المظاهرات و الفتنة

إن الادوات السياسية التي تلجأ اليها الشعوب و الدول للضغط باتجاه قضية ما متعددة و ان كانت محدودة لكنها لا ترقى او تماثل القوة العسكرية لأنها غالبا ما توقع الأثر على المدى البعيد و ليس المنظور القريب بينما استخدام القوة الزاجرة من شأنها ان تحدث تغييرا سريعا في مجريات تلك الحرب فالعدوان على غزة ادى بكثير من الشعوب لإستخدام ادوات ضغط سياسية و شعبية بغية الوصول الى ايقاف الابادة الجماعية الممنهجة التي ينهجها العدو الصهيوني في ظل دعم عدد من القوى العظمى لهذه الإبادة والتي وصلت الى حد الدعم العسكري المهول للكيان الصهيوني من الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و المانيا وفرنسا و دول أخرى حتى يمعن في قتل المدينين و التمثيل بجثثهم ثم ليستمر في خطة التهجير لإخلاء قطاع غزة بعد ان هجر اهله قسرا الى مدينة حدودية صغيرة تسمى رفح التي بات يهدد باجتياحها من خلال الدعم العسكري الأمريكي والالماني والبريطاني الكبير المستمر له استكمالا للمشروع الارهابي في تهجير أهالي قطاع غزة .

ومن تلك الادوات التي تستخدمها الشعوب والدول بعيدا عن التدخل العسكري اقامة دعوى لدى المحكمة الجنائية الدولة كما فعلت دولة جنوب افريقيا او ان يتم طرد البعثة الدبلوماسية بشكل كامل او جزئي كما حدث في الاردن وعدد من الدول و المقاطعة الشعبية والرسمية للشركات الداعمة للعدوان الصهيوني على غزة  كذلك المقاطعة الاقتصادية الدولية بكافة اشكالها بالاضافة الى الحراك الدبلوماسي الكبير المؤثركدول كثيرة منها الاردن و اسبانيا و التعبير السلمي من خلال المظاهرات كما حدثت بشكل مستمر غير منقطع في اوروبا و امريكا و اليابان و معظم دول العالم ومنها ارض اشقاء فلسطين الاردن  لتنسجم مع الموقف الرسمي الاردني .

 إن المظاهرات في شتى انحاء العالم شكلت ضغطا شعبيا كبيرا على الرأي العام العالمي وتحفز معها النظام الدولي و كذلك العديد من الأنظمة الوطنية من خلال اتاحة استمرار هذه المظاهرات لتحقيق اهدافها وهي وقف الابادة الجماعية و فتح المعابر امام المساعدات الغذائية و الطبية  بذات الوقت التي تعمل فيه وحدات  العدو الصهيوني الاستخباراتية لإجهاض هذا التظاهر الكبير خصوصا في الدول التي تشكل اهمية استراتيجة كبرى للعدو الصهيوني كدول الجوار التي اشتعلت فيها المظاهرات منذ نهاية شهر اكتوبر من العام الماضي 2023 بداية العدوان الغاشم على اهل غزة حيث تعمل وحداته الاستخباراتية على تجنيد العديد من العملاء داخل فلسطين و غزة و خارجها ، من أجل خدمة المشروع الصهيوني وتحقيق مصالحه ومن ضمن اعمالهم زج الفتنة و التخريب في مظاهرات كبيرة من شأنها ان تؤثر في الرأي العالمي مما تدفع بالتأثير الفكري على بعض المتظاهرين و توجيههم الى التخريب و التكسير ومعاداة الدولة الحاضنة للمظاهرات و جيشها و قوات امنها كاحراق الممتلكات العامة و تعريض حياة افراد الأمن للخطر مما يتيح المجال للفوضى وتحقق الصهيونية مرادها من ذلك بانهاء حالة تعبير شعبي كبير ضد ابادتها الجماعية و مشروعها الاحتلالي الغاشم الى فتنة داخل هذه الدول بالاضافة بالطبع الى ادوات الذكاء الصناعي و وحدات التلاعب بمواقع التواصل الاجتماعي و بث المنشورات التي تعيث بالارض فسادأ و تؤجج الفتنة بين ابناء الشعب الواحد .

إن الموقف الاردني مع الأهل في غزة وفلسطين كان موحدا بكافة اطيافه السياسية و الشعبية و الرسمية لوقف العدوان الغاشم على غزة سواء في الموقف الرسمي لقيادته او الشعبي للأردن بشكل عام متضمنا الوحدات السياسية في النسيج الاردني .

فلقد شكلت المظاهرات في الاردن منذ ستة أشهر دعما و اضحا للاشقاء في غزة و أثرت في الرأي العام العالمي و بقي مسارها ايجابي دون افراط بالوطن او تفريط في دعم اهل غزة العزة مؤكدين على نهجهم كأردنيين منذ ان ساندوا فلسطين و أهل غزة بدمائهم و أرواحهم و اموالهم منذ عام 1948 و دماء شرفاء الأردن في معركة باب الواد و اللطرون و الكرامة شاهد ودليل  فلقد استشهد بواسل  الجيش العربي الاردني افراد وضباط من ابناء العشائر الأردنية  و ملكهم على اسوار القدس الشريف دفاعا عن حمى فلسطين وكذلك سيبقون جنود الأردن الاوفياء لفلسطين وغزة ولكن لن يكونوا رجالا او جنودا لأي شخص خارج الأردن أو في اي جهة بالعالم مهما كانت مكانته و سيبقى الأردنيون بإذن الله حملة القضية الفلسطينية و اشقاء كل فتاة و شاب اب ام في غزة حتى يصل هذا الشعب الشقيق الى مأمنه ودولته المستقلة .

كما يجب ان يمنع وعينا اختراق الوحدات الاستخباراتية الصهيونية لمظاهراتنا و محاولته شيطنتها و احداث الفتنة بين أبناء الشعب الأردني الواحد لتضعف الجبهات الشعبية المعارضة للعدوان على غزة و المساندة للأهل في غزة العزة كما يجب ان يرفض جميع الاردنيون و بشدة ان تنحرف البوصلة عن مناصرة أهلنا في غزة باتجاه الفتنة و الاعتداء على الوطن ورجال امنه وتهديد أمن الأردن و واستقراره و اصدار عبارات إلى رجال الأمن مخزية و مسيئة كالتي شتمت أعراضهم او نادتهم اخرى بأنهم صهاينه فهؤلاء الرجال الاردنين الذين يتركون اسرهم أطفالهم في شهر رمضان المبارك من أجل أمن الأردن واستقراره لايجوز ان يقابلوا باعتبارهم عدو فالعدو واضح ومتربص بالأمة جمعاء

ومن هنا علي كل شبابنا الغيور على الاردن و غزة ان يتكاتفوا ويتحدوا مع الوطن ورجال الأمن ضد الكيان الصهيوني الغاشم فحين نكون معا نصبح أقوى واقدر على مناصرة اهل غزة العزة و فلسطين الشرف و العروبة.

*عضو اللجنة الأكاديمية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني