اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الفلسطينيون يحذرون من مشروع إسرائيلي للتملك في الضفة #عاجل
«إلغاء التمييز في شراء العقارات في يهودا والسامرة» (التسمية التوراتية للضفة الغربية المحتلة)، هو عنوان مشروع القانون الإسرائيلي الجديد الذي صادقت عليه لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يوم الثلاثاء الماضي في القراءة الأولى.
وتبدو صياغة الاحتلال لمشروع القانون حاملة لقيمة إيجابية (إلغاء التمييز)، لكن نتائجه بالنسبة للفلسطينيين على العكس تمامًا، إذ يعزز ممارسات الضم وفرض السيادة، ويجعلهما يظهران بصيغ متعددة ولا سيما أنه يترافق مع تراجع المشروع الوطني الفلسطيني.
ويتيح مشروع القانون للمستوطنين شراء عقارات في أي منطقة ضمن الضفة الغربية بشكل مباشر دون المرور عبر الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، الأمر الذي يجعله خطوة متقدمة ضمن مخطط ضم الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
ويحقق القانون هدف إلغاء القانون الأردني المتعلق بتأجير وبيع العقارات للأجانب الساري في الضفة الغربية، والذي يرى فيه المستوطنون «قيودًا» تحد من قدرتهم على الاستيلاء على أراضٍ وعقارات في مناطق «أ» و»ب» و»ج».
وطرح مشروع القانون في نسخته الأولى سنة 2023، وتقدم به أعضاء الكنيست موشيه سولومون، وليمور سون هار ميليخ، ويولي إدلشتاين، ومجموعة أعضاء كنيست آخرين. وأيّده أربعة أعضاء دون أي معارضة.
وجاء في شرح وتفسير اقتراح القانون إسرائيليًا ما نصه: «قانون إيجار وبيع العقارات للأجانب، سُنّ من قبل الحكومة الأردنية سنة 1953، وكان الغرض منه منع الأجانب من شراء الأراضي في الضفة الغربية، أي الأشخاص الذين لا يحملون الجنسية الأردنية أو جنسيات عربية. وقد ظل هذا القانون ساريًا بعد تحرير يهودا والسامرة عام 1967، ومنذ ذلك الحين هو موجّه بالأساس ضد اليهود».
ويؤكد الوزير الفلسطيني مؤيد شعبان، رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أن الأمر يمثّل أحد أخطر القوانين التي تسنّها دولة الاحتلال، رغم تضمّنه مخالفة جسيمة للقانون الدولي وأبسط قواعد حقوق الإنسان الفلسطيني.
ويضيف المسؤول الفلسطيني في حديث لـ»القدس العربي»: «هناك حاجة إلى قراءتين حتى يصبح نافذًا حسب آلية التشريع في دولة الاحتلال. والمعطيات تشير إلى أن الأغلبية اليمينية الفاشية المتطرفة داخل دولة الاحتلال قادرة على تمرير أي قانون، وبالتالي لا نستبعد تمريره والمصادقة عليه».
ويرى أنه «قانون خطير يتيح للمستوطنين إمكانية شراء الأراضي والعقارات في الضفة الغربية بعد أن كان الأمر ممنوعًا، بمعنى أن القانون الأردني رقم 40 لعام 1953، الذي كان يحظر شراء وبيع العقارات لغير العرب والفلسطينيين، وتحديدًا اليهود، سيُلغى، وسيُمنح المستوطنون القدرة على التعامل بالأراضي والعقارات».
ويشير إلى أن خطورة القانون تتمثل في أن دولة الاحتلال ستستخدم كل مؤسساتها لتعقيد آلية إثبات ملكية الفلسطينيين للأراضي، في مقابل تقديم التسهيلات للمستوطنين بهدف الاستحواذ والتملك وبيع الأراضي في الضفة الغربية. و»هذا يعني أن الاحتلال سيسهل تسجيل العقارات لصالح المستوطنين بينما سيضع العراقيل أمام الفلسطينيين».
وسهلت دولة الاحتلال، على مدار سنوات طويلة، عمليات تزوير العقارات والأراضي بهدف تمليك الشركات الاستيطانية وتحويل الملكيات عبر آليات التزوير لصالح هذه الشركات، حسبما يؤكد شعبان.
ويضيف: «نحن ننظر بخطورة بالغة إلى هذا القانون إضافة إلى مخالفته الجسيمة للقانون الدولي، الذي يُلزم القوة القائمة بالاحتلال بالإبقاء على القوانين السارية قبل سيطرتها على المناطق المحتلة، ولا يجيز لها فرض قوانينها الخاصة. وبالتالي، دولة الاحتلال بدأت تنظر من خلال هذا القانون والقوانين الموازية إليه إلى أراضي الضفة الغربية باعتبارها مناطق سيادة إسرائيلية وليست مناطق محتلة، وهنا تكمن خطورة هذا النوع من القوانين».
حزمة قوانين
وإلى جانب مشروع القانون هذا، توجد مجموعة قوانين تسير في الاتجاه نفسه، منها مشروع قانون يهدف إلى رفع القيود العسكرية على شراء المستوطنين «أراضي دولة» داخل الضفة الغربية المحتلة، وقد قدمته النائبة ليمور سون هار ميلخ من كتلة «قوة يهودية» (بزعامة المتطرف إيتمار بن غفير)، ومعها 39 نائبًا من كتل الائتلاف، وأودع بتاريخ 25 تشرين الثاني / نوفمبر 2024.
ويعكس هذا المشروع أيضا «الوضعية ذاتها، إذ لم يحصل على المصادقة ليصبح قانونًا نافذًا فيما يتعلق بأراضي الدولة. ولكن قبل ثمانية شهور، أقدمت دولة الاحتلال على تخصيص نحو 16200 دونم من أراضي الدولة لصالح المستوطنين الرعاة، وهي سابقة. إذ كانت عمليات التخصيص سابقًا تتعلق بالمستوطنات نفسها، ولكن للمرة الأولى تخصّص دولة الاحتلال أراضي لصالح مستوطنين أفراد من الرعاة».
ويرى شعبان أن دولة الاحتلال تسعى من خلال حزمة القوانين هذه إلى «المساس بالطبيعة الجوهرية للأراضي الفلسطينية باعتبار نفسها دولة ذات سيادة على أراضي الضفة الغربية، وهو تغيير جوهري عمّا كان في السابق، حين كانت تعدّ الضفة أراضي محتلة، والآن باتت تعدّها أراضي سيادة».
وهذا ما يتجلى من خلال قانون تمكين المستوطنين من التملك أو شراء أراضي الدولة.
مواقف الأحزاب الإسرائيلية
وعلى عكس مضمون اسم القانون الأول، قال رئيس لجنة الخارجية والأمن، عضو الكنيست بوعاز بيسموت، إن اقتراح القانون المطروح يعزز السيادة على الضفة، و»لا يوجد سبب يمنع اليهودي من شراء أرض في يهودا والسامرة في بلده هو مع حلول عام 2025».
وفي المقابل، قال عضو الكنيست موشيه سولومون إن إسرائيل ارتكبت خـــــطأين جوهريين؛ «الأول هو إقرار القانون سنة 1953، والثاني هو عدم تعديله سنة 1967، حتى بعد عودتهم إلى هناك». وزعم أن «هناك تمييزًا فعليًا بين مواطنين في المنطقة نفسها، بين اليهود والعرب، وهو أمر لا ينبغي حدوثه».
وقال الباحث في مركز «مدار» للدراسات الإسرائيلية الدكتور وليد حباس إن المصادقة على القانون الجديد في القراءة الأولى تعكس ترسيخًا لسياسات الضم وجعلها أكثر واقعية، إذ سيترتب عليه تكثيف ممارسات الاستيطان التي ستشمل عموم الضفة وليس مناطق «ج» فقط.
وأضاف في حديث خاص لـ»القدس العربي»: «المشكلة لا تتوقف هنا، إذ هناك أيضًا أكثر من قانون تنوي إسرائيل سنّه لاستعادة أملاك اليهود التي كانت قبل عام 1948، وتحديدًا تلك التي صادرتها الأردن وحولتها إلى أملاك عدو. وإلى جانب ذلك هناك قرارات بتوسيع الاستيطان في معاليه أدوميم».
ولاحظ ان مشروع القانون يتزامن «مع تحولات تعيشها القضية الفلسطينية وتراجع المشروع الوطني وسيادة قيم الفردية في المجتمع، ما سيؤدي إلى تنامٍ في بعض ممارسات بيع الأراضي والمساكن».
تحذير من عمليات بيع
وشدد على ضرورة معالجة فلسطينية مختلفة، «إذ إن الأمر يتمدد ويتـــــخذ أشكالًا وطرقًا متعددة، بينما نحن نعيش حالة غفلة كبيرة جدًا، وهناك ازدياد للمخاوف فلسطينيًا وقلق من المستقبل، ما قد يؤدي إلى عمليات بيع أكثر وأخطر».
وقالت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» إن مصادقة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست على مشروع القانون تشكل «جريمة جديدة تنتهك الوضع القانوني للضفة كأرض فلسطينية محتلة». وأكدت أن الخطوة تأتي ضمن محاولة لفرض أمر واقع في سياق مشاريع التهويد والضم.
ودعت جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومؤسساتها إلى تحرك «فوري وفاعل» للتصدي لهذه الانتهاكات، وإلزام حكومة الاحتلال بوقف مشاريعها الاستيطانية وعدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
وفي سياق مشابه، قالت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية إن المشروع يحمل طابع الضم ويشكل خرقًا للقانون الدولي. ويأتي هذا المشروع بعد أن صادق الكنيست الشهر الماضي، في القراءة التمهيدية، على مشروع قانون فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، في خطوة وُصفت أنها تمهيد رسمي لضمها بالكامل.
ويضاف هذا القانون إلى ممارســــات إســـرائيلية أعمق، إذ أعلنت سلطات الاحتلال قبل أيــــام أنها قررت نقل مسؤولية خـــــدمات الحـــرم الإبراهيمي في الخليل إلى المؤسسات الاستيطانية وإنهاء صلاحيات بلدية الخليل ووزارة الأوقـــاف الفلــــسطينية.
وفي الاتجاه ذاته، قالت محافظة القدس إن مصادقة ما تسمى لجنة الخارجية والأمن في الكنيست على اقتراح قانون «إلغاء التمييز في شراء العقارات» داخــــل الضــــفة الــــغربية يشكل «اعتداءً تشريعيًا خطيرًا وانـــــقلابًا مبــــاشرًا على الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة».
(القدس العربي)












































