اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة مدار الساعة الإخبارية
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
في زمن الانهيار الأخلاقي والتلاعب بالعقول باسم الدين، تصدّرت قيادات الإخوان المسلمين في مصر وفلسطين مسرح العبث، وقدمت للأمة سلسلة من التخاريف والأساطير التي لا يقبلها عقل ولا يسندها نقل. في مصر، قالوا إن جبريل نزل في ميدان رابعة، وإن الصلاة هناك خير من الصلاة في المسجد النبوي، وروّجوا لأوهام مقدسة حول الخيام والمكرفونات والمنصات، حتى اختُزلت العقيدة في لافتة وهتاف، واستُبدلت الشريعة بمهرجان تعبئة شعبية. أما في فلسطين، فقد بشّرنا أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وعبد الله عزام وغيرهم ( رحمهم الله جميعا ) من رموز المشروع الإخواني بأن إسرائيل ستزول خلال أعوام محددة، حددوها بدقة مذهلة: 2024، 2027، 2028. لم تكن نبوءات، بل مجرد إسقاطات نفسية لتضخيم الذات وإسكات العقول، لكنها تحوّلت إلى عقيدة جماهيرية راسخة بفضل ماكينة خطابية تعيش على التجييش والتغرير.هكذا تم بناء جيل كامل على الوهم، لا على الاستعداد، وعلى الانتظار، لا على الإنجاز. جيل تربّى على أن النصر قدرٌ مؤجل، لا نتيجة عمل، وعلى أن الوعود تغني عن الأسباب. جيل تم حقنه بعقيدة الانتصار الحتمي دون أدوات، وبأن الهزائم ما هي إلا ابتلاءات ستعقبها معجزات. والنتيجة كانت مروّعة: أكثر من ثمانين ألف شهيد، ربع مليون جريح، ومليون نازح، مقابل خطابات بطولية، وصفقات أسرى ظاهرها النخوة وباطنها خراب غزة من الوريد إلى الوريد.ولم يتوقف أثر هذا الفكر عند حدود غزة أو مصر، بل امتد ليصنع جيلاً مضادًا في أوطاننا، جيلًا يرى في جيشه الوطني خائنًا، وفي مؤسساته عدوًا، وفي مشروع الدولة خصمًا لطموحه الخيالي. تم تكريس حالة 'الضد العقيم' التي تحوّلت فيها الجماهير من أدوات للبناء إلى منصات للهدم، ومن شركاء في الوطن إلى خصوم داخليين، لا يرون في الانتماء إلا تبعية، ولا في الولاء إلا خيانة لمشروع التحرير الموهوم. وهنا اصبح تنظيم الاخوان هو الهوية والانتماء وليس الوطن ! ولهذا اعترف النائب ينال فريحات ان هناك عشرات الالف الشباب ( مصدر خطر ) لانه وبكل بساطة يعلم انه تم تربيتهم على العداء للدولة وان قيادة التنظيم كانت تتحكم بذلك حسب المواسم السياسية!والأخطر من كل ذلك أن من يُطالب بالمراجعة يُتهم بالخيانة، ومن يسأل عن النتائج يُساق للمقصلة الأخلاقية، وكأن التدمير قدر لا يُسأل، وكأن العاطفة مقدسة والعقل رجس من عمل الشيطان.إن ما جرى ويجري لا يجوز أن يتكرر في الأردن، ولا في أي مجتمع عاقل يحترم نفسه. يجب أن نمنع هذا التسمم الفكري من اختراق مدارسنا ومساجدنا ونوادينا، وأن نضع حدًا لهذا العبث الذي يصادر الوعي باسم الدين. فلا الدين يأمر بأن ندفع الناس إلى التهلكة، ولا الشريعة تجوّز تسليم الأوطان للخراب باسم صفقة أو نبوءة.إن المسؤولية اليوم أن نعيد تشكيل الوعي، وأن نربّي جيلًا جديدًا يؤمن بالعلم لا بالهتاف، بالمنهج لا بالانفعال، بالحقيقة لا بالأسطورة. جيل يفهم أن الدين لا يُختصر في ساحة اعتصام، ولا يُقاس بقوة الصوت، بل يُبنى بالعقل والحكمة والتخطيط والعمل. جيل يرفض أن تُستثمر دماؤه في مسرحية، أو تُتاجر كرامته في بازار الأوهام.كفى تعبئة جاهلة. كفى تكرارًا للتاريخ بطريقة أسوأ. كفى بيعًا للوهم بعملة الدين.الوعي هو خط الدفاع الأخير، ومن لا يملكه، سيُساق من جديد إلى المذبحة باسم الشهادةوالنصرالمؤجل.
في زمن الانهيار الأخلاقي والتلاعب بالعقول باسم الدين، تصدّرت قيادات الإخوان المسلمين في مصر وفلسطين مسرح العبث، وقدمت للأمة سلسلة من التخاريف والأساطير التي لا يقبلها عقل ولا يسندها نقل. في مصر، قالوا إن جبريل نزل في ميدان رابعة، وإن الصلاة هناك خير من الصلاة في المسجد النبوي، وروّجوا لأوهام مقدسة حول الخيام والمكرفونات والمنصات، حتى اختُزلت العقيدة في لافتة وهتاف، واستُبدلت الشريعة بمهرجان تعبئة شعبية.
أما في فلسطين، فقد بشّرنا أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وعبد الله عزام وغيرهم ( رحمهم الله جميعا ) من رموز المشروع الإخواني بأن إسرائيل ستزول خلال أعوام محددة، حددوها بدقة مذهلة: 2024، 2027، 2028. لم تكن نبوءات، بل مجرد إسقاطات نفسية لتضخيم الذات وإسكات العقول، لكنها تحوّلت إلى عقيدة جماهيرية راسخة بفضل ماكينة خطابية تعيش على التجييش والتغرير.
هكذا تم بناء جيل كامل على الوهم، لا على الاستعداد، وعلى الانتظار، لا على الإنجاز. جيل تربّى على أن النصر قدرٌ مؤجل، لا نتيجة عمل، وعلى أن الوعود تغني عن الأسباب. جيل تم حقنه بعقيدة الانتصار الحتمي دون أدوات، وبأن الهزائم ما هي إلا ابتلاءات ستعقبها معجزات. والنتيجة كانت مروّعة: أكثر من ثمانين ألف شهيد، ربع مليون جريح، ومليون نازح، مقابل خطابات بطولية، وصفقات أسرى ظاهرها النخوة وباطنها خراب غزة من الوريد إلى الوريد.
ولم يتوقف أثر هذا الفكر عند حدود غزة أو مصر، بل امتد ليصنع جيلاً مضادًا في أوطاننا، جيلًا يرى في جيشه الوطني خائنًا، وفي مؤسساته عدوًا، وفي مشروع الدولة خصمًا لطموحه الخيالي. تم تكريس حالة 'الضد العقيم' التي تحوّلت فيها الجماهير من أدوات للبناء إلى منصات للهدم، ومن شركاء في الوطن إلى خصوم داخليين، لا يرون في الانتماء إلا تبعية، ولا في الولاء إلا خيانة لمشروع التحرير الموهوم. وهنا اصبح تنظيم الاخوان هو الهوية والانتماء وليس الوطن ! ولهذا اعترف النائب ينال فريحات ان هناك عشرات الالف الشباب ( مصدر خطر ) لانه وبكل بساطة يعلم انه تم تربيتهم على العداء للدولة وان قيادة التنظيم كانت تتحكم بذلك حسب المواسم السياسية!
والأخطر من كل ذلك أن من يُطالب بالمراجعة يُتهم بالخيانة، ومن يسأل عن النتائج يُساق للمقصلة الأخلاقية، وكأن التدمير قدر لا يُسأل، وكأن العاطفة مقدسة والعقل رجس من عمل الشيطان.
إن ما جرى ويجري لا يجوز أن يتكرر في الأردن، ولا في أي مجتمع عاقل يحترم نفسه. يجب أن نمنع هذا التسمم الفكري من اختراق مدارسنا ومساجدنا ونوادينا، وأن نضع حدًا لهذا العبث الذي يصادر الوعي باسم الدين. فلا الدين يأمر بأن ندفع الناس إلى التهلكة، ولا الشريعة تجوّز تسليم الأوطان للخراب باسم صفقة أو نبوءة.
إن المسؤولية اليوم أن نعيد تشكيل الوعي، وأن نربّي جيلًا جديدًا يؤمن بالعلم لا بالهتاف، بالمنهج لا بالانفعال، بالحقيقة لا بالأسطورة. جيل يفهم أن الدين لا يُختصر في ساحة اعتصام، ولا يُقاس بقوة الصوت، بل يُبنى بالعقل والحكمة والتخطيط والعمل. جيل يرفض أن تُستثمر دماؤه في مسرحية، أو تُتاجر كرامته في بازار الأوهام.
كفى تعبئة جاهلة. كفى تكرارًا للتاريخ بطريقة أسوأ. كفى بيعًا للوهم بعملة الدين.
الوعي هو خط الدفاع الأخير، ومن لا يملكه، سيُساق من جديد إلى المذبحة باسم الشهادةوالنصرالمؤجل.