اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٤ تموز ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
أ.د اسماعيل ابوعامود - بداية، لا بد من توجيه الشكر إلى وزارة السياحة والآثار على جهودها المستمرة في متابعة أداء القطاع السياحي، وإصدار النشرات الإحصائية الدورية التي تسهم في تعزيز الشفافية وتوجيه السياسات العامة. تشير الارقام الصادرة عن وزارة السياحة الي نمو في اعداد السياح والدخل السياحي للجزء الاول من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وبالرجوع إلى الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الوزارة للأعوام الممتدة من عام 2022 وحتى النصف الأول من عام 2025 ، يكشف عن مؤشرات تستدعي التوقف والتأمل، وتثير العديد من التساؤلات حول واقع القطاع السياحي.
تشير البيانات الرسمية إلى أن إجمالي عدد السياح الوافدين إلى الأردن في عام 2022 بلغ (5,049,105) خمسة ملايين وتسعة وأربعين ألفًا ومئة وخمسة سائحين، توزعوا بين (1,888,952) في النصف الأول، و(3,160,153) في النصف الثاني.
وفي عام 2023 ، ارتفع العدد إلى (6,353,655) ستة ملايين وثلاثمئة وثلاثة وخمسين ألفًا وستمئة وخمسة وخمسين سائحًا، بواقع (3,025,929) في النصف الأول، و(3,327,726) في النصف الثاني، وهو أعلى رقم مسجل حتى الآن.
غير أن عام 2024 شهد تراجعًا حادًا في أعداد السياح، إذ انخفض العدد إلى (2,786,000) مليونين وسبعمئة وستة وثمانين ألف سائح فقط، منهم (1,333,775) في النصف الأول، و(1,452,225) في النصف الثاني.
أما المفاجأة، فجاءت في النصف الأول من عام 2025 ، إذ بلغ عدد السياح (3,292,000) ثلاثة ملايين ومئتين واثنين وتسعين ألفًا، متجاوزًا بذلك عدد السياح في النصف الأول من عام 2024 بشكل ملحوظ. وفي شهر حزيران من العام 2025، ارتفع العدد إلى (595,000) خمسمئة وخمسة وتسعين ألف سائح، مقارنة مع (551,000) خمسمئة وواحد وخمسين ألفًا عام 2024 و(542,721) خمسمئة واثنين وأربعين ألفًا وسبعمئة وواحد وعشرين عام 2023. كما سجّل الربع الثاني من عام 2025 رقمًا قياسيًا بلغ (1,784,000) مليونًا وسبعمئة وأربعة وثمانين ألف سائح، مقارنة مع (145,2000) في الفترة نفسها من العام السابق.
أما على صعيد الدخل السياحي، فقد ارتفع من (1.53) مليار مليار وخمسمئة وثلاثين مليون دينار في عام 2022 ، إلى (2.17) مليار مليارين ومئة وسبعة عشر مليون دينار في عام 2025 ، مرورًا بـ(2.04) مليارين وأربعة ملايين في عام 2023 ، و(1.873) مليار وثمانمئة وثلاثة وسبعين مليونًا في عام 2024.
ورغم هذه المؤشرات التي تعكس نموًا واضحًا في أعداد السياح والدخل السياحي، إلا أن الواقع الميداني يبدو مغايرًا. حيث تشير تقارير ممثلي القطاع الخاص إلى حالة ركود غير مسبوقة، لا سيما في مدينة البترا، حيث أفادت فنادق ومزودو خدمات سياحية بتراجع نسب الإشغال بنسب كبيرة.
هذا الحال بين الأرقام الرسمية والواقع الفعلي يثير تساؤلات مشروعة: كيف يمكن تفسير نمو الأرقام من جهة، مقابل تراجع ملموس في النشاط السياحي على أرض الواقع، واستمرار الشكوى من القطاع الخاص؟ ما السر وراء هذا الانفصال الواضح بين البيانات الرسمية وما يعيشه القطاع يوميًا؟
وفي سياق متصل، اتخذ مجلس الوزراء مؤخرًا قرارًا بالموافقة على أن تتحمَّل الحكومة كافة الفوائد المترتبة على القروض الجديدة التي تُمنح لمكاتب وكلاء السياحة والفنادق السياحية (باستثناء الفنادق من فئة خمس نجوم) من البنوك العاملة في المملكة، وهو ما يعكس اعترافًا ضمنيًا بوجود أزمة حقيقية. فهل يُعقل أن تتخذ الحكومة مثل هذا القرار في ظل نمو يفترض أن يكون إيجابيًا ومبشرًا؟ هل يفتقر القطاع الخاص إلى أدوات الرصد الكافية؟ أم أن الأرقام بحاجة إلى مراجعة وتدقيق أعمق؟
كما تطرح المرحلة تساؤلات أخرى: هل تغيرت نوعية السياح في عام 2025؟ هل بات الزائر يفضل الإقامة خارج الفنادق التقليدية؟ ما أثر التطورات السياسية الإقليمية على هذه الأرقام؟ ولماذا لا ينعكس هذا النمو على مزودي الخدمات المحليين؟
إنها بالفعل ظاهرة محيرة، تستدعي تفسيرًا وتعاونًا بين القطاعين العام والخاص، لتوحيد الرواية بين ما هو رقمي وما هو واقعي. ذلك أن حماية ثقة المستثمر والمواطن في هذا القطاع الحيوي، الذي يشكل أحد أعمدة الاقتصاد الأردني، باتت مسؤولية وطنية لا تقبل التأجيل.