اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
زهران ممداني: فوز يكتب التاريخ… انتصار لفلسطين ومأتم لإسرائيل وترامب
كتب حلمي الأسمر -
في تحول سياسي غير مسبوق، حقق زهران ممداني فوزاً مفاجئاً في انتخابات عمدة نيويورك، ليصبح الظاهرة الانتخابية التي قلبت موازين القوة السياسية المحلية والدولية. هذا الفوز لم يكن حدثاً محلياً عابراً، بل تحوّلاً تاريخياً يحمل رسائل سياسية ورمزية واضحة لكل من فلسطين وإسرائيل، وللرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي لا يزال في السلطة.
أولاً: فوز ممداني وكيف تحقق
زهران ممداني نجح في حصد دعم واسع من مختلف الفئات، خصوصاً الشباب والمهاجرين العرب والأقليات، مستفيداً من تراجع شعبية ترامب بين قطاعات مهمة من الناخبين، ومعارضة سياساته الأحادية تجاه الشرق الأوسط.
حملت حملته رسائل دعم صريحة وغير مباشرة للقضية الفلسطينية، ورفضاً للسياسات التي منحته التفويض الأعمى لإسرائيل.
اعتمد ممداني على خطاب يجمع بين العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، مع استراتيجية تواصلية ذكية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ما جعله يحصد ثقة قاعدة انتخابية واسعة ومتنوعة.
ثانياً: شخصية زهران ممداني
ممداني معروف بقدرته على قراءة المشهد السياسي الدولي، وفهمه العميق لتعقيدات السياسة الشرق أوسطية. قوته تكمن في دمج الرمزية السياسية مع المصداقية الواقعية، ليصبح شخصية تجمع بين التحليل الاستراتيجي والعمل الشعبي.
ثالثاً: ردود الفعل على الفوز
الرئيس ترامب، عبر منصة تروث سوشال، أرجع خسارة الجمهوريين إلى عدم وجود اسمه على ورقة الاقتراع والإغلاق الحكومي، في أول رد فعل له بعد النتائج.
زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر وصف النتائج بأنها رفض قاطع لأجندة ترامب، مشيراً إلى أن الشعب الأمريكي رفض القسوة والفوضى والجشع المرتبطين بتطرف حركة 'جعل أميركا عظيمة مجدداً'.
السيناتور بيرني ساندرز اعتبر فوز ممداني واحدة من أكبر المفاجآت السياسية في التاريخ الأمريكي الحديث، مؤكدًا أن هذا الانتصار له دلالات عميقة على مستوى السياسة الداخلية والخارجية.
رابعاً: دلالات الفوز
1. انتصار رمزي للفلسطينيين:
الفوز يرسل رسالة قوية بأن العدالة الدولية وحقوق الفلسطينيين ليست حبر على ورق، وأن المجتمع الدولي بدأ يعيد النظر في السياسات التقليدية الأحادية.
2. مأتم سياسي لإسرائيل وترامب:
بالنسبة لإسرائيل، هو إنذار بأن النفوذ الأمريكي لم يعد مطلقاً كما كان. وبالنسبة لترامب، هو تحذير من تراجع شعبيته حتى داخل قواعده التقليدية.
3. إعادة رسم التوازن الدولي:
من المتوقع أن يشهد الشرق الأوسط إعادة تقييم في الاستراتيجيات الأمريكية، وفتح الباب أمام سياسات أكثر حساسية تجاه الحقوق الفلسطينية.
خامساً: انعكاسات مستقبلية
صعوبة استمرار إسرائيل في سياساتها الأحادية أو التوسع العسكري دون مراعاة متغيرات القوة الجديدة.
زيادة الضغوط الدولية لإعادة إطلاق مبادرات دبلوماسية عادلة.
تحوّل ترامب إلى شخصية تواجه اختباراً جديداً في قياس نفوذها داخل الرأي العام الأمريكي.
