اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٨ تموز ٢٠٢٥
صبرًا يا مدينة الأحرار
د. محمود المساد
لأول مرة في تاريخ البشرية، تظهر للعيان المدينة المعجزة!!
ناس المدينة، وشوارعها، ومبانيها، وأنفاقها، بل وعشرات الصور المركبة تداخلت فيها، وعلى أرضها، وتحت سمائها، وعلى رمال شواطئها، وفي مناطقها العازلة، وتحت خيام مواصيها ...
حقّا، إنها مدينة المتناقضات، مدينة الله في أقدس تجلياتها، المدينة التي انتصرت فيها صور الكرامة على الخيانة، وعلى أباليس العمالة، وانتصر فيها الحق على الباطل، والفصائل على الجيوش، والذكاء على الغباء، والطهر على العُهر، والجوع على الشبع، والتحدي على الخنوع….وغيرها من صور النضال المشروع في مواجهة قوى البطش، والكراهية، والبلطجة، وكذلك قطعان المستوطنين.
معجزة المدينة تكمن في أنها ليست جغرافيا بحدود، بل هي متسعة بفضاء الأرض، حرّكت أحرار العالم مع قضيتها، وقلبت الموازين المزيفة، وخلخلت معايير المنطق السائد. إنها عالم من الأحرار في مدينة واحدة، صدرها ساحة معركة، وقلبها شذرات محبة وإيمان، جمعت لصفّها كل مَن في قلبه بذرة خير في العالم، بغض النظر عن دينه، ومعتقده، ولونه، ومكان ميلاده!!
كشفت هذه المدينة الحرة المجاهدة ألوان النفاق في هذا العالم ، وأثبتت للقاصي والداني أن المناصرة ليست حكرا على الدين، والدم، والجغرافيا، والتاريخ، واللغة،….بل هي في واقع الحال تجمعات من الناس حول طعم الحرية، و حول الجرأة من أجل التحرر، مقابل الثعابين من زمرة الفساد، والتجبر في كل مكان.
لقد حاصرت مدينة الاحرار مدن البطش، والوحشية، وتركت قادتها الجلادين نهبًا للتقزيم، والنبذ، والكراهية، كما عرّزت رواياتهم في رعاية مفاهيم الحرية، والديمقراطية، والعدل أمام شعوب العالم، وأنهم وأنظمتهم التي نصّبوا أنفسهم حراس القيم الأخلاقية، هؤلاء الذين يصنفون عليها دول العالم الثالث والرابع ….وحتى مجتمعات الحيوان والنبات، معها أو ضدها، بحسب مصالحهم وأهوائهم . لكنهم وبدل أن يستمروا في زيفهم، باتوا قادة لدول وعواصم باهتة، بل كاذبة، وسخيفة، في الوقت نفسه الذي كسبت معه عاصمة الأحرار وتكسب كل يوم أفواجا تلو أفواج من طلاب الحرية والتحرر، والعدل على مدى جغرافيا الكرة الأرضية .
شكرًا سيدتي الأرض؛ أيتها المدينة المعجزة، يا من انتفضت على عفن التاريخ الحديث المزيف، وكتبت بحروف من نور تاريخ الأمة الحاضر بمداد من دم، وكرامة…..لا تتوجعي سيدتي صاحبة العفة، ولا تتذمري!! فوالله أنك المستقبل المشرق، الحر، ولقد بدأت بوضع أساساته الصلبة، بكل كبرياء العز والكرامة، وسيكمل المشوار من زرعتهم في كل مكان، من أرض الله الرحبة، بما عليها من أحرار العالم، من أديان الأرض، وأعراقها، وألوانها كافة.
يا مدينة الله، استمري على هذا النهج الطاهر … فتوأمك الداعم بقوة متجذر هنا في عمّان، فسيري على بركة الله، فلن يخذلك شعب عمّان النشامى .