اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
طاهر المصري.. رجل الدولة الوحيد الذي خاطبه الحسين بالقول: أنت أشرف سياسي تعاملت معه! #عاجل
كتب د. محمد أبو بكر -
كان اللقاء الأول لي مع دولة طاهر المصري قبل حوالي ست سنوات خلال مقابلة مطولة، كنت أرغب بأن تمتد لأكثر من ذلك، فالرجل خزان يطفح بالمعلومات الشيقة، تاريخ يمتد لعقود، لا يمكن لك أن تملّ من الجلوس في حضرته، يكفي دماثة الخلق، وهذه العائلة الكريمة التي خرج منها الكثير من السياسيين والإقتصاديين ورجال الأعمال .
طاهر المصري؛ يجدر أن نتحرش به دائما، هو التحرش اللذيذ بشخصية سياسية ربما لا تتكرر، رجل ناصع كبياض الثلج، لم يتلوث أو يتلون، لم يرتكب أياً من الموبقات السياسية، أو حتى المالية، ذاكرة سياسية ولا أروع، المتعة هنا سيدة الموقف حين تكون في حضرته.
كان حضوره لافتا في كافة المواقع الرسمية، وربما هو من تفرّد بتولي رئاسة السلطتين التنفيذية والتشريعية، رئيسا للوزراء والأعيان والنواب، ووزيرا لأول مرة في بدايات سبعينيات القرن الماضي، وسفيرا لما يقارب العشر سنوات .
من أهم مفاصل حياة أبي نشأت حين تولّى رئاسة الوزراء، في ظرف دقيق جدا، حيث كان التحضير لمؤتمر مدريد للسلام، فترة هي الأكثر حساسية، حيث استقال وزير الخارجية آنذاك، الدكتور عبد الله النسور، فما كان منه إلا الإتصال بالمرحوم كامل أبو جابر لتولي هذا المنصب، وترؤس الوفد الأردني الفلسطيني المشترك، وأبلغ المصري أبو جابر بأن جلالة الملك ينتظره في غرفة الحرس الملكي لأداء القسم.
كان تلك الشهور في رئاسة الوزراء زاخرة بأحدث كثيرة، شهدت نوعا من الصدام داخل المجلس النيابي، كان يمكن للمصري التنسيب بحل النواب، ولكنه آثر الاستقالة، وأبدى استعدادا لأن يكون وزيرا للخارجية في اي حكومة مقبلة، حينها خاطبه الملك حسين بقولته الشهيرة.. أنت أشرف سياسي تعاملت معه يا طاهر.
فالرجل له من اسمه نصيب ، ورغم اختلافه مع العديد من القوى ، وهذا وضع طبيعي ، فقد بقي الرجل محطّ تقدير واحترام بالغين حتى يومنا هذا ، فتواضع المصري يجذبك ، ويصفه الكثيرون بأنه ضمير السياسة الأردنية.
حين تجلس مع أبي نشأت يأتيك الإحساس والشعور بأنك أمام قامة سياسية قلّ نظيرها في عالم اليوم ، يفتح دفاتره السياسية ، وما أكثرها ، منذ بواكير الطفولة والمدرسة في نابلس وصولا للجامعة الأمريكية في بيروت حتى الوصول إلى تكساس حيث شهادة الماجستير .
طاهر المصري عاش في جيل تفاعل مع كل حدث وطني ، ومازال هذا التفاعل حتى اللحظة ، فكيف يمكن لشخصية كطاهر المصري أن يكون بعيدا عن الأحداث ، رغم الوضع الصحي ، ولكنه مازال يتابع ويقرأ ويكتب ، ليس بعيدا عن تفاصيل ما يجري ، لا بل ويشعر بغصّة في حلقه من حال الأمة ، وهو الذي يرى بأنها قادرة على النهوض مرة أخرى إن خلصت النوايا .
كل التمنيات لدولة الأستاذ طاهر المصري بالصحة والعافية ، وأن يستمر في عطائه ، فالساحة السياسية الأردنية والعربية بحاجة لكل شخص طاهر مثلك ياطاهر .
هي عجالة نتذكّر فيها هذا السياسي العريق ، الذي يستحق منّا أكثر من ذلك ، فالجعبة متخمة بالمزيد عن أبي نشأت ، الذي لم تغيره الظروف ولم يتبدّل أبدا ، هذا العاشق الأبدي للأردن وفلسطين .












































