اخبار الاردن
موقع كل يوم -سواليف
نشر بتاريخ: ١٤ أيلول ٢٠٢٥
#التعليم_العالي إلى أين؟
#محمد_عاطف_خمايسة
يبقى التعليم العالي بوابة الأمم إلى الغد، ومرآتها التي تعكس طموحاتها أو عجزها. غير أنّ سؤال المستقبل يفرض نفسه: أيّ طريق نسلك ونحن نشهد تحولات سريعة تعصف بسوق العمل، فيما يقف الشباب على أبواب الجامعات بأحلامٍ كبيرة وقلوبٍ قلقة.
لقد صار العالم اليوم يقيس الجامعات بقدرتها على أن تُخرِج إنسانًا يفكّر ويبتكر ويعمل، لا بمجرد ما تمنحه من شهادات. تقارير دولية تؤكد أن أكثر من ثلث أرباب العمل يرون الخريجين عاجزين عن ممارسة مهارات التفكير النقدي والعمل الجماعي، فيما يظل شبح البطالة جاثمًا على صدور الشباب، إذ تجاوزت نسبتهم العاطلة عن العمل عالميًا ١٣%، وهي الأعلى بين جميع الفئات،وفي الاردن تتجاوز النسبة ٤٧% في مشهد مأساوي مؤسف.
لكن التجارب الناجحة تُخبرنا أنّ الطريق ليس مسدودًا. في فنلندا، حيث الجامعة ليست جدرانًا فقط، بل ورشة حياة، يتخرج الشاب وهو يحمل تجربة عملية تجعل ثمانية من كل عشرة يجدون عملًا خلال أشهر قليلة. وفي سنغافورة، يظل الطالب على مقاعد التعلم حتى بعد التخرج، عبر برامج 'مهارات المستقبل' التي تعيد صقل المعارف لتواكب الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي.
من هنا، فإن إصلاح التعليم العالي لا يكون بزيادة مقاعدٍ ولا بتكديس محاضرات، بل بأن نفتح النوافذ على المستقبل: مناهجٌ تتنفس لغة العصر الرقمي، شراكاتٌ تُحوّل الجامعة إلى حديقة عمل وبحث، تعليمٌ لا يتوقف عند سن الشباب بل يمتدّ مدى الحياة، وجامعةٌ تنظر إلى الطالب كطاقة خلاقة لا كرقمٍ في قاعة.
إنه نداء للجامعات أن تتحوّل من مصانع شهادات إلى مصانع أحلام، ومن مدرجاتٍ مغلقة إلى جسورٍ نحو السوق والعالم. عندها فقط، يصبح سؤال 'التعليم العالي إلى أين؟' جوابًا بديهيًا: إلى حيث يصنع الإنسانُ مستقبلَه بيديه.