اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٧ أيار ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
كتب باسم البقور - رغم إفشال المخطط الإرهابي للخلايا الإخوانية المسلحة و إنفاذ القرار القضائي بحظر الجماعة، إلا أن السؤال المعنون اعلاه و غيره من الأسئلة ما زال مطروحا بقوة إذ يريد الشعب الأردني و تحديدا الفئة المتعاطفة إجابات من قبل جماعة اخوان الأردن. الشعب الأردني الذي لم يقصر في دعم صناديق الإخوان النيابية و زيادة الزخم في مظاهراتهم، و السكوت احيانا عن التحريض و التشكيك الذي كانوا يمارسونه ضد الدولة الاردنية، بل و الدفاع عن الجماعة حتى لو حادت عن الصواب ، و هو الامر الذي شكل عائقا امام صانع القرار الاردني من إنفاذ احكام القضاء بحق هذه الجماعه منذ سنوات طويلة .
إشكالية التعاطف الديني و السياسي مع التنظيمات ذات الصبغة،الاسلامية ليست حصرا على المجتمع الأردني ، و انما إشكاليه عامة لدى الشعوب العربية و الإسلامية ، وهي نتاج للموروث الديني الذي شوهته التيارات الإسلامية الديماغوجية ، التي استطاعت بالتناقل - وصولا للإخوان المسلمين و التنظيمات المتطرفه - من ترسيخه و كأنه الدين الصحيح ، و إيهامنا بأنهم المستخلفين في الأرض و ما عليها ، و التمادي في إظهار نفسها دوما بدور الضحية، و تصوير مواجهتها بفرض سيادة القانون وكأنه استهداف للدين الإسلامي. كل هذا عبر بناء خطاب ديني تشددي مأزوم ومستند إلى تأويلات دينية تحقق أهدافهم. وكان لهم كبير الدور في إيصال مجتمعاتنا إلى حالة من الإنغلاق الفكري و الكسل الذهني ، .
فكريا ، الأخ المسلم ، و هي الحقيقة المتستر عليها ، لا يؤمن على الإطلاق بمفهوم الدولة الوطنية و قيم الولاء و الانتماء ، فالمناهج التربوية الإخوانية ذات الأبواب و الفصول الطويلة هدفها التأسيس لعقلية ' الخلافة الإسلامية ' العابرة للحدود والرافضة لمفهوم الأوطان ، و ليس بالسلم كما قد يتوهم البعض بل بالانقلاب و إشاعة الفوضى و الإرهاب ، و من يشكك بذلك ليراجع ما خطه سيد قطب الأب الروحي للجماعة، و للتنظيمات الجهادية كالقاعدة و تفرعاتها ، و التاريخ شاهد على أدوار قيادات اخوانية في إطلاق نواة تنظيم القاعدة ، و ما من داع هنا لسرد الاسماء ، و لكن لا بد من استذكار مشاركة نواب حزب الجبهة في عزاء الزرقاوي بعد استمزاج مراقب عام اخوان الأردن انذاك ، و عدم ادانة تفجيرات فنادق عمان ، بل و الإشادة ايضا بالعمليات الانتحارية من غير الاخوان ، للإغرار بالشباب و جرهم للموت و العبث بالأمن و إيقاع الضحايا البريئة ، و للأسف كله بأسم الدين البريء من هذه التيارات المارقة و الدموية .
بعد الاستفلاس الاخواني العالمي عبر العقود الماضية من تنفيذ و إنجاح مخططاتهم ، كان لا بد من اجتراح آليات جديدة للخروج من العمل السري للعمل العلني ، فخرجوا علينا بأيديولوجيا جديدة تسمى ' الإسلام السياسي ' ، لاقناع الغرب و العرب و المسلمين بحضارية و مدنية الدعوة الاسلامية المخالفة طبعا لدواخلهم الحقيقية ، الفكرية و المسلكية ، و كان ايضا ذو صبغه عالمية و ليست وطنية ، لكن الدول هي الهدف الاول في المرحلة الاولى ثم الامتداد و الترابط العالمي ، و في الأردن جاءت الفرصة مواتيه لهم بعد إلغاء الأحكام العرفية عام ١٩٨٩ و اصدار قانون الأحزاب عام ١٩٩٢ ، لولادة حزب جبهة العمل الإسلامي من رحم الاخوان، ليكون الممثل للإسلام السياسي ، فالغاية تبرر الوسيلة و التقية السياسية جائزة ، على الرغم من ان الدولة الأردنية كانت قد منحت الجماعه قبل ذلك حرية العمل السياسي منذ تأسيسها ، احتراما لتأريخية العلاقة مع الإخوان ، لنتفاجأ ان الحزب و بعد عقود من العمل السياسي بأريحية و اختراق منظومة المجتمع الأردني و تحقيق الجزء الأكبر من مخططاته هو نفسه كان الحاضنة لبعض كوادرهم المتورطة بالخلايا المسلحة باعترافهم بألسنتهم ، و بإشراف اخوان الأردن و التنظيم الدولي للإخوان و حماس الخارج ،
و لذا فعلى الدولة أن تأخذ بالحسبان بأننا لا نمتلك ترف الوقت ، فالتنظيم الدولي اعلن الأردن و الخليج العربي ساحات صراع ، ودعا إلى التظاهر و حمل السلاح و الانقلاب على الدولة. و الخلايا المسلحة التي أجهضتها دائرة المخابرات العامه بحرفية قيادتها و النشامى من كوادرها ، بالبعدين الأمني و القانوني حجة دامغة على المشككين و مسوغا وطنيا للوقوف ضدها .
القصة لم تنته ، و لن تنتهي ، ما دامت هذه التنظيمات في ظهرانينا و عقدتهم الرئيسية الوصول للحكم ، فسياسة الاحتواء والاتكاء على مبدأ التعددية و السماحة السياسية التي مارستها الدولة الأردنية مع الإخوان المسلمين ، لن تفضي إلى مواصلة بناء و تطور الدولة المدنية و الديمقراطية ، و الدين لا يحكم الشعوب سياسيا، و التنظيمات الدينية لا تملك الوصاية على الحكم، ولا منح صكوك الغفران.
والمملكة الأردنية الهاشمية أرض الحضارات، تحت القيادة المنحدرة من نسب النبي صاحبة الاحقية الدينية، ما فتئت عن إيلاء الجهود و استثمار المؤسسة الدينية و المساجد و الجامعات و المراكز في اداء الواجب التنويري تجاه الدين المعتدل الذي يوازن بين المصلحة الوطنية و المجتمعية ، حتى اصبحنا و جلالة الملك الأبرز عالميا في مسألة نشر الاعتدال الإسلامي و لنا في رسالة عمان التي ما زالت تجوب العالم مثالا. فليكن الدين لله و الوطن للجميع .