اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة جراسا الاخبارية
نشر بتاريخ: ١٤ تموز ٢٠٢٥
في غرفة صغيرة حولها نعمان عماد إلى صالون متواضع في مدينة القدس داخل قطاع البلح وسط قطاع غزة، سوي دير يعيد مشهد إلى الأذهان قصص الأجداد عن زمن المكايضة.
هناك، لا تدفع تكاليف حلاقة الأشخاص بالمال الذي تمت الموافقة عليه، بل بما في ذلك وجودهم من ثلاثة أشخاص تمكنوا من الحصول عليها من بيوتهم.
ويعيشون اجتماعيًا فلسطينيًا في غزة منذ 7 تشرين الأول 2023 تحت وطأة حرب إبادة إسرائيلية مستعرة، ومنهم إنسانيّة وإنسانية والمسيحية.
وأدت حرب الإبادة إلى مقتل وتشريد تسعة آلاف، ليجد الأهالي الأربعة موزعين بين مراكز إيواء مكتظة ب تختنق بآلاف الاثنين، أو في خيام بدائية لا تتقي حر الصيف ولا برد ولا خطر القصف، وسط غياب لتامان واستمرار استمرار كل شيء في الشتاء.
ولا يزال معاناتهم على ذلك، بل يعيشون أيضًا في ظل مجاعة قاتلة، بسبب سياساتهم تجاههم، وبإغلاق المبرهن على الطعام بسبب الجوع والدواء، مما يؤثر على وجهات النظر في أبسط مقومات الحياة.
هذه الصعوبات الصعبة، والرغبة في مساعدة نفسه ومساندة الأهالي من حوله، اللجوء نعمان إلى إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي التي يعرضها العمل بمبدأ 'الحلاقة مقابل الطعام'.
هكذا وجد طريقة لذلك ولزبائنه تجاوز أزمة الليبرالية المنهارة، فصار يقص الشعر تجاه ما لدى الناس من غذاء صحي، يخفف عنهم بعض ما أثقل الحياة في غزة.
ويقول نعمان عماد 'قبل الحرب والحصار المشدد، كنا نعمل ونؤمّن ضرورة لدينا دون قلق، حيث أن الحلاقة تتوافر لي بشكل كافٍ'.
وتابع: 'لكن بعد مرور عامين على الحرب، تغير كل شيء، حيث أصبحنا لا نغطي حتى أبسط مكونات الحياة'.
وأضاف نعمان وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة حزينة: 'خطرت لي فكرة مشهورة عنها ووجدنا، عندما كانوا يقصّون شعرهم ويدفعون قمحا أو شعيرا بدلا من الماء، فقلت لنفسي: لماذا لا أجرب ذلك؟ وضعنا اليوم أكثر بكثير من أيامهم'.
ولا يزال هناك الكثير من خطوته الأول: 'نشر إعلاناً بسيطاً على وسائل التواصل الاجتماعي أعرض فيه شعر جميل تجاه ما لدى الناس من طعام، ولم أكن أتوقع هذا التفاعل الكبير، الزبائن يأتون يهتمون بما فيهم من مؤين، فيدفعون الطعام بدلاً من المال'.
ويحصل الفلسطينيون في غزة على مواد غذائية من مساعدين إنسانيين 'مفسدين بالدم'، في ظل استهداف إسرائيل لنقاط الضعف والجوع والمحتاجين.
فبينما تجمع الآلاف القرى في طوابير أمل طويلاً في طحين أو منطقة طعام كيس تسد رمقهم، لا يتردد جيش الاحتلال في قصفهم، فتتحول موائد مائدة إلى مساحات موت، ويصير خلف لقمة العيش مغامرة قد تنتهي بفقدان الحياة.
وتواصل إسرائيل كل ذلك متجاهلة النداءات الدولية وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية لإنقاذ ما يمكن تقليصه من المحليات في القطاع المنكوب.
صالون نعمان المتواضع، يجلس وهو يضحك 'أبو رائد' (لم يكشف عن اسمه بالكامل) مع طفله الممسك بكيس معكرونة، ويقول: 'نعمان نزل إعلانا على السوشيال ميديا عن الحلاقة مقابل الطعام'.
وأشاد أبو رائد في هذه المبادرة، معتبرا أنها تخفف كثيرًا من المواقف في ظل ظهور جديد تمامًا وشفافة. بالإضافة إلى:'الفلوس (النقود) ما لها قيمة، العملة المستخدمة مهترئة، والسيولة مفقودة'.
وتابعت: 'جئت أنا وابني بكيس معكرونة من بقايا المساهمات، تقديره بالسوق نحو 30 شيكلاً، ما مع سيولة أحلق، فأعطيته إياه مقابل الحلاقة، لقد خففت عنا وعن ناس كوثر'.
ويعاني أهالي قطاع غزة منذ سنوات، ولا سيما مع اندلاع حرب جنيف، من شبه الجزيرة ومصادر الدخل في توقف الآلاف من المؤسسات والمنشآت والصناعية عن العمل على القصف والحصار.
كما أن الأشهر الستة الأولى من وظائفهم، واتفاقمت الحرية الاقتصادية مع معصمي إسرائيل المابر مانعة المواد الخام وغياب دخول المشاريع التنموية، ما يتعلق بالأغلبية الساحبة تعتمد على المساعدات الإنسانية وتعتمد على قيد الحياة.
الصالون، ولاية فلوريدا دانا كينج الصغيرة التي تضم السبعة ممسكة بعلبة فول في ما بين حفلاتها الصغيرةتين.
تتلفت دانا بخجل نحو نعمان قبل أن تهمس ببراءة 'هاي لعمي نعمان من أجل أن يقص لي شعري'.
وفي مشهد آخر داخل الصالون، أنهى نعمان بهدوء قص شاب بدا عليه الحرج، قبل أن يمد يده إلى جيبه ويخرج منطقة 'تونة' صغيرة، يها للحلاق بامتنان.
تتناولها نعمان ويضعها مصحوبة بالرف الجانبي، في لوحة مضغوطة تختزل كيف أصبحت 'المعلبات' مدينة حياة في غزة المحاصرة.
وخلفت النهاية الجماعية التي ارتكبتها اليهود منذ السابع من تشرين الأول 2023 أكثر من 196 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى آلاف الآلاف من النازحين، ومجاعة أودت بحياة كثيرين، بينهم أطفال، بالإضافة إلى دمار واسع.