اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
رم -
بقلم د مي بكليزي
نعم، لماذا تلك الطوابير التي اصطفت قبل حضوره في تمام الخامسة في معرض عمّان الدولي للكتاب؟
لماذا تلك الشرائح المختلفة من الذوّاقة والقرّاء الذين تآلفوا عليه؟ فكانت فئة الشباب، وهي الشريحة الأكبر، في مقدّمة المنتظرين لساعات طوال لعلّهم يحظون بلقطة أو توقيع من يديه.
ولم يغب 'الشباب الكبار' – كما أحبّ أن أسميهم – عن هذا المشهد؛ إذ وقفوا ملتزمين بهذا الانتظار المرهق لرؤيته والتحدث معه أيضًا.
اللافت في تلك اللحظات كان تلك البسمات المضيئة والأعناق المشرئبة لمراقبته، والعيون المتلهّفة لرؤيته.
ونعيد السؤال: لماذا د. خالد غطاس؟
بعد اختراقي للجُموع المحتشدة والتقاطي بعض الصور لهم، سألت بعضًا منهم:
إحداهن قالت: 'أستمتع بما أقرأ له.'
وأخرى أجابتني: 'عندما أقرأ له أولد من جديد، نعم أجد نفسي.'
أما ثالث فقال: 'أرغب في رؤية من أسمعه وأتابعه على مواقع التواصل.'
ولم تَفُت الأديبة رجاء عبد الهادي فرصة المشاركة في الإجابة، وأصرّت على ذكر اسمها ضمن المستفتين حول هذه الظاهرة، فقالت بفرح يفيض على محياها:
'مي، صدقيني، عندما أقرأ له أفرح، أستعيد عافيتي، وأنصت إلى بوح نفسي من خلال كلماته.'
دار بيننا حديث طويل، خلاصة طرقه كانت جميعها تؤدي إلى 'روما'… مدينة الجمهور العريض الذي يحظى به د. خالد غطاس.
نستنتج من ذلك أنّ جيل الشباب الصاعد، الذي يُعاب عليه كثيرًا فقدان شغفه بالقراءة أو هجرانه لها، نراه اليوم يقف في طوابير ويدفع مبالغ غير متواضعة ليقتني كتابًا، أظنّه يقرؤه ويتماهى مع كلماته وفحواه.
وهنا يطرح السؤال الكبير نفسه:
كيف استطاع هذا الغطاس أن يوصل هذا الجيل إلى الكتاب وينتشله من غواية الهواتف الذكية ومُتعلّقاتها؟
سؤال كبير أجاب عنه قربُ الكاتب من وعيهم، وتفهّمه لميولهم وتوجّهاتهم الفطرية التي تُعيد حوار الإنسان مع نفسه؛ فمنها المبتدأ والمآل.
لقد أُثير الكثير من الجدل حول التنمية البشرية: أهي بيع للوهم، أم حقيقة، أم تجارة بأحلام الشباب وطموحاتهم؟
لكن جاء غطاس ليعرض 'بضاعة الروح والعقل' معًا، في حوارية بسيطة تقترب من العبقرية، تتيح للقارئ أن ينصت لصوت ضميره الحي، فيُثمر وعيًا زاهرًا يُعينه على فهم حياتنا المعقّدة. فهو متمكن علميا لم يطرق باب التنمية البشرية بسطحية تقود إلى شتات الأمر وتفاهة الطرح و ضياع المعنى.
بقلم
د مي بكليزي