الإنحداروالإسفاف في مسلسلات رمضان

سألتْ نفسيٍ مرارا وتكراراً لماذا اكتبْ عنْ مسلسلاتِ رمضانْ التلفزيونيةِ ، معَ العلمِ بأني لا اتابعَ هذهِ المسلسلاتِ منذُ أكثرَ منْ عشر سنواتٍ.

ولكنَ عدمَ مشاهدتها لها لا يعني بأني لا أعرفها ولا اسمعْ عنها منْ خلالٍ الآخرينَ ، مما يشعرني بالاشمئزازِ كثيرا للمحتوى غيرِ الأخلاقيِ والانحدارِ في القيمِ فيها التي  تردت له ، على عكسِ ما وصلتْ إليهِ المسلسلاتُ في السنواتِ والعقودِ الماضيةِ حيثُ كانتْ مسلسلاتٌ تراثيةٌ تحثُ على التحلي بمكارمِ الأخلاقِ والتراحمِ بينَ أفرادِ الأسرةِ الواحدةِ والمجتمعِ بشكلٍ عامٍ وكانتْ مسلسلاتُ موجهٍ غنية بالرسائلِ الحميدةِ وتبثُ رسائلُ مجتمعيةٌ إيجابيةٌ توعويةٌ تثقيفيةٌ فما زالنا نذكرُ كلُ تفاصيلها.

ويجولُ في خاطرنا الكثيرَ منْ هذهِ المسلسلاتِ التي لامستْ شغافَ قلوبنا وأحببناها والتي كانتْ محورَ حديثنا خلالَ جلساتنا ومناسباتنا الاجتماعيةِ بغضِ النظرِ عنْ محتواها إذا ما كانتْ اجتماعيةً أوْ كوميديةٍ أوْ بدويةٍ فقدْ وطدتْ فينا نموذجُ المواطنِ الصالح الاردني الذي نريدُ ، وعكسَ ما يتحلى بهِ النشاما منْ طيبٍ المعشرْ وحسنِ الأخلاقِ والكرمِ ونصرةِ الملهوفِ وغيرها منْ الصفاتِ الحميدةِ التي كنا ومازلنا نعتزُ بها نفتخرُ.

وفي مرحلةٍ لاحقةٍ جاءتْ المسلسلاتُ السوريةُ بأفكارِ جيدةٍ بما يتناسبُ معَ روحِ المجتمعِ العربيِ وقيمهِ وصفاتهِ وكانتْ لناهذهْ أيضا تجربةً جميلةً خلقتْ جوا تفاعليا إيجابيا في المجتمعِ الأردنيِ.

للأسفِ المسلسلاتِ الأردنيةَ اختفتْ وحلتْ محلها المسلسلاتِ السوريةَ التي في آخرٍ أوقاتها تراجعتْ في المحتوى والأداءِ والرسائلِ التي تضمنتها.

وانْ ما نشاهدهُ اليومَ منْ مسلسلاتٍ تلفزيونيةٍ لا تمسُ حياةَ المواطنِ وهيَ غريبةٌ عنْ ثقافتنا واساسياتنا المجتمعيةَ بأيِ شيِ شكلِ منْ الأشكالِ.

لا بلْ على العكسِ منْ ذلكَ فهيَ تعملُ بشكلٍ ممنهجٍ ودائمٍ على زرعِ القيمِ الهجينةِ والغريبةِ على قيمنا المجتمعيةِ وتبثُ وتزرعُ الأفكارالمسمومهْ على المستوى الأسريِ والمجتمعيِ في أنَ واحد.

وانْ ما نراهُ اليومَ منْ مسلسلاتٍ عاليةٍ الانحطاطِ في مضمونها وأدائها ، فهيَ تعرضُ المحتوى الغريب و الفاحشِ موشحُ بلانحطاطْ الأخلاقيَ والبلطجةِ والخيانةِ والتفككِ الأسريِ وانتشارِ المخدراتِ وكأنها تروجُ في الواقعِ لهذا كلهِ وكأنها أيضا تصور بأنَ هذهِ الظاهرِ الغريبةِ أصبحتْ جزءٌ منْ حياتنا،و يجبُ علينا قبولها تدريجيا حتى تصبحَ جزءٌ منْ الثقافةِ المجتمعيةِ وأنْ بانتْ عكسَ ذلكَ ، فإنَ تكرارها والتعودُ على مشاهدتها سوفَ يدفعُ الأجيالَ القادمةَ لتبني هذهِ المبادئِ والمعتقداتِ للأسفِ الشديدِ.

لقدْ كانتْ كثيراً من المسلسلاتُ و البرامج في الفتراتِ السابقةِ تعلمنا ما دارَ في تاريخِ أمتنا و حضارتنا، فقدْ استمدتْ مضمونها منْ بطونٍ كتبَ الأدبُ العربيُ والإسلاميُ وقامتْ في تجسيدة لإيصالِ المعلوماتِ الثريةِ للأجيالِ الحاليةِ والقادمةِ.

ولقدْ كانَ لهذهِ الحقبةِ الأثرُ الكبيرُ في تذكيرِ وتوعيةِ الأجيالِ بالتاريخِ العربيِ والإسلاميِ الذي نعتزبهْ ونفتخرُ. وبعكس ذلك فأنَ المسلسلاتِ الحالية المدبلجةَ التي تأتينا بتغليفٍ خارجيٍ لا تتماشى ولا تمثلُ واقعنا على الإطلاقِ بما فيها الكثير من المسلسلاتُ اللاتينية و التركيةُ أيضا ، أنْ تغريبَ المسلسلاتِ و البرامج التفزيونية يعدُ تحديا صارخا لمجتمعاتنا وتغريبها.