اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
جدعون ليفي: عودة إسرائيل إلى حجمها الطبيعي بركة وليست لعنة #عاجل
ترجمة - هآرتس
تتساقط علينا الأخبار السارة، كأنها هدايا من السماء. صحيح أن الإعلام يعرض كل شيء على أنه كوارث وهزائم، لكن منذ زمن طويل، لم يحدث تغيير كهذا قد يبشّر بالأمل؛ وإليكم القائمة: الإسرائيليون والفلسطينيون يمرّون بعملية متسارعة من تدويل الصراع؛ مجلس الأمن يتخذ قراراً يحدد اتجاهاً صحيحاً؛ إسرائيل تعود بسرعة إلى حجمها الحقيقي؛ ومصير الفلسطينيين يُنتزع، شيئاً فشيئاً، من سيطرتها الحصرية. يصعب طلب أكثر من ذلك. ما عُرض في إسرائيل كحزمة هزائم مُذلّة، هو في الواقع مجموعة من التطورات المشجعة.
إن أهم تطوُّر هو إعادة إسرائيل إلى حجمها الحقيقي، فالقوة العظمى عادت إلى كونها قوة عظمى، والدولة التابعة لها عادت إلى مكانها الطبيعي؛ والحالة التي كانت تصعب فيها معرفة مَن في جيب مَن، وتداخُل الأدوار بين القوة العظمى ودولتها التابعة، والتي استمرت عقوداً، وصلت إلى نهايتها. هذه الأخبار جيدة لإسرائيل.
لقد انتهى جنون العظمة، وتوقّف جنون الكبرياء لدى الدولة التي كانت تعتبر نفسها قادرة على كل شيء، فهي لم تعُد كذلك، وهذا جيد. لم تعُد إسرائيل قادرة على فعل ما تشاء. بالنسبة إلى قطاع غزة، كان يجب إنهاء الإبادة الجماعية، ليس لأن بنيامين نتنياهو أراد ذلك، بل لأن دونالد ترامب أمر بذلك. فلولاه، لاستمر الذبح.
حتى إن 'الهزيمة' المتمثلة في تزويد السعودية بطائرات F-35 ليست بالضرورة هزيمة، فتنويع مصادر السلاح في المنطقة قد يؤدي إلى كبح جماح إسرائيل، التي تصرفت حتى الآن مثل بلطجي الحيّ الذي يخشاه الجميع. تقصف وتقتل... وتنتهك كل سيادة ممكنة في المنطقة، كأن كل شيء مباح لها من دون أن تُعاقَب على شيء.
هذا انتهى. وهذا جيد لإسرائيل، لأن بعض الكوارث التي حلّت بها كانت نتيجة مباشرة لغطرستها ونزعتها إلى القوة، كأنه لم يكن هناك دولة أُخرى سواها. الآن يوجد؛ فالطائرة الأكثر تطوراً في العالم لم تعُد في يدها وحدها، وستضطر إلى توخّي الحذر، قبل الضربة الجوية التالية في المنطقة، وتُعتبر سيطرة الولايات المتحدة على ما يجري في قطاع غزة تطوراً إيجابياً. ما تعرفه إسرائيل في القطاع رأيناه لعقود، وبشكل أوضح في السنتين الأخيرتين. والنتيجة: غزة مقبرة. الآن، جاء شاب جديد إلى الحي، سنرى ما الذي يعرفه، وكيف يتصرف. فأسوأ ممّا فعلته إسرائيل لم يعُد ممكناً.
قد يؤدي انتزاع السيطرة من يد إسرائيل إلى خطوة مماثلة في الضفة الغربية. الآن، يتطور الأمر إلى حدٍّ يشبه الحلم: دخول قوة دولية إلى الضفة، وحده يمكن أن ينهي الوضع الذي يعيش فيه شعب لا حول له ولا قوة، بلا حماية، وبلا حقوق، بينما يسيء الشعب الآخر معاملته بلا توقف. هذه الرؤية لا تزال بعيدة، لكنها قد تتحقق.
حالياً، تقوّي الولايات المتحدة علاقاتها بالسعودية: أين الضرر في ذلك بالنسبة إلى إسرائيل؟ باتت إسرائيل تطالب بتعويضٍ عن المساس بـ'تفوّقها النوعي'، كأن هذا التفوّق النوعي وعدٌ إلهي، مع حقوقها الحصرية على الأرض. على أي أساس تعتقد إسرائيل أن من حقها وحدها التسلح إلى هذا الحد، وأن هذا لا يحق لغيرها؟
هجمات في كل مكان لا يعجبها ما يحدث فيه، خروقات فاضحة لوقف إطلاق النار، اغتيالات وأعمال إرهابية. إسرائيل لا تعتقد فقط أن كل شيء مباح لها، بل تعتقد أيضاً أن لا أحد آخر مسموح له بشيء.
هذا الجو أفسدها، وربما سينتهي الآن. فعندما تصبح إسرائيل أكثر تواضعاً في طموحاتها وأقل تسلُّحاً بأسلحة هجومية مجنونة، قد يكون لديها فرصة لتصبح مقبولة أكثر في المنطقة.
في سنة 1970، نشر شبتاي تيفيت [مؤرخ إسرائيلي (1925-2014)] كتابه 'لعنة البركة' - عن الثمن الباهظ للنجاح العسكري الساحق في سنة 1967. الآن، حان وقت 'بركة اللعنة': ليست لعنات تتساقط علينا، بل ربما بركات تشير إلى نهاية عصر المسيانية والتعالي على الجميع وبداية العودة إلى الواقع.
* جدعون ليفي












































