اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
في عالم يتطور بسرعة و تتزايد فيه تعقيدات العملية التعليمية، يبرز كتاب (علم بثقة) للمؤلف والمعلم المتميز (دوغ ليموف) كنقطة مرجعية للمعلمين الطموحين، الذين يسعون إلى تجاوز الأساليب التقليدية وتحقيق أقصى درجات الفعالية والتأثير في صفوفهم؛إذ لا يُعد هذا الكتاب مجرد دليل نظري، بل هو خلاصة ملاحظات ميدانية و عملية مجربة، تهدف إلى إكساب المعلمين الأساليب التي تمكنهم من أن يكونوا فنانين في مهنتهم، لديهم القدرة على تحويل الطلاب إلى روائع ذات قيمة عظيمة.
و ينقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء رئيسية، كل منها يمثل ركيزة أساسية في بناء بيئة تعليمية مثالية:
فها هو الجزء الأول الذي جاء بعنوان (التأكد من فهم واستيعاب الطلب) يركز على الأهمية القصوى لتقييم مدى استيعاب الطلاب للمادة الدراسية، يقدم خلاله (ليموف) استراتيجيات دقيقة لجمع البيانات عبر طرح الأسئلة الذكية والملاحظة المنهجية، مع التأكيد على بناء ثقافة صفية تشجع على التجريب، و التعلم من الأخطاء بهدف تمكين المعلم من قراءة عقول طلابه، مما يتيح له تصميم دروس تلبي احتياجاتهم الفردية، و تضمن فهمًا عميقًا ودائمًا للمحتوى.
أما الجزء الثاني الذي تحدث فيه ليموف عن (الإيقاع الأكاديمي) فقد تناول سبل الارتقاء بالروح الأكاديمية داخل الصف الدراسي، و سلط الضوء على أهمية اعتماد منهجية بحثية دقيقة في التدريس، وتشجيع الطلاب على التفكير النقدي والتحليلي،ذلك أن هدف الإيقاع الأكاديمي هو خلق بيئة تعليمية ديناميكية، لا تقتصر على تلقين المعارف، بل تحفز الطلاب على الانخراط بفاعلية في عملية التعلم، وتنمية قدراتهم على البحث والاستقصاء، بما يرفع من مستوى الدقة الأكاديمية لديهم.
وقد جاء الجزء الثالث الذي تحدث عن (نسبة مشاركة الطلبة في الغرفة الصفية) ليغوص في فن تحفيز مشاركة الطلاب، ويقدم نوعين رئيسيين من 'النسب' التي يمكن للمعلم قياسها وتحسينها: نسبة المشاركة التي تعكس اتساع وتكرار مشاركة الطلاب، و نسبة التفكير التي تقيس عمق مشاركتهم الفكرية عبر استراتيجيات عملية لزيادة التفاعل الصفي، وتشجيع الطلاب على طرح الأسئلة، والمشاركة في النقاشات، والتعبير عن أفكارهم بثقة، و تعزز من عملية التعلم التعاوني والنشط.
ليأتي الجزء الرابع ويوضح( المبادئ الخمسة للثقافة الصفية) فهذا المجال هو بمثابة البوصلة التي توجه المعلمين نحو بناء ثقافة صفية إيجابية ومنتجة، يُشدد من خلالها'ليموف' على أن الغرض الأساسي من النظام في الصف هو تعزيز التعلم الأكاديمي، وأن الثقافة المتميزة تتطلب جهداً أكبر بكثير من مجرد القضاء على الاضطرابات،و هذا يعني بناء بيئة يسودها الاحترام المتبادل، والانضباط الذاتي، والتعاون، حيث يشعر كل طالب بالأمان والتشجيع على التعبير عن ذاته والمشاركة بفاعلية في رحلة التعلم.
إن 'علم بثقة' يؤكد على أن التدريس ليس مجرد مجموعة من الإجراءات الآلية، بل هو فن يتطلب براعة ومهارة،حيث يشبه المؤلف المعلم 'بالنحات' مخول بالعمل الجاد على 'المواد الخام'، وذلك من خلال اكتساب وتطبيق مهارات أساسية؛ هذا ما يتطلب من المعلمين أن يكونوا قادرين على 'التحكم بالإزميل ' وتوجيه الطلاب نحو تحقيق أهدافهم التعليمية، وأن يدركوا أن النجاح لا يعتمد على نظرية معينة فحسب، بل على القدرة على التكيف والإبداع في تطبيق الأساليب.
و ما يميز هذا الكتاب هو تركيزه على الجانب العملي والتطبيقي، إذ لا يكتفي بتقديم المفاهيم، بل يدعمها بـ'فيديوهات مصورة' توضح كيفية تطبيق الأساليب في الواقع الصفي، و لطالما ساهمت هذه الأدوات العملية، إلى جانب تدريب آلاف المعلمين والمديرين، في نقلهم من مستوى الأداء الجيد إلى التميز الحقيقي،شارحا حلولاً ملموسة للتحديات اليومية التي يواجهها المعلمون، مشجعًا إياهم على البحث عن 'الفرص الصحيحة' لتطبيق الأساليب بفعالية، وتحويل الفصول الدراسية إلى مختبرات حقيقية للتعلم والنمو.
ليأتي كتاب 'علم بثقة' في سياق حركة إصلاح تعليمية واسعة النطاق، خاصة في المناطق المحرومة التي تعاني ضعف التعليم،و ليكون هذا الجهد راميا إلى تحقيق العدالة التعليمية، من خلال تزويد المعلمين بالأدوات والمنهجيات اللازمة لتجاوز العقبات البيروقراطية وتحقيق نتائج ملموسة في الصفوف الدراسية، إنه حافز للمعلمين ليصبحوا قادة حقيقيين في مجتمعاتهم التعليمية، قادرين على رسم مستقبل أفضل للطلاب، وبناء جيل يمتلك الثقة والمعرفة لتحقيق أحلامه و يسعى إلى التميز والريادة في مهنته، و يمنحنا فلسفة تعليمية متكاملة، تجمع بين الفن والعلم، و النظرية والتطبيق، لتمكين المعلمين من إحداث فرق حقيقي في حياة طلابهم، و مستقبل تعليمهم.
غاندي النعانعة