رسالة إلى رئيس الوزراء

#سواليف

كتب .. الدكتور محمد تركي بني سلامة

دولة الدكتور #جعفر_حسان الأكرم، #رئيس_الوزراء المحترم

تحية أردنية خالصة، وبعد،

استنادًا إلى المادة (9) من الدستور الأردني، التي تكفل لكل مواطن حق مخاطبة السلطات العامة بشأن ما يعنيه من شؤون عامة أو خاصة، أتوجه إليكم بهذه الرسالة، لا طلبًا لمنفعة، بل وفاءً للمسؤولية الوطنية، وإيمانًا بأن هذا الوطن يستحق منا جميعًا أن نرفع الصوت حين يكون الصمت خيانة للأمل.

دولة الرئيس،

بصدق ووضوح، لم أكن من المتفائلين حين تم تكليفكم بتشكيل الحكومة، ولست هنا بصدد ذكر الأسباب، فهي معروفة ومفهومة. غير أن الغالبية العظمى من الأردنيين ما زالوا يشعرون أن كرسي رئاسة الوزراء بقي شاغرًا منذ استشهاد وصفي التل ورحيل هزاع المجالي، دون التقليل من شأن عديد من أصحاب الدولة، وعلى رأسهم الراحل مضر بدران، وأطال الله عمر دولة أحمد عبيدات (أبو تامر) ودولة عون الخصاونة (أبو عون).

نحن لا نطالبكم بأن تكونوا وصفيًا أو هزاعًا جديدًا، لكننا نرجو أن تسيروا على درب من صانوا هيبة الدولة وعزّزوا كرامة المواطن ورفعوا راية الإصلاح الحقيقي.

ما دفعني إلى الكتابة اليوم ليس شأنًا شخصيًا ولا موقفًا سياسيًا، بل قضية وطنية عميقة تمسّ جوهر التقدم والنهضة، وهي واقع البحث العلمي في الأردن. واقعٌ مخنوق بتشريعات بالية وأنظمة بيروقراطية، تجعل من الباحث خصمًا لا شريكًا، وتحوّل الابتكار إلى معركة يومية مع روتين قاتل لا يؤمن بالتميّز.

بعض رؤساء الجامعات – للأسف – أعداء صريحون للبحث العلمي، لا يؤمنون بالإبداع، ويخشون كل فكرٍ حرّ، فيتسلّحون بالتعليمات لضرب كل محاولة للتجديد.

خلال المؤتمر العلمي الذي عقده المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا تحت رعاية سمو الأمير الحسن بن طلال، وبمشاركة واسعة من الخبراء والعلماء، طُرحت بوضوح أزمة هذه التشريعات، وعلى رأسها قانون المشتريات العامة، الذي يُعدّ عائقًا رئيسيًا أمام تمويل البحث وصرف مخصصاته في الوقت والمكان المناسبين.

وقد أطلق سمو الأمير مبادرة وطنية لإعداد قانون شامل لدعم البحث العلمي والتطوير، قانون يفتح آفاق الابتكار، ويحمي عقل الباحث، ويربط العلم مباشرة بخطط التنمية.

نحن لا نملك ترف تجاهل هذه المبادرة. البحث العلمي ليس رفاهية، بل ضرورة اقتصادية، وأساس في أمننا الوطني، ومنطلق لكل تنمية مستدامة. فهل يعقل أن نبني مستقبلًا بلا علم، وننافس في العالم بلا معرفة؟

نناشدكم – من موقعكم ومسؤوليتكم – أن تكونوا عرّاب هذا التحول. أن تطلقوا مبادرة حكومية لإعداد مسودة قانون وطني عصري لدعم البحث العلمي، تُعرض على مجلس الأمة في أولى دوراته. ليُسجل في سجل إنجازات حكومتكم، ويُعيد مكانة العقل الأردني إلى موقع القيادة في مسيرة الإصلاح والتقدم.

وأخيرًا، أشكر لكم تواضعكم ونهجكم العملي، وزياراتكم الميدانية التي نتابعها بتقدير. وأدعــو دولتكم – بكل محبة – لزيارة جامعة اليرموك، واللقاء بمجموعة من أساتذتها من خارج إطار الإدارة الرسمية، للوقوف على الواقع الحقيقي بعيدًا عن التجميل والتزييف.

وختامًا، أكتب لكم وأنا أرى فيكم فرصة لإحداث فارق، إن أردتم، وإن آمنتم أن الأردن لا يمكن أن يتقدم إلا بعقول أبنائه لا بثقل بيروقراطيته.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،

٨ تموز ٢٠٢٥

المفرق