اخبار الاردن
موقع كل يوم -الوقائع الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
الوقائع: أعاينت ندوة عقدت أمس السبت، ضمن البرنامج الثقافي لمعرض عمّان الدولي للكتاب بدورته الـ24، الذي ينظمه اتحاد الناشرين الأردنيين بالتعاون مع وزارة الثقافة، مفهوم الأدب النسوي.
وقدمت الروائية سميحة خريس، في الندوة التي أدارها عبد الله أحمد من مؤسسة مكتبجي، قراءة عميقة لمفهوم الأدب النسوي وتاريخ مشاركة المرأة بالكتابة، مستعرضةً تجربتها الشخصية والتحولات في لغتها السردية.
ولفتت خريس، خلال الندوة، إلى أن الأدب النسوي لا يزال مصطلحاً 'حساساً'، مؤكدةً أن رفض بعض الكاتبات لهذا التصنيف يعود إلى التباس في فهمه.
وشددت على أن هناك فهماً مغلوطاً بأن الأدب النسوي هو الأدب الذي تكتبه النساء، موضحة أن التصنيف الصحيح يتعلق بـ'خصائص الأدب' وليس بخصائص الكاتب، وأن هذا الأدب يحتاج إلى كثير من التعمق والتفكر.
وبيّنت أن تصنيف أي كتابة، حتى لو كتبها رجل، على أنها نسوية يكون إذا امتلكت ثلاث خصائص هي: تناسل الأحداث بعضها من بعض، والخصب في اللغة، والتحليق والتخييل الكبير.
وأشارت إلى أن الأدب النسوي في بداياته واجه تحدياً كبيراً، إذ تحدثت أعمال الكاتبات الرائدات بـ'لغة ذكورية'، وكانت نساؤهن داخل النص 'مقموعات'، لأن اللغة نفسها 'مثقلة بالمحمول الذكوري الثقافي'.
وخريس، التي فسرت تأخر النساء في الكتابة عن الرجال في العالم العربي بسبب بسيط وواضح، وهو أنهن 'تعلمن بعد الرجال'، أكدت أن النساء لم يكن غائبات عن الإبداع الأدبي والفني حتى قبل تعلم القراءة والكتابة، إذ تميزن بالغناء النسائي، مستحضرة طفولتها في مدينة إربد، حيث كانت النساء يقدمن أغانيهن الخاصة، وهو ما شكل لها 'بئراً معرفية وكنزاً'. كما استحضرت الحكاية التخييلية التي شهدت نوعاً من الريادة في الحكاية المتخيلة وقصص ما قبل النوم، بينما كان الرجال يتحدثون بـ'الحكاية العقلانية الواقعية'.
وفي سياق الإبداع المبكر، طرحت خريس نظرية حول انتقال القصص، معتقدة أن 'الذاكرة النسوية' هي التي نقلت قصصاً وجدتها لاحقاً في كتاب ألف ليلة وليلة، بعدما سمعتها من جدتها التي لم تكن تعرف القراءة.
واستعرضت تجربتها الأولى في الكتابة، متذكرةً مقالها الأول، وعمرها 21 عاماً، في صحيفة الاتحاد بأبو ظبي بعنوان 'تعال نهرب من الأرض'، كاشفةً أن صحفياً مصرياً كبيراً هو محمد الخولي اعتقد أن رجلاً كتب المقال، ربما بسبب ما وصفته بـ'جفاف' في لغتها في البداية، وهي تحاول أن تثبت نفسها كصحفية.
وأكدت أن التحول في كتابتها حدث مع روايتها 'شجرة الفهود'، التي كتبتها 'بتداعٍ حر شديد العواطف'، وكانت مما 'عاشته' وليس مما سمعته أو قرأته. كما فوجئت عند إعادة تقييم النص بأن أول شخصية نسائية فيه، وهي الجدة 'فريدة'، كانت 'القامعة' والمسيطرة على مجتمعها، وليست مقموعة، ما يعكس قوة النساء في ذاكرتها الشخصية.
ومتوجّهةً إلى الكاتبات الشابات، أكدت خريس ضرورة اعتبار الكتابة مشروعاً حياتياً، وإذا لم تجد الكاتبة أن الكتابة هي 'مشروعها الفكري والعملي والحياتي الخاص'، فلا داعي لإطالة الموضوع فيه. وشددت على التعامل مع الكتابة كـ'حرفة'، إذ يجب أن تدرك الكاتبة أن الكتابة ليست مجرد 'بوح الروح' أو 'بكائيات وعواطف'، بل هي حرفة تتطلب صبراً وممارسة دقيقة، وإدارة للوقت، إذ تحتاج الكاتبة إلى قدرة على 'تقطيع الوقت بشكل جيد'، نظراً لأدوارها المضاعفة في المجتمع.
وأشادت بقدرة الكاتب اليمني أحمد الزين على الغوص في أعماق المرأة، واصفةً إياه بأنه 'مذهل في فهمه للمرأة' وقدرته على الكتابة بصوت أنثوي حقيقي.
ولفتت إلى أن النظرة القاصرة لكتابة المرأة كانت موجودة في المجتمع الغربي أيضاً، مؤكدة أن كتابة المرأة تكون محدودة ليس لكونها امرأة، بل لأن 'تجربتها في الحياة محدودة' في مجتمعاتنا مقارنة بالرجل الذي يحظى بمساحة أكبر من الحرية والسفر وتنمية المعارف.
وخلصت خريس إلى أن النص الأفضل يتشكل عندما يكون الكاتب قادراً على ربط حياته الخاصة بحياة المجتمع والفكر العام.