اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
ترمومتر الإنسانية
خولة كامل الكردي
شعار الإنسانية طالما صدعت به الدول الغربية باقي دول العالم، و تناست تلك الدول أنها أول من يلقي بهذا الشعار إذا ما تعارضت مع مصالحه بسلة المهملات، فالإنسانية ليس لها أي قيمة عند تلك الدول فكم من حروب و نزاعات نشبت في العالم ، خاصة في منطقة الشرق الأوسط و في القلب منها المنطقة العربية غزة و الضفة الغربية و لم تتخذ الدول الغربية أي إجراء لردع قوات الاحتلال الإسرائيلي، بل العكس تنتقده انتقادا ناعماً في العلن، و في الخفاء تدعمه بالسلاح والعتاد، ضاربة بعرض الحائط و بكل صفاقة قيم و مبادئ الإنسانية التي تدعيها، فهل يوجد أكثر من ذلك نفاق وازدراء للإنسانية ؟!
لا ينسى مناصرو الإنسانية ومن يتشبثون بها من منظمات و مؤسسات و هيئات دولية و أممية و أفرادا ، الانتهاكات التي تمارس بحق البشر في مناطق عدة من هذا العالم، فعانوا الجوع والعطش و البرد و النزوح القسري و التشرد، ولم يحرك مدعي الإنسانية ساكناً لرفع المعاناة عن المضطهدين و المغبونين، فلا يوجد معنى للإنسانية عند الغرب، فكم من أرواح أزهقت بحجج ومبررات واهية، فمن يريد إنقاذ المظلومين لا يرتكب تجاوزات تزيد من معاناتهم و تضع ملحا على الجرح، ويفاقم الأوضاع سوءاً و يزيد من مآسيهم. فبدل أن يمدوا أيديهم لمساعدتهم و حمايتهم من منطق الإنسانية الجامعة للبشر في كوكب الأرض، يتم الاستهانة بإنسانيتهم و تطويعها وفق منافعهم الضيقة. و ما النموذج حرب روسيا و أوكرانيا إلا أبلغ دليل على التلحف بلحاف الإنسانية الزائف، سقط العديد من الضحايا فتداعت أوروبا للحشد ضد روسيا و استحضرت شعار الإنسانية الذي لم يكن لأجل الإنسانية ذاتها و لأجل نصرة المظلوم، بل لأجل المصالح و احتكار الثروات و التحكم بالطرق التجارية الهامة، فدعت إلى مقاطعة روسيا و فرض حصار عليها، فعزلت عن الفعاليات الدولية الاقتصادية و الثقافية و الرياضية، بالمقابل استمرت الحرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة مدة عامين، لم يتخذ الغرب أي إجراءات تذكر لردع الكيان المحتل عن إبادته بحق أهل غزة وفرض عقوبات مشددة عليه، لكنه لم يفعل أي إجراء لمعاقبته فمازال له حضور في العديد من الفعاليات الدولية، رغم سقوط ما يربو عن ٧٠ ألف إنسان غزي بريء و تدمير غزة بصورة شبه كاملة عن بكرة أبيها، وتغول الاحتلال في الإبادة الجماعية و التطهير العرقي بنساء وأطفال غزة، فودع العالم الإنسانية هناك في غزة و أضحى شعارها مجرد شعار خالي من مضمونه يطبق على من يتوافق مصالح و أهواء دول العالم المتحضر!!
ترمومتر الإنسانية لأولئك الذين تتوافق مصالحهم مع مصالح الدول الغربية التي تدعي الحرية والعدالة والمساواة في ظاهر الأمر، و في الباطن لا يعدو كونه شماعة تعلق بها تلك الحكومات الغربية تخاذلهم وتقاعسهم عن الدفاع عن المظلومين، فلا يعدو كونه شعار لا يسمن و لا يغني من جوع فاقديه.












