خاتمة
فوز زهران ممداني ليس مجرد حدث انتخابي، بل لحظة تاريخية تعكس تحوّلاً عميقاً في السياسة الأمريكية والعالمية. هو انتصار للقيم الإنسانية والعدالة الدولية، وبصيص أمل للفلسطينيين، ومأتم رمزي لإسرائيل ولترامب، ورسالة واضحة بأن القوة المطلقة في السياسة لم تعد مضمونة، وأن إرادة الشعب قادرة على كتابة التاريخ.
نيويورك: قلب العالم وفوز ممداني كنافذة رمزية واستراتيجية
نيويورك ليست مجرد مدينة، بل هي بوتقة قوة اقتصادية وسياسية وثقافية وروحية، حيث تتلاقى مصالح الأمم والشعوب والأديان والثقافات في بوتقة واحدة لا تهدأ. من ناطحات السحاب التي تخترق السماء، إلى شوارعها المزدحمة التي لا تعرف النوم، تتشكل فيها السياسات التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، وتُصاغ فيها الأفكار التي تتجاوز الحدود إلى كل أصقاع الأرض. وول ستريت ليست مجرد شارع، بل قلب نابض للثروات العالمية، فيما وسائل الإعلام التي تتخذ من المدينة مقرًا لها تشكل الرأي العام الأمريكي والعالمي على حد سواء.
ولا يمكن فهم أهمية المدينة دون التوقف عند نفوذ الجالية اليهودية، الأكبر عالميًا، والتي لعبت تاريخيًا دورًا محوريًا في السياسة، الاقتصاد، والثقافة في نيويورك والولايات المتحدة. من وول ستريت إلى الإعلام، ومن الجامعات والمعاهد الدينية إلى اللوبيات السياسية، يظل تأثير اليهود في صياغة السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط والعالم غير محدود.
وفي هذا السياق، يأتي منصب عمدة نيويورك كأحد أكثر المناصب قوة وتأثيرًا في الولايات المتحدة. العمدة يمتلك صلاحيات واسعة: الميزانية الأكبر بين الولايات الأمريكية، التأثير على الأمن والتعليم والبنية التحتية، رسم أولويات الاقتصاد المحلي، وحتى النفوذ غير المباشر على الإعلام والثقافة العامة. العمدة هو واجهة المدينة أمام الكونغرس والأمم المتحدة، ولا يقتصر تأثيره على حدود نيويورك، بل يمتد إلى السياسة الوطنية والدولية.
فوز زهران ممداني بهذا المنصب ليس مجرد حدث انتخابي، بل تجربة سياسية رمزية وعملية في آن واحد. ممداني، المولود في كمبالا، أوغندا، من أب هندـي وأم هندية، مسلم من الطائفة الشيعية الإثنا عشرية، عاش طفولته بين أفريقيا والولايات المتحدة، أصبح اليوم قائدًا للمدينة الأهم عالميًا. زواجه من Rama Duwaji، فنانة أمريكية من أصول سورية، يضيف بعدًا ثقافيًا وجغرافيًا متشابكًا بين آسيا، أفريقيا، أمريكا، والشرق الأوسط، ويجسد صورة حضارية متنوعة ومتكاملة على صعيد النفوذ الشخصي والاجتماعي.
هذا الفوز يعكس تحولًا في المشهد السياسي للمدينة، ويفتح نافذة رمزية للعرب والمسلمين على أحد أقوى المراكز السياسية في العالم. كل خطوة لممداني، وكل قرار يتخذه، سيكون مراقبًا من قبل المجتمع الأمريكي والعالمي، وسيحمل انعكاسات تتجاوز حدود المدينة إلى السياسة الأمريكية، نفوذ الجالية اليهودية، والدبلوماسية الدولية. نيويورك ليست مجرد مدينة، وفوز ممداني ليس مجرد حدث انتخابي؛ إنها تجربة رمزية وعملية، حيث تتلاقى القوة، النفوذ، الثقافة، والرمزية في بوتقة واحدة، لتعيد صياغة صورة القيادة في قلب العالم.












































