المبنية على الحقوق الطبيعية والعقد الاجتماعي، والاستقلال السياسي عنده هو ضرورة لضمان تلك الحقوق، الأمر الذي أسهم في التأصيل لمبدأ تقرير المصير، والتأثير بشكل مباشر في الحركات التحررية، خاصة في الثورة الأمريكية; إذ أن فكرُه يربط الاستقلال السياسي بالحرية الفردية، والحقوق الطبيعية. بمعنى انه لا يمكن أن تبدأ الدولة في إطلاق الحريات الفردية وصيانة الحقوق الطبيعية للمواطنين دون ان تحقق أولاً استقلالها السياسي.أما أيمانويل كانط فقد قام بربط الإستقلال السياسي للدول بفمهومه للسلام الشامل بين الدول، وفكرته الأساسية في هذا السياق تنطلق من مبدأ أخلاقي عقلاني تقوم على احترام الإنسان وكرامته، فالإستقلال تعبير عن أحترام إنسانية الإنسان وكرامته في دولة حرة ضمن نظام دولي يقوم على احترام سيادة الدول ومنع التدخل في شؤونها، ورأى أن الاستقلال السياسي للدولة هو أساس السلام، العادل وذلك في طرح مبكر لما يسمى اليوم بالقانون الدولي المبني على احترام استقلال الشعوب.ورغم أن كارل ماركس لم يتناول مفهوم الإستقلال السياسي بشكل مباشر إلا انه في نقده الجذري للرأسمالية قدّم تفسيرًا عميقًا لعلاقات السيطرة والاستغلال بين الدول. معتبراً أن الاستعمار هو أداة في يد الرأسمالية العالمية لتأمين الأسواق والموارد، وأن الدول المُستعمَرة لا يمكن أن تتحرر سياسيًا دون كسر هذه التبعية الاقتصادية. أما إدوارد سعيد المفكر العربي الفلسطيني الكبير فقد تميّز بقراءته النقدية العميقة للاستعمار، وذلك في كتابه الشهير (الاستشراق)، الذي فضح فيه أهداف الاستشراق التي بنت صورة مشوهة للآخر الشرقي من أجل تبرير استعماره ونهب ثرواته بحجة أنه غير قادر على حكم نفسه مما منح 'تبريراً أخلاقياً للإستعمار. وبناء عليه فغن أن الاستقلال السياسي عند سعيد لا يكتمل دون تفكيك الخطاب الاستعماري، وكتابة الشعوب لروايتها الخاصة عن ذاتها وتاريخها.
مدار الساعة - كتب: د. أحمد فايز العجارمة - واحدة من اهم محطات نشوء الدول وتطورها هي قدرتها على تحقيق استقلالها السياسي، ذلك أن الاستقلال شرط أساسي في وصول الدولة للنهضة والتقدم في شتى المجالات. وقد حاز مفهوم الاستقلال على اهتمام الفلاسفة السياسيين الذين أسسو لمفاهيم الدولة الحديثة، وفي هذا المقال الذي ينشر احتفالاً بالذكرى الـ 79 لاستقلال الممكلة الأردنية الهاشة، سنلقي الضوء على عدد من النماذج المختارة لمجموعة من المقاربات الفلسفية التي تناولت هذا المفهوم في الفلسفة السياسية الحديثة والمعاصرة.
ونبدأ مع جون لوك باعتباره الأب المؤسس لمفاهيم الدولة الحديثة والذي يعدّ من أبرز فلاسفة التنوير الذين أسّسوا لمفهوم الدولة الحديثة المبنية على الحقوق الطبيعية والعقد الاجتماعي، والاستقلال السياسي عنده هو ضرورة لضمان تلك الحقوق، الأمر الذي أسهم في التأصيل لمبدأ تقرير المصير، والتأثير بشكل مباشر في الحركات التحررية، خاصة في الثورة الأمريكية; إذ أن فكرُه يربط الاستقلال السياسي بالحرية الفردية، والحقوق الطبيعية. بمعنى انه لا يمكن أن تبدأ الدولة في إطلاق الحريات الفردية وصيانة الحقوق الطبيعية للمواطنين دون ان تحقق أولاً استقلالها السياسي.
أما أيمانويل كانط فقد قام بربط الإستقلال السياسي للدول بفمهومه للسلام الشامل بين الدول، وفكرته الأساسية في هذا السياق تنطلق من مبدأ أخلاقي عقلاني تقوم على احترام الإنسان وكرامته، فالإستقلال تعبير عن أحترام إنسانية الإنسان وكرامته في دولة حرة ضمن نظام دولي يقوم على احترام سيادة الدول ومنع التدخل في شؤونها، ورأى أن الاستقلال السياسي للدولة هو أساس السلام، العادل وذلك في طرح مبكر لما يسمى اليوم بالقانون الدولي المبني على احترام استقلال الشعوب.
ورغم أن كارل ماركس لم يتناول مفهوم الإستقلال السياسي بشكل مباشر إلا انه في نقده الجذري للرأسمالية قدّم تفسيرًا عميقًا لعلاقات السيطرة والاستغلال بين الدول. معتبراً أن الاستعمار هو أداة في يد الرأسمالية العالمية لتأمين الأسواق والموارد، وأن الدول المُستعمَرة لا يمكن أن تتحرر سياسيًا دون كسر هذه التبعية الاقتصادية.
أما إدوارد سعيد المفكر العربي الفلسطيني الكبير فقد تميّز بقراءته النقدية العميقة للاستعمار، وذلك في كتابه الشهير (الاستشراق)، الذي فضح فيه أهداف الاستشراق التي بنت صورة مشوهة للآخر الشرقي من أجل تبرير استعماره ونهب ثرواته بحجة أنه غير قادر على حكم نفسه مما منح 'تبريراً أخلاقياً للإستعمار. وبناء عليه فغن أن الاستقلال السياسي عند سعيد لا يكتمل دون تفكيك الخطاب الاستعماري، وكتابة الشعوب لروايتها الخاصة عن ذاتها وتاريخها.