اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
'التجويع كسلاح حرب: د. أريج جبر تكشف أركان الإبادة الجماعية البطيئة في غزة' #عاجل
خاص الأردن 24 - أكدت أستاذة العلوم السياسية والخبيرة في الشأن الفلسطيني، الدكتورة أريج جبر، أن ما يتعرض له قطاع غزة منذ أشهر يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، بموجب ما نص عليه ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، وتحديدًا المادة (8) التي تُجرّم صراحة التجويع المتعمد للمدنيين، خاصة حين يُستخدم كأداة لإخضاع السكان أو دفعهم نحو التهجير القسري أو التخلي عن دعم المقاومة.
انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف
وأضافت جبر، في تصريح خاص لـ'الأردن 24'، أن ما يحدث في غزة يشكّل خرقًا فاضحًا لاتفاقيات جنيف، لا سيما الاتفاقية الرابعة، التي تُلزم قوة الاحتلال بتوفير الغذاء والدواء للمدنيين في الأراضي المحتلة، وتُحرّم استخدام الحصار والعقوبات الجماعية كسلاح سياسي أو عسكري.
سياسة تجويع ممنهجة
وشددت جبر على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بمنع دخول المساعدات وتدمير الإمدادات الغذائية، بل يستخدم التجويع كأداة مركزية ضمن سياسة إبادة جماعية بطيئة، تُنفذ بأدوات متداخلة ومتزامنة تشمل الحصار، الترويع، التدمير، الإنكار، والتحكم بالرواية الإعلامية.
رفض الاعتراف بالمجاعة: تموضع استراتيجي
ورأت جبر أن رفض الاحتلال الاعتراف بوجود مجاعة في غزة ليس مجرد موقف دعائي، بل تموضع استراتيجي هدفه منع أي تدخل أممي أو مساءلة جنائية، ولإبقاء منظمات الإغاثة الدولية وعلى رأسها 'الأونروا' خارج المعادلة.
وأضافت أن الاحتلال يدرك خطورة عودة الأونروا، ليس فقط بوصفها الجهة الأكثر كفاءة وعدالة في توزيع المساعدات، بل لأنها تمثّل الشاهد الحي على قضية اللاجئين وحقوقهم التاريخية، ما يجعلها تهديدًا مباشرًا للرواية الإسرائيلية.
أهداف استراتيجية للتجويع
وأوضحت جبر أن سياسة التجويع الحالية ليست طارئة أو ناتجة عن ظروف الحرب، بل هي نهج عسكري وسياسي منظم يهدف إلى:
كسر إرادة الصمود الشعبي بحرمان الناس من مقومات الحياة الأساسية.
تفكيك المجتمع الفلسطيني وتحويله إلى أفراد متنافسين على فرص النجاة.
دفع السكان نحو الهجرة القسرية الجماعية في إطار 'ترانسفير صامت'.
تحييد الحاضنة الشعبية للمقاومة عبر تحميلها مأساة الواقع اليومي.
تأجيج الانقسامات السياسية والاجتماعية الداخلية.
أدوات الاحتلال في حرب التجويع
ولفتت إلى أن الاحتلال يستخدم مجموعة متكاملة من الأدوات لتحقيق هذه الأهداف، منها:
القصف العشوائي والترويع النفسي المنهجي.
منع دخول المساعدات عبر معابر كرم أبو سالم، ورفح، وزيكيم.
إتلاف متعمد للأغذية والمواد الطبية، باعتراف مؤسسات إسرائيلية.
عرقلة عمل المنظمات الدولية، خصوصًا الأونروا، لمنع الرصد والتوثيق الميداني.
تحويل غزة إلى بؤرة منهارة
وأكدت جبر أن الاحتلال لا يهدف فقط إلى خنق غزة اقتصاديًا وإنسانيًا، بل يسعى إلى تحويل القطاع إلى بؤرة بشرية منهارة، تمهيدًا لفرض تسوية قسرية أو إدارة أمنية بديلة.
وأضافت أن هناك مؤشرات على محاولة إحلال كيانات مشبوهة مثل 'مؤسسة غزة للمساعدات'، والتي تقوم بدور استخباراتي مموّه تحت غطاء العمل الإغاثي، مما يفرغ الفعل الإنساني من مضمونه ويخضعه لأجندة الاحتلال.
المعركة الأخطر: الرواية والخطاب
وفي ختام حديثها، شددت الدكتورة أريج جبر على أن المعركة الأخطر تدور على مستوى الرواية، حيث يسعى الاحتلال إلى طمس حقيقة المجاعة والكارثة الإنسانية، وتقديمها على أنها نتاج للدعاية 'الحماسية'.
ولفتت إلى أن الاحتلال يستند في ذلك إلى تصريحات فلسطينية رسمية، مثل تلك الصادرة عن حسين الشيخ، لدعم روايته، مما يعمّق أزمة التمثيل السياسي الفلسطيني، ويُسهم في مزيد من عزل غزة دوليًا وتهميش نضالها السياسي والإنساني.