اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٢ أيار ٢٠٢٥
رم -
أحمد عبد الباسط الرجوب
في الخامس والعشرين من أيار، لا يكتفي الأردنيون بإضاءة الشموع احتفالاً بذكرى الاستقلال، بل يشعلون في القلوب جذوة الفخر، إذ تستعيد الذاكرة الوطنية مسيرة كفاحٍ لم تُكتب بالحبر فقط، بل خُطّت بالتضحيات والصبر والعمل. فذكرى الاستقلال ليست مناسبة عابرة، بل تتويج لقرن من العزيمة، تقاطعت فيه قيادة حكيمة مع شعب لا يعرف الانكسار.
(1)
من الإمارة إلى المملكة: صفحات من ذهب
منذ أن أعلن الملك المؤسس عبد الله الأول عام 1946 ميلاد المملكة الأردنية الهاشمية، ابتدأ فصل جديد من فصول النهضة. وتوالت المحطات المضيئة؛ دستور الملك طلال الذي مزج بين الحداثة والأصالة، ثم عهد الحسين الباني الذي حوّل التحديات إلى فرص، حتى جاء عهد الملك عبد الله الثاني، الذي اختار أن يكون الأردن:
• واحة استقرار وسط إقليم يضج بالصراعات.
• منارة تعليم وطب، تجذب الطلبة والمرضى من شتى بقاع الأرض.
• صوت الاعتدال في عالم يعصف به الغلو والتطرف.
(2)
الجيش العربي والأجهزة الأمنية: درع الوطن وراية كرامته
يوم الاستقلال هو أيضاً يوم الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية، التي صانت السيادة وارتقت بالتضحيات إلى مقام الشهادة. من معركة الكرامة إلى مشاركات حفظ السلام في هاييتي ومالي، أصبح الجندي الأردني رمزاً للانضباط والإنسانية، يختصر رسالته بشعار:
'نحمي الوطن... ونزرع السلام.'
(3)
فلسطين: الجرح النازف والموقف الثابت
لم يكن موقف الأردن من فلسطين يوماً خاضعاً للحسابات أو المصالح، بل نابعاً من الإيمان العميق بالحق والهوية. في العدوان الأخير على غزة، تجسدت المروءة الأردنية في مواقف لا تُنسى:
• أكثر من 100 طائرة مساعدات عبر جسر جوي متواصل.
• مستشفيات ميدانية على حدود غزة لعلاج الأشقاء.
• خطاب الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة:
'فلسطين لن تموت، والقدس ستظل عربية.'
(4)
ملاذ الأشقاء: من العراق إلى سوريا
حين تردّد الآخرون، فتح الأردن قلبه وحدوده، فاستقبل ما يزيد على 1.3 مليون لاجئ سوري، ووفّر لهم التعليم والصحة والمأوى، رغم شحّ موارده. وكما قال جلالة الملك:
'الأردن صُنع ليكون ملاذاً.'
(5)
§ الاقتصاد والتنمية والبيئة والاستدامة
رغم الأزمات المتعاقبة إقليمياً وعالمياً، يمضي الأردن في خطى ثابتة نحو اقتصاد أكثر انفتاحاً وابتكاراً. رؤية التحديث الاقتصادي 2033 تمثل خارطة طريق لبناء اقتصاد منتج يقوده الابتكار، ويحتضن ريادة الأعمال، ويُعلي من قيمة العمل.
§ الشباب والمرأة: ركيزة المستقبل
في دولة فتية كالأردن، يُشكّل الشباب والنساء عماد الحاضر والمستقبل. برامج وطنية عدة تدفع نحو تمكينهم، وتأهيلهم ليكونوا شركاء فاعلين في التنمية وصناعة القرار. فالاستقلال الحقيقي يتحقق عندما يُمنح الجيل القادم مفاتيح التغيير والريادة.
§ الأردن الأخضر
وسط واقع مائي ومناخي شديد الصعوبة، يتقدّم الأردن بمشاريع ريادية مثل مشروع الناقل الوطني للمياه، واستثمارات ضخمة في الطاقة الشمسية، لتتحول الصحراء إلى مصدر للنور والحياة، ويغدو الأردن أنموذجاً إقليمياً في الاستدامة.
(6)
المكانة الدولية: دولة بحجم رسالة
الأردن اليوم ليس فقط نقطة على الخريطة، بل فكرة تحظى باحترام دولي واسع:
§ الأولى عالمياً في تقديم المساعدات الإنسانية نسبة للناتج المحلي (بحسب الأمم المتحدة).
§ من أكثر الدول أماناً في المنطقة (وفق مؤشر السلام العالمي).
§ شريك فاعل في التحالفات ضد الإرهاب، وصوت عاقل في القضايا الدولية.
(7)
الاستقلال مسؤولية يومية
الاحتفال بالاستقلال ليس فقط رفعاً للرايات، بل التزام مستمر. علينا أن نتذكّر أن الحرية مسؤولية، والكرامة تحتاج إلى عمل دؤوب:
§ اقتصادٌ يُبنى بالإبداع لا بالانتظار.
§ شبابٌ يُمنَح الفرص لا الوعود.
§ سياسة خارجية تدافع عن قضايانا لا تتكيّف مع الضغوط.
خاتمة: الأردن فكرة لا تموت
الأردن ليس مجرد جغرافيا، بل حكاية كفاح تُروى جيلاً بعد جيل. هو الخيمة التي لا تسقط مهما اشتدّت العواصف، وهو الفكرة التي تنتصر في كل امتحان. كل عام والأردن أقوى بجنده، أبهى بشعبه، وأرقى برسالته.
هنيئاً لنا بوطنٍ يُكتب مجده كل يوم، وهنيئاً للأردن استقلاله في ظل قيادته الحكيمة المظفرة..
باحث وكاتب اردني