اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
نعيش زمن الخيانة العظمى!
ايهاب سلامة
أيّ عقل راجح، أو فطرة سويّة، أو صدر فيه بقية من نخوة، وفم فيه لسان يتحرك بالحرف، تُشغله فكرة، أو تستبدّ به قضية، غير الحديث المفجع عن مشاهد الذين يُموَّتون تجويعًا في غزة، لا يحق له أن يكون أو يُوصَف إنسانًا!
أطفال يتأوهون جوعًا، نساء ورجال يتساقطون بأمعائهم الخاوية، أمام شعوب أمة متخمة بالنفط والسُّحت، دون أن ينبس أحد ببنت شفة، أو تنتفض فينا نخوة وكرامة!
أيّ لسان لا ينعقد، وعين لا تدمع، وضمير لا يهتز، أمام أطفال يذوبون من شدة الجوع، ونسوة يُنحن على صغارهن وهنّ لا يملكن إلا النواح.
غزة ليست خبرًا عابرًا، ولا مشهدًا على الشاشات، بل نداء في جوف الليل، صراخ في بطن الفراغ، صوت رضيع يموت وهو يبحث عن قطرة حليب في ثدي أمه الشهيدة!
والله، لو بقيت فينا ذرة من رجولة، أو عرق من مروءة، أو رمق من شرف، ما سكتت لنا جارحة، ولا استراح لنا ضمير، والجوع ينهش أمعاء أهلنا أمام أعينن ترى ولا تُبصر، وأصحابها والأخشاب المسندة سواء.
إننا نعيش زمن الخيانة العظمى، زمن الرضا بالذل، زمن الصمت القاتل، ونحن شهود عليه، وهو شاهد علينا، نحن الشركاء في تدشين مأساته، والملطخة ضمائرنا بدماء الجريمة.
الويل لمن نام وعينه قريرة، والخزي لمن تصالح مع مشاهد التجويع، وتعايش مع رؤية الإبادة، وتطبّع وكأنّ ما يجري في غزة لا يعنيه..
والله، ثم والله، إنّ التاريخ سيلعنه، والسماء ستدينه، والأرض ستلفظه!